عبداللطيف الحسيني
أُطلقُ عليه صفةَ معلّمي محمد نور الحسيني, حيث كنتُ صبيّاً في أوّل عهده بالشعر وأهله (وهو الشاعر وأهلُه) فأعرضُ عليه شعري كما عَرَض وعلّق الآخرون أشعارَهم على أستار الكعبة لأعرف غثّه من سمينه, فكان يُبدي ملاحظاتٍ في غاية الدقّة ليدلّني على الطريق الأكثر صواباً والأكثر جمالاً في التعبير مفضّلاً الكتابةَ عبرَ النوعية على الشعر أي أن يكون في النص المكتوب فسحةٌ من المسرح والتغريب و حقلٌ من الحوار ومجالٌ للقصّ, وذاك ما بدا واضحاً في مجموعته الشعرية المدهشة “بورتريه لأمير مهزوم” التي كلّما مرت السنواتُ عليها ازدادت نصاعةً ومقروئيّة, وتمّ الاحتفاءُ بها آنذاك من قِبل المواقع والشعراء الذين أصابتهم حمّى قراءة الشعر من حيث هو كتابة عبر النوعيّة, ولاحقاً باتت هذه الكتابةَ تغزو عالمَ الحقل الأدبيّ,
فضّل الشاعر محمد نور الحسيني هذا الحقل الكتابيّ المتنوّع على القصيدة الكلاسكية وقصيدة التفعيلة وهو الخبير بأوزان الشعر وتفاعيله, وترجمَ عملاً روائياً لمحمد أوزون “يوم من أيام عبدالي زينكي” من الكرديّة للعربيّة ليُعرّف القاريء العربيّ على هذا الروائيّ الكرديّ.
اكتفى الشاعر محمد نور بإصدارَيه ( مجموعته الشعرية وترجمته لمحمدأوزون) إلا نشر بعض النصوص وعدّة متابعات نقدية في الصحافة العربيّة ليبقينا ننتظرُ كتاباته أكثر من عقد بعدَما طوّحت بنا الدنيا شرقاً وغرباً وبقي صامتاً وبقينا مترقّبين رؤيتَه و منحوتاتَه, وهو الشاعر النحّات الذي يعرف كيف يضعُ الكلمةَ في موضعِها.