إغارة

 
ماجد ع محمد
(1)
واثقٌ بأنك قادر على انتشال جذوةٍ من غاباته المشتعلة
قبساً من موقد بدنه 
شذرةً من بركان هواجسه
سطراً بأكمله  
صفحةً بحالها
وربما عملاً بتمامه
ولكن كيف لك استعارة نسغ مَن تطاولت على شجرته؟
(2)
بخفة طائرةٍ شراعية معتادة على اقتحام المجال الجوي للأعدقاء، كتنقل شبحٍ غير مرئي، وبدون أيّ ترحيبٍ بالقدوم المفاجئ لقنّاص اللُّقى، راح  يحلّق فوق مساكب الأقران، من غير أن يُخلّف أثراً يدل على زيارته الخاطفة، وكطائرٍ ماهرٍ في تجاوز التخومِ وانتقاء المنتخبات من واحاتهم، طفق يعلو حيناً وينخفض أحيانا، ليتحين فرصة الإغارة على الحواكير، وبسرعةٍ نورسٍ يتضور جوعاً بعد أن داهم البحرَ موجةَ القفرِ، هبطَ  كالبرقِ مزاحماً أترابه على الفريسةِ، علّهُ يقبض على المبتغى من ناصيته، وقبل أن ينتبه أحدهم إلى وجوده، همَّ بغرز منقاره في بحر سواه؛ وبعدَ الإقلاعِ بلحظات، شرع يدلق الملتقط فوق عرشه السائر، كما يصنع الحانوتي بطاسته مع الخوابي، وهو يُفرغ ما تناوله للتوِ، بعد خلطه، بعد تحويره، بعد التلاعب بخاصيته الكيماوية، بعد إعادة تخليع أضلاعه وتشييد مدامكه من جديد، ومن ثم شرع يصبه بثقة سبَّاكِ المعادن
على خدِ قرطاسٍ
أو يدسه في بطن كتابٍ
أو يلصقه بخفة النحلة على الجدار الإلكتروني
ثم باعتزازٍ كاريكاتوري
 يقول للعابر الناظر:
حدّق هذه البضاعة من مساكبي المعطاءة!.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

دريس سالم

 

«إلى تلك المرأة،

التي تُلقّبُني بربيع القلب..

إلى الذين رحلوا عني

كيف تمكّنْتُ أنا أيضاً على الهروب

لا أريدُ سوى أن أرحلَ من نفسي…».

يفتتح الشاعر الكوردي، ميران أحمد، كتابه «طابق عُلويّ»، بإهداء مليء بالحميمية، ملطّخ بالفَقد، يفتتحه من قلب الفَقد، لا من عتبة الحبّ، يخاطب فيه امرأة منحته الحبّ والحياة، لقّبته «ربيع القلب». لكن ما يُروى ليس نشوة…

علي شمدين

المقدمة:

لقد تعرفت على الكاتب حليم يوسف أول مرّة في أواخر التسعينات من القرن المنصرم، وذلك خلال مشاركته في الندوات الثقافية الشهرية التي كنا نقيمها في الإعلام المركزي للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، داخل قبو أرضي بحي الآشورية بمدينة القامشلي باسم ندوة (المثقف التقدمي)، والتي كانت تحضره نخبة من مثقفي الجزيرة وكتابها ومن مختلف…

تنكزار ماريني

 

فرانز كافكا، أحد أكثر الكتّاب تأثيرًا في القرن العشرين، وُلِد في 3 يوليو 1883 في براغ وتوفي في 3 يونيو 1924. يُعرف بقصصه السريالية وغالبًا ما تكون كئيبة، التي تسلط الضوء على موضوعات مركزية مثل الاغتراب والهوية وعبثية الوجود. ومن المميز في أعمال كافكا، النظرة المعقدة والمتعددة الأوجه للعلاقات بين الرجال والنساء.

ظروف كافكا الشخصية…

إبراهيم اليوسف

مجموعة “طائر في الجهة الأخرى” للشاعرة فاتن حمودي، الصادرة عن “رياض الريس للكتب والنشر، بيروت”، في طبعتها الأولى، أبريل 2025، في 150 صفحة، ليست مجرّد نصوص شعرية، بل خريطة اضطراب لغويّ تُشكّل الذات من شظايا الغياب. التجربة لدى الشاعرة لا تُقدَّم ضمن صور متماسكة، بل تُقطّع في بنية كولاجية، يُعاد ترتيبها عبر مجازٍ يشبه…