في سيارة إبن الصراف، واللغة الفانتازية

علي ملا

أجزاء قصصية من عامودا، القامشلي؛ وحلب للكاتب “عبد الرحمن عفيف” يأخذنا “عبد الرحمن” في قصصه وشخصياتها وأسلوبه الفكاهي الممتع إلى حنينه للمكان الذي كان نبض ولادته، والتي أخذت الحيز الأكبر في قصصه وذكرياته في عامودا، تلك البلدة الصغيرة الواقعة في الشمال، شوارعها وأزقتها وبيوتها الطينية، وهو يحمل أوجاعها وأوجاع ريفها وفلاحيها، ليسرح بنا في تلك الحارات مع أصدقائه في المدارس، وهو يستعرض لنا بأسلوبه الواقعي المميز والساحر وتلك الشخصيات التي عاش معها في تلك الفترة من الزمن . يتناول في نصوصه الفانتازية الذي يمثل الواقع الحياتي، ويجعل القارىء متفهماً لرؤية الكاتب. أسلوب جديد مبهر وغريب وعجيب الى أقصى حد، وهو يتحرر من قيود المنطق وشكله، ويعتمد على اطلاق سراح الخيال في نصوصه، يسرح بنا متجولاً بين القرى الكرديه ما بين الحسكة والقامشلي وعامودا التي لا تزال تنبض بعبق التاريخ مثل: توبز، علي فرو، موسيسانا، بريفا، كري موزا….، محاولاً أحياناً الركوب في سيارة “إبن الصراف”، ماسحاً وجهه من غبار الطريق وحرارة الجو بكلينكساً معطراً برائحة فتيات عامودا الجميلات الفاتنات، وهو يسخر من صديقه الذي غير اسمه إلى “جانو”، ويقول إنه اسم أنيق …. 
بيوت عامودا الطينية التي لها الحضور في ذاكرة المكان، شوارعها، الجامع القديم، البيت الطيني ذو الطابقين، كنيسة السريان، مطعم طاووس للكباب، المشبك “الطيب والنيب” ، كري موزان، شرمولا….، يتابع فن العشق في كلية الآداب في حلب بخجله اللامحدود مع فيرالا لكي ينسى أمينة، فاخفت النظارة عينيه، فقد أصبح جريئاً في الوقوع بالحب. يكتب “عبد الرحمن عفيف” بروح كردية مميزة، شخصيات واقعية متأثراً بالبيئة وأحداثها الاجتماعية الخاصة، قصصاً متسلسلة متنوعة الأحداث، وهو يتخيل بأن أبطاله يحسون ويتكلمون ويتحركون، فتبدو الشخوص أكثر اقتناعاً، فهو بأسلوبه المهني يحركهم كما يشاء. يمكن أن أقول بأن كاتبنا الجميل في هذا الكتاب يتماهى مع أسلوب الأديب والشاعر “محمد عفيف الحسيني” في كتابه السردي الأخير “بهارات هندو- أوربية”. في الاختصار كتاب ممتع، جميل، شيق، سهل القراءة تحمل في طياتها الفانتازيا الساحرة.
· صدر الكتاب قبل أيام عن “هُنَّ” في القاهرة.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

سيماڤ خالد محمد

مررتُ ذات مرةٍ بسؤالٍ على إحدى صفحات التواصل الإجتماعي، بدا بسيطاً في صياغته لكنه كان عميقاً في معناه، سؤالاً لا يُطرح ليُجاب عنه سريعاً بل ليبقى معلّقاً في الداخل: لماذا نولد بوجوهٍ، ولماذا نولد بقلوب؟

لم أبحث عن إجابة جاهزة تركت السؤال يقودني بهدوء إلى الذاكرة، إلى الإحساس الأول…

خالد بهلوي

بحضور جمهور غفير من الأخوات والإخوة الكتّاب والشعراء والسياسيين والمثقفين المهتمين بالأدب والشعر، أقام الاتحاد العام للكتّاب والصحفيين الكُرد في سوريا واتحاد كردستان سوريا، بتاريخ 20 كانون الأول 2025، في مدينة إيسين الألمانية، ندوةً بمناسبة الذكرى الخمسين لرحيل الأديب الشاعر سيدايي ملا أحمد نامي.

أدار الجلسة الأخ علوان شفان، ثم ألقى كلمة الاتحاد الأخ/ …

فراس حج محمد| فلسطين

لست أدري كم سيلزمني لأعبر شطّها الممتدّ إيغالاً إلى الصحراءْ
من سيمسك بي لأرى طريقي؟
من سيسقيني قطرة ماء في حرّ ذاك الصيف؟
من سيوصلني إلى شجرة الحور والطلع والنخلة السامقةْ؟
من سيطعمني رطباً على سغب طويلْ؟
من سيقرأ في ذاك الخراب ملامحي؟
من سيمحو آخر حرف من حروفي الأربعةْ؟
أو سيمحو أوّل حرفها لتصير مثل الزوبعة؟
من سيفتح آخر…

حاوره: طه خلو

 

يدخل آلان كيكاني الرواية من منطقة التماس الحاد بين المعرفة والألم، حيث تتحوّل التجربة الإنسانية، كما عاينها طبيباً وكاتباً، إلى سؤال مفتوح على النفس والمجتمع. من هذا الحدّ الفاصل بين ما يُختبر في الممارسة الطبية وما يترسّب في الذاكرة، تتشكّل كتابته بوصفها مسار تأمل طويل في هشاشة الإنسان، وفي التصدّعات التي تتركها الصدمة،…