رواية الإرهاب ودمار الحدباء للأديب عصمت الدوسكي – وثيقة تاريخية

هندة العكرمي – تونس 

إن الذين قرؤوا رواية الأديب عصمت شاهين الدوسكي  الإرهاب ودمار الحدباء وتدبروا معانيها قد وجدوا فيها ما يجانس التصور العصري للتاريخ الذي أشادوا به في كتب الأوربيين ويتأكد أيضا أن التاريخ لم يبقى مقصورا على مدح الملوك والأمراء بل أصبح يهتم بنمو الحضارة وتقهقرها بذات الوقت . وبما أن علم التاريخ يحتاج صاحبه إلى معارف شتى ودراية محيطة ووجاهة ،تضمن علمية نتائجه فإن فكرة الأديب عصمت الدوسكي عن تحول الحضارات وتبدلها فيها إقرار ضمن بحجة دينية ترد التحول إلى سنة الله في خلقه لأنه عمد طوال الرواية إلى عرض السائد بما هو واقع أليم أملته الظروف ،ونقده بطريقة خولت له أن يؤسس مفهوم علم جديد للتاريخ لأن الرواية لا تخلو من الشروط العلمية التي يتوجب على المؤرخ الاتصاف بها في زمن فقد فيه التوثيق 
وأهم هذه الشروط تلك النزعة العلمية التفسيرية التي طغت على كامل الأحداث فوظفها الكاتب بتراكيب وأساليب مستحدثة ركز فيها على علم العمراني بما للعمراني والاستقرار من معنى ، وبما لمعنى السكن والتساكن من تعبير عن حاجة البشر إلى التواصل مع العالم الخارجي ومجالات العلاقات الإنسانية  بمختلف مظاهرها الاجتماعية والطبيعية تلك المظاهر التي تستوجب السكن الذي خصه الراوي بمنزلة هامة ومدلولات لم يختص بها من هم قبله وأصبح للعمران والتساكن والمنزل والبيت والمستقر حسب الرواية إنما هو مجال العلاقات الإنسانية بمختلف جوانبها واتجه إلى ” أحواله ” وتباينها وتطورها .أشعرنا الراوي في سردي رواية واقعية حقيقية بان المناقشة الداخلية في شكل المهاترة ” بما هي الكلام مع الخصم تارة وعلى الخصم تارة أخرى ” التي تنشأ من التنافس وإيثار الغلبة تلك الغلبة التي شعر بها الراوي والتي أفضت به إلى ” المذاكرة ” والمقصود منها طلب الفائدة من شرد الأحداث والمنافسة على تسجيل التاريخ وتأريخ الأحداث فركز على البلاغة في الوصف لأن البلاغة هي الأصل في بلوغ المعنى المقصود على أحسن بيان وقبل أن يصبح التأريخ في القرون الحديثة لغة واقعية  لا لغة رمزية كما كان يقوم سابقا على رموز مخصوصة أي مجرد كلام بليغ يقوم على بيان علاقات النسب بين القبائل والأعراف حسب الأدب القديم فإن الراوي في روايته اعتبر مسألة التاريخ قائمة على البلاغة لأن البلاغة وحدها تثبت صحة ما نقله كأنه يريد أن يؤسس لقاعدة جديدة يثبت فيها الفرقة بين الكتابة التاريخية القديمة والكتابة التاريخية الجديدة بأن الأولى أحيانا رمزية خاصة إذا اعتمدت على تاريخ القبائل والأديان أما الثانية كما وردت في الرواية فهي بلاغية لأنها واقعية موجعة ، مفسرة واضحة فالرواية جاءت مؤخرة معللة ذلك التعليل الحجاجي وأحيانا إلى الوصف الموضح وأخرى إلى السرد المفصل . لهذا لا يمكننا اعتبار الرواية فقط إنتاج ثقافي مكتوب ترجع موضوعاته إلى مشاعر الإنساني وإحساساته وما يعمل في ذهنه من أفكار تخص الفرد في علاقاته بالحياة والأحياء فحسب وإنما هي تاريخ كاشف حافظ للقيم الثابتة في الإنساني والأمة ، الحامل الناقل لمفاتيح التاريخ في شخصية الأمة والإنساني تلك الشخصية التي تتصل فيها حلقات الماضي والحاضر والمستقبل .
والرواية إن كانت في ظاهرها أحداثا وسردا لوقائع مؤلمة إلا أنها تعرض سوء سلوك الحاكم وفساد بطانته وما يحوكه أفراد الدواعش من دسائس نهما بالجاه والسلطة وإرضاء الطموح والمصلحة الخاصة ويبقى التاريخ شاهد على الرواية والرواية شاهدة عليه . 
عنوان الكتاب : 
الإرهاب ودمار الحدباء
رواية واقعية أحداثها من رحم المأساة
اسم المؤلف : عصمت شاهين دوسكي
المراجعة اللغوية : الدكتور هشام عبد الكريم
تصميم الغلاف : الفنان التشكيلي نزار البزاز
رقم الإيداع : 2184 لسنة 2017 م  – مكتبة البدرخانيين في دهوك
الطبعة الأولى – 2017 م
الطبع : مطبعة محافظة دهوك 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم محمود

أول القول ومضة

بدءاً من هذا اليوم، من هذه اللحظة، بتاريخ ” 23 تشرين الثاني 2024 ” سيكون هناك تاريخ آخر بحدثه، والحدث هو ما يضفي على زمانه ومكانه طابعاً، اعتباراً، ولوناً من التحويل في المبنى والمعنى القيَميين والجماليين، العلميين والمعرفيين، حدث هو عبارة عن حركة تغيير في اتجاه التفكير، في رؤية المعيش اليوم والمنظور…

حاورها: إدريس سالم

ماذا يعني أن نكتب؟ ما هي الكتابة الصادقة في زمن الحرب؟ ومتى تشعر بأن الكاتب يكذب ويسرق الإنسان والوطن؟ وهل كلّنا نمتلك الجرأة والشجاعة لأن نكتب عن الحرب، ونغوص في أعماقها وسوداويتها وكافكاويتها، أن نكتب عن الألم ونواجه الرصاص، أن نكتب عن الاستبداد والقمع ومَن يقتل الأبرياء العُزّل، ويؤلّف سيناريوهات لم تكن موجودة…

إبراهيم أمين مؤمن

قصدتُ الأطلال

بثورة من كبريائي وتذللي

***

من شفير الأطلال وأعماقها

وقيعان بحارها وفوق سمائها

وجنتها ونارها

وخيرها وشرها

أتجرع كؤوس الماضي

في نسيج من خيال مستحضر

أسكر بصراخ ودموع

أهو شراب

من حميم جهنم

أم

من أنهار الجنة

***

في سكرات الأطلال

أحيا في هالة ثورية

أجسدها

أصورها

أحادثها

بين أحضاني

أمزجها في كياني

ثم أذوب في كيانها

يشعّ قلبي

كثقب أسود

التهم كل الذكريات

فإذا حان الرحيل

ينتبه

من سكرات الوهم

ف

يحرر كل الذكريات

عندها

أرحل

منفجرا

مندثرا

ف

ألملم أشلائي

لألج الأطلال بالثورة

وألج الأطلال للثورة

***

عجبا لعشقي

أفراشة

يشم…

قررت مبادرة كاتاك الشعرية في بنغلادش هذه السنة منح جائزة كاتاك الأدبية العالمية للشاعر الكردستاني حسين حبش وشعراء آخرين، وذلك “لمساهمته البارزة في الأدب العالمي إلى جانب عدد قليل من الشعراء المهمين للغاية في العالم”، كما ورد في حيثيات منحه الجائزة. وتم منح الشاعر هذه الجائزة في ملتقى المفكرين والكتاب العالميين من أجل السلام ٢٠٢٤…