طريق الحرير وكلمة الآغا في برية ماردين

كونى ره ش

  طريق الحرير: مجموعة من الطرق المترابطة التي كانت تسلكها القوافل والسفن التجارية بين الصين والهند وأوروبا. فقد كان لهذا الطريق تأثير كبير في ازدهار الحضارات القديمة، مثل الصينية والهندية والفارسية والرومانية والمصرية، وكان الفرع الجنوبي منها يمر من تركستان وهند وخراسان وعبر بلاد فارس وكوردستان ومزوبوتاميا والأناضول وسوريا الى البحر الأبيض المتوسط وأنطاكية. ومن المدن الكوردية الأكثر أهمية على هذا الطريق مدينة آمد (دياربكر)، وذلك بحكم موقعها الجغرافي ومركزها التجاري. فقد كانت سوقاً رئيسية لاستقبال التجارة ومحطة مهمة لنقل المنتجات الكوردية والشرقية الى آسيا الصغرى واستانبول وأوروبا. ومدينة (جزيرة بوتان)، كانت بمثابة محطة مهمة للتجارة على نهر دجلة كفرع من طريق الحرير.. ومن المدن الاخرى الأكثر فاعلية على طريق الحرير مدينة (نصيبين) العريقة بالقدم، كونها كانت محطة رئيسية للتبادل التجاري بين الفرس والروم أي بين الشرق والغرب.. 
ولا بد من ذكر مدينتي (اربيل) و(اورفا) لما لهما من دور كمحطات مهمة للقوافل التجارية البرية على طريق الحرير.. بما ان مدينة نصيبين والقامشلي مدينتان متجاورتان بل توأمتان، وواقعتان في برية ماردين، وبما انني من مدينة القامشلي الحديثة، يطيب لي الحديث عن مدينة نصيبين وبعض جوانبها التاريخية، قبل ولادة مدينة القامشلي في عام 1926م، وخاصة (طريق الحرير)، وكلمة (الآغا)، في برية ماردين قديماً. 
  كانت مدينة نصيبين الباب الطبيعي لبرية ماردين وشمال سوريا ومركز من مراكز طريق الحرير، إذ كان مسار طريق الحرير يمر عبرها من الشمال والغرب، بطريقين، أحدهما يؤدي من حلب الى أورفا ومن ثم الى ماردين ويمر عبر دارا الاثرية وقريتي دودا الى نصيبين ومنها يخترق السهل الى اسكي موصل والموصل، عبر نهر دجلة من قرية (كربالات)، وزاخو والقوش.. والطريق الشمالي كان يؤدي من استانبول ودياربكر الى ماردين وعبر دارا الاثرية وقرية سرجخان وقرية دودا الى نصيبين ومنها الى الموصل عبر نفس الطريق ومن ثم الى بغداد والبصرة… 
  اما بصدد كلمة (الآغا)، فهي كلمة كوردية اصيلة، وتعني مالك الارض او الزعيم لمنطقة معينة.. وهي مأخوذة من كلمة (آخ/ التربة).. وهذه الكلمة كانت تستخدم كلقب لبعض الأشخاص في جميع اجزاء كوردستان المقسمة، للدلالة على الأهمية والمنزلة الرفيعة.. وبرية ماردين مشهورة بآغواتها قديماً، حيث كان لهم منزلة رفيعة بين سواد مجتمع الجزيرة كوردياً وعربياً ومسيحياً ويمكن ذكر بعضهم؛ آغوات ملان من آل خضر آغا المللي، وآغوات كيكان من آل قطنا ورستام آغا، وآغوات دقوريان من آل سعيد آغا دقوري.. وفي هذا الصدد لا بد من ذكر اسم خلف آغا المشهور في منطقة آشيتا، وآل مرعي آغا في منطقة آليان.. وهي ليست بكلمة تركية او فارسية.. لاحقاً اطلق الاتراك هذا اللقب على بعض الاشخاص الذين يعملون في المناصب الإدارية والعسكرية.. والفرس يستعملونها (آغايي) بمعنى السيد.. 
 12/3/2021

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

حاوره: ماهين شيخاني

 

من أجمل الأصوات المميزة على الساحة الغنائية ،ذو نبرة جبلية صلدة كصخور جبال كردستان،ثم تراه كبلبل صداح يغرد بعذوبة لا يضاهيه سوى عذوبة انهار كردستان، وهبه الله

حنجرة ذهبية ليبدع بها تلك الأغنية الفلكلورية الرائعة (أسمر) و التي غنتها العديد من المطربين

من أمثال الراحلين محمد عارف جزراوي و رفعت داري وغيرهم ،انه بحق أعطى…

صبري رسول

 

توطئة للفسحات:

يهندس خالد حسين أشكال الحب في قصيدة: واحدة، في مجموعته رشقة سماء تنادم قلب العابر الصادرة عن دار نوس هاوس بداية 2025. المجموعة عبارة عن أربع فسحات، وهي الفهرسة الهندسية الخاصّة التي تميّزت بها، أربعة أقسام، كلّ فسحة مؤلفة من أربع فسحات صغرى معنونة، وتحت كل عنوان تندرج عدة مقاطع شعرية مرقمة وفق…

أصدرت منشورات رامينا في لندن رواية “ليالي فرانشكتاين” للروائيّ والفنّان الكرديّ العراقيّ عمر سيّد بترجمة عربية أنجزها المترجم ياسين حسين.

يطلّ عمر سيّد “ليالي فرانكشتاين”، حاملاً معها شحنة سردية نادرة تمزج بين الميثولوجيا السياسية والواقع الجحيمي، بين الحكاية الشعبية والتقنيات المعاصرة، ليقدّم نصاً مكثّفاً عن الجرح الكردي، وعن الوطن بوصفه جثةً تنتظر التمثال المناسب كي تُدفن…

عبد الجابر حبيب

 

يا لغرابةِ الجهات،

في زمنٍ لا يعرفُ السكون،

وعلى حافةِ قدري

ما زالَ ظلّي يرقصُ على أطرافِ أصابعي،

والدروبُ تتشابكُ في ذاكرتي المثقوبة،

ولا أحدَ لمحَ نهايتَها تميلُ إلى قبري،

ولا حتى أنا.

 

على الحافة،

أُمسكُ بزهرٍ لا يذبل،

يتركُ عبيرَه عالقاً في مساماتِ أيّامي،

كأنّه يتسرّبُ من جلدي

ثم يذوبُ فيّ.

 

الجدرانُ تتهامسُ عنّي،

تعدُّ أنفاسي المتعثّرة،

وتتركُ خدوشاً على جلديَ المتهالك،

كأنّ الزمنَ

لا يريدُ أن…