الثورةُ مدوّنةٌ

عبداللطيف الحسيني

يسعى المرءُ الثائرُ في حياتِه كلِّها لتحويل النظريّ إلى فعل سياسيّ اجتماعيّ مشخّص بل يسعى لاشراك الآخر معَه في هذا الفعل  ليكون الآخرُ أنا, ومن حقّ المرء أن يخلط الحلمَ بالثورة والثورةَ بالحلم حتى يصبح الشارعُ كلّه محتجّاً.. منتفضاً بعدَما قال “نعم” مُكرَهاً, أصبحَ الآن يقولُها “لا” حرّاً, فقد اختفى الخوفُ نهائياً من حياة السوريّ الثائر أو السوري الشعبي صاحب الحس المليء بالمتناقضات, لكن الثورة غربلته ليصبح صاحب الحس الذي يفرّق بينَ الصواب والخطأ. فقط لو اكتفينا بذلك لقلنا “هذه أعظمُ ثورة أنجبتها البشرية”. فمن الطبيعي أن تتفاوت الكتاباتُ عن الثورة السورية, فقلما قرأتُ كتاباً يتناول مفاهيمَها كما في هذا الكمال لـ “ثورة الحرية السورية” وهو بحث سياسيّ اجتماعيّ للثورة التي حاول النظامُ البعثيّ انزياحَها الذي انطلى على السذّج, لكن اعتنقها العقلاءُ في الداخل السوريّ وخارجه ليقينهم أنّ اللعبة لعبة أسديّة مخابراتية, وقد شذّ البعضُ قائلاً أنّ ما قبل 2011 أفضل ممّا بعدَه, ولا يعلم هذا البعضُ أن ما فعلَه الأسد ما بعد 2011 أسوأ ما فعلته الأنظمة الارهابية, حيث نصفُ سكان سوريا لاجئون, والنصف الباقي المقيم في سوريا نازحون بعدَما تمّ تدمير البنية التحتية بدءاً من أقصى جنوب غرب سوريا حيث نشأة الكاتبة وانتهاء بأقصى شمال شرق سوريا حيث نشأتي, وهذه صدفة غريبة, قد أكون المحتجّ الثاني ضدّ الأسد بعد احتجاج عُلا شيب الدين أوّلاً.
الكتابُ مقالاتٌ تدور حول الثورة ومنها وفيها. إنها تكتب الثورة ولا تكتب عنها باعتبار عُلا مُساهمة ومُشاركة وكاتبتُها, وهنا المفارقة بينها وبين ممّن شاركوا في الثورة ثم لاحقاً اعتكفوا بعدَ عدّة مقالات عنها, لكن عُلا تدوّن الثورةَ منذ يومِها الأوّل معترضةً على مفهوم “الربيع العربي” الذي تجوز هذه التسمية على البلاد العربية التي اندلعت فيها الثورة, لكن يختلف المفهوم في الحالة السورية حيث الشعب الكرديّ الذي قوامُه القوميةُ الثانية في سوريا بعد العربيّة شارك في الثورة منذ البداية, فقد كانت مدينتي عامودا صاحبةَ أضخم تظاهرة في العالم  في إحدى جمعات الثورة آخذين بالاعتبار عدد سكان عامودا ومساحتها.
أتمنى من الجميع قراءة الكتاب أو أجزاءَ منه, متمنياً من المنتديات السورية التي تغزو المدن الألمانية أن تحتفي بالكتاب وأن تُدار حولَه حلقاتُ نقاش وحفلاتُ التوقيع.
لا تنسوا اسم الكتاب: ثورة الحرية السورية, و اسم مؤلفته: عُلا شيب الدين.
…….
الناشر: دار الدراويش.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

سيماڤ خالد محمد

مررتُ ذات مرةٍ بسؤالٍ على إحدى صفحات التواصل الإجتماعي، بدا بسيطاً في صياغته لكنه كان عميقاً في معناه، سؤالاً لا يُطرح ليُجاب عنه سريعاً بل ليبقى معلّقاً في الداخل: لماذا نولد بوجوهٍ، ولماذا نولد بقلوب؟

لم أبحث عن إجابة جاهزة تركت السؤال يقودني بهدوء إلى الذاكرة، إلى الإحساس الأول…

خالد بهلوي

بحضور جمهور غفير من الأخوات والإخوة الكتّاب والشعراء والسياسيين والمثقفين المهتمين بالأدب والشعر، أقام الاتحاد العام للكتّاب والصحفيين الكُرد في سوريا واتحاد كردستان سوريا، بتاريخ 20 كانون الأول 2025، في مدينة إيسين الألمانية، ندوةً بمناسبة الذكرى الخمسين لرحيل الأديب الشاعر سيدايي ملا أحمد نامي.

أدار الجلسة الأخ علوان شفان، ثم ألقى كلمة الاتحاد الأخ/ …

فراس حج محمد| فلسطين

لست أدري كم سيلزمني لأعبر شطّها الممتدّ إيغالاً إلى الصحراءْ
من سيمسك بي لأرى طريقي؟
من سيسقيني قطرة ماء في حرّ ذاك الصيف؟
من سيوصلني إلى شجرة الحور والطلع والنخلة السامقةْ؟
من سيطعمني رطباً على سغب طويلْ؟
من سيقرأ في ذاك الخراب ملامحي؟
من سيمحو آخر حرف من حروفي الأربعةْ؟
أو سيمحو أوّل حرفها لتصير مثل الزوبعة؟
من سيفتح آخر…

حاوره: طه خلو

 

يدخل آلان كيكاني الرواية من منطقة التماس الحاد بين المعرفة والألم، حيث تتحوّل التجربة الإنسانية، كما عاينها طبيباً وكاتباً، إلى سؤال مفتوح على النفس والمجتمع. من هذا الحدّ الفاصل بين ما يُختبر في الممارسة الطبية وما يترسّب في الذاكرة، تتشكّل كتابته بوصفها مسار تأمل طويل في هشاشة الإنسان، وفي التصدّعات التي تتركها الصدمة،…