ابراهيم البليهي
لمقاومة يقينيات الكنيسة، وثقافة التبرمج التلقائي؛ بالغ التنوير الأوروبي؛ في تمجيد العقل المحض؛ وتم التأكيد على قدراته غير المحدودة؛ كملجأ وحيد للتحرر من تحكُّم الكنيسة، والانعتاق من التمسك الأعمى بالموروث ….
وفي هذا الجو المفعم بالتفاؤل؛ الواعد بعصر الحقيقة النجلا؛ أعلن الفيلسوف ديفيد هيوم عن تناقضات العقل وأن فاعلياته مشروطة بمواصلة نقده، وباعتماده على التجربة الحسية. وأكد بأن على الفلسفة أن تقوم بعمل شاق ومتواصل في امتحان العقل وتعرية تناقضاته. وأن لا تتقبل إلا ما يشهد به الحس، وتؤيده التجربة أما من دون ذلك فسوف يبقى البشر محكومين بالجهالة ؛ ذلك أن فاعلية العقل مشروطة بدفعه نحو التحرر من نقائصه، وتحاشي تناقضاته ….
إن فلسفة ديفيد هيوم قد أيقظت كانط وكانت الحافز الذي دفعه لإنجاز الفلسفة النقدية التي كان لها أعمق الأثر على العلوم وعلى الفكر بشكل عام ….
يقول كانط: ((إن تناقض العقل المحض؛ هو أول شيء أيقظني من سباتي الدوقمائي، وقادني إلى نقد العقل ذاته لكي أحل فضيحة التناقض الصوري للعقل مع ذاته)) إن فاعلية العقل ونجاعته مشروطة بإدراك نقائصه، ومعرفة تناقضاته، والعمل على تسديد خطاه، وتكرار التحقق من أحكامه ورُآه …..