صدور كتاب «في سيارة إبن صرّاف» لـ «عبدالرحمن عفيف»

صدر مؤخراً، الكتاب القصصي للكاتب الكردي “عبدالرحمن عفيف”، عن دار “هنّ” في القاهرة. يحتوي الكتاب على خمس عشرة قصة مستوحاة من ذكرياته المتنقلة مابين عامودا والقامشلي وحلب، بلغة متهكمة وحياتية. جاء على الغلاف الأخير:
(كتاب فذّ، فاتن، ساحر، هكذا أقول عن هذا الكتاب، الشخصيات والأمكنة والأزمنة، كلها واقعية، لكنها، غارقة في المحلية الكردية مع ملمح كثير من الفانتازيا السحرية، يكسّر نمطية اللغة واستخداماتها العادية، في اشتغالات لغوية مفاجئة، وفي سياقات مدهشة؛ كتاب يُقرأ بمتعة، مثلما حدث معي، فيه أيضاً المفارقات الحياتية والزمن المفتوح، يمكنني أن أقول الكاتب في هذا الكتاب يتماهى مع كتاب أمريكا اللاتينية وعلى رأسهم خوان رولفو، بورخيس، وخوليو كورتازار، ثمت أيضاً الاستفادة من المعالم الخاصة لبيئته والعوالم المتشظية في الواقع المُعاش.
في الاختصار: كتاب سريالي).
محمد عفيف الحسيني.
من الجدير ذكره أن الكاتب شاعر وقصصي ومترجم، مقيم في ألمانيا، وصدرتْ له سابقاً الكتب التالية:
ـ ثلاث مجموعات شعريّة، ومجموعة قصصيّة واحدة (الحجحجيك).
ـ يكتب باللغتين الكردية والعربية.
ـ ترجم عن الألمانية مجلد شعري بعنوان: الثلج يهب على الألفباء (مختارات من الشعري الألماني المعاصر).
***
من أجواء الكتاب:
(تعرّفتُ في تلك الحارةِ التي تقف فيها المنارة الطّويلة على “براهيمكي” وهو أخو “صورو”. كنتُ أعرف صورو قبل معرفتي لبراهيمكي، ربّما كان صديقاً لابن عمّي حسن. حين فصلتُ من مدرسة أبي العلاء المعرّي بأشجار صنوبرها، كان “براهيمكي” هو الذي نقل إليّ الخبر. المدير البعثيّ قرأ سجلاّ طويلاً من أسماء المفصولين قبل بدءِ امتحانات البكالوريا. لكن الفصل لم يكن مهمّاً، أحتاج لشهرين للتحضير للإمتحانات والفصل لا يقدّم ولا يؤخّر، فقط الخبرُ أصابني بالدّهشة بسبب من الصّوت العالي من “براهيمكي” الذي يتكلّم عادة بصوت منخفض، وعلى كلّ حال، أنا لا أعرفه. هو يعرفني منذ عدّة شهورٍ جيّداً؛ يعرف سبب قعودي مع سعد الرّبيعي على الاسمنت المكسّر في الزّاوية. أمّا هو فيجلس على درج البيتِ وبيتهم يحاذي بيت خال أمينة. مرّة تكلّم “براهيمكي” مع أمينة، سألها عن امتحانات البكالوريا عدّة أسئلة، اختلق سبباً ما وسؤالاً ما وتكلّم معها بدون مقدّمات وبغير خشية. إنّه يستطيع أن يتكلّم معها بانسيابيّة، فهوغير واقع في حبّها، إنّما في حبّ شاعرةٍ معروفةٍ ذات قصر وأشجار زيزفونٍ وأخت دكتورة. سؤاله فاجأ أمينة، لأنّ أمينة لم تتوقّع أنّ يتكلّم معها هذا الشابّ الجالسُ على الدّرج والذي رأته مرّات عديدة جالساً على الدّرج، لوحده، صامتاً. وأجابته أمينة بعقل ومعرفة وبدراية، حيث سؤاله كان سهل الإجابة. ثمّ صاح بي”براهيمكي”، لقد تمّ فصلك من المدرسة، قرأ المدير قائمة أسماء المفصولين، أمامنا في الصّباح، أيّها المفصول. بنفس تلك المباشرة التي تكلّم مع أمينة مع علوّ في النّبرة معي. اسم أخيه “صورو” يعني أحمر و”صورو” أحمر. “صورو” معظم وقته بالقرب من وادي”دودا” ووادي”عنتر” وربّما حقول”عفدو عيّارو” وبستان “ملاّ حسن” وبساتين “زيفو”، المواشي ترعى هناك، ومساء يرسلني أبي، لأشتري سطلا من اللّبن، يقول لي، اذهب إلى بيت صورو وإن لم تجد اللّبن،  فاذهب إلى بيت “قرنو”. لبن بيت “صورو” أكثر بياضاً من لبن بيت “قرنو”).

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ا. د. قاسم المندلاوي

يؤكد علماء التربية على اهمية التعاون بين البيت والمدرسة بهدف النهوض الافضل بمستوى التلامذة. ولو تابعنا المشهد اليومي لوضع البيت والانشطة التي تجري داخل المدرسة لوجدنا اختلافا بين الجانبين.

هناك اتهام من قبل المدرسة على غياب اولياء الامور وابتعادهم عن المساهمة الجادة للجوانب…

إبراهيم أبو عواد / كاتب من الأردن

الحسن بن هانئ المَعروف بأبي نُوَاس ( 145 _ 198 ه / 762_ 813 م ) ، شاعر عربي مِنْ أشهرِ شُعَراءِ العصرِ العَبَّاسِي ، وَمِنْ كِبار شُعَراءِ الثَّورةِ التجديدية . أحدثَ انقلابًا في مَضمونِ الشِّعْرِ العربيِّ وأُسلوبِه ، فَقَدْ تجاوزَ الأغراضَ التقليدية كالمَدْحِ والفَخْرِ ، واتَّجَهَ إلى…

حيدر عمر

هناك حكايات تتنازعها عدة ثقافات، مثل حكاية “شَنْگلو مَنْگلو / şekgelo menglo”التي تتنازعها الثقافتان الكوردية والفارسية، وهي مروية على لسان معزاة توصى صغارها الثلاث بألَّا يفتحوا باب الحظيرة في غيابها إلَّا بعد أن يسمعوا منها أغنية معينة تغنيها لهم. سمعها ذئب في أحد الأيام، كان يمر في الجوار. بعد ابتعادها عن صغارها،…

تنكزار ماريني

الصمت يتسلل إلى الوجود،

بدون ضجيج، صمت متلاشي.

الوقت يتساقط،

يرقص، يكشف ويبقى في طيرانه

متى يعود الدائرة،

متى يتم إعادة تحديد المسار؟

بسهولة، على حافة الصمت،

متشابك مع النهاية؛

تتساقط قطرات من الكلمات،

تنهار جسور من السطور،

تفتح الحروف الساكنة البوابات.

تتفكك الأصوات، تلمع الورقة،

تنبعث منها ضوء المقاطع؛

تستقر الكلمات أو تتدفق،

تتحول بهدوء.

الفن يعانق الحب.

في كل حصاة يعيش أنا.

السماء تتسع،

كل نظرة هي جنة صغيرة.

اليوم يمسح…