الجلوسُ على حافة الحياة ليلاً

عبداللطيف الحسيني .هانوفر
إلى الثورة السورية المباركة ومرور عشر سنوات عليها.
كانت الصرخةُ هي الأولى في عالم الحياة التي أقفُ ووقفتُ صائِتاً  وكلّي أفواهٌ يسمعُها دبيبُ نمل على الحصيرة , لكنْ أصوّتُ على مَنْ ؟ و بأيّ شيءٍ ؟ و هل بقيَ صوتٌ في الكائن أو صرخةٌ إلا وقد فجّرها في وجه الحياة ؟هي الحياةُ وحدَها المحكمةُ العليا  للذات .
ذاك أنا , أستدرجُ كلَّ صفة وأحوّلُها وألصقُها على ذات الكائن الذي يركلُ العالمَ من الخلف دونَ أنْ يرفَّ له عَصَبٌ حيٌّ أو ميّت , يقرعُ أبوابَ العالم بكلّ أياديه منذ دهر , ويصيحُ بكل أفواهه على مَنْ دخلَ العالمَ من أبوابه الضيّقة  قبلَ الواسعة , ومن جدرانه الواطِئة قبلَ العالية التي يدخلُها مَنْ يشاء بقفزة وهومغسولُ العين وممدودُ اليد واللسان والقلب والوجه.
و لا أدري كيف سيقفُ المرءُ المبتذل أمامَ ذاتِه و لعناتُ يدِه ولسانه ووجهه تسبقُ ظلَّه ؟.
في خطوةٍ مستجدّةٍ تستبدُّ وتحتلُّ النشوةُ و السَّكَرُ الروحيُّ الكائنَ النحيفَ  بعدَ أنْ عادَ من حرب الكلمات منتصراً أو مهزوماً  ليجلسَ على حافّة الحياة ليلاً , شاتماً كلَّ داخلٍ و خارج إلى ومِنْ حارتِه , ليبدأَ بحرب السخريات المريرة والمُرّة من حيث انتهى من صخب الكلمات .
أنْ تختلفَ معَ الآخر وتعيدَ إلى الحياة كلَّ ألوانها المغتصَبة : هكذا أفهمُ الحياة الجديدة .
أنْ تتعرّفَ على شابّ يعرفُ أدقَّ تفاصيل حياتك محلِّلاً سكنات ملامحِكَ قبلَ حركاتها : هكذا أريدُ من الشباب أنْ يكون .
أنْ تتعرّفَ على امرأة النشيد واللون المتعدّد في شارع هادر , فتلوّحُ لها بيديكَ من بعيد وهي تنشدُ نشيداً أثيراً يجمعُنا : هكذا أفهمُ المرأةَ التي تهزُّ العالمَ .
 هكذا أحسُّ بما حولي , وكأنّي أراهُ للمرّة الأولى في حياتي , فلا أصدّقُ ما أراه : تكذّبُ يدي ما تراه عيني , تتقرّى يدي ما تعانقُه عيني , فيغمرُني نشيدُ الحياة الملوّن , فأركنُ بجسدي محاذاةَ صديقٍ لنركلَ العالمَ من الخلف.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

شعر: محسن قوجان

الترجمة من اللغة الكوردية: محسن عبدالرحمن

 

في مواعِدِك،

مابينَ المَنارةِ و القِبَب

ثعلبٌ

أكلَ هويتي

هذا الموعدُ

أغنيةٌ غير مكتملة،

في حلق الطفولةِ متعثرة.

لم تبقَ قوةٌ

في أضلاع الصخور لتخرجَ

وتركُضَ تحتَ الحالوبِ،

خلفَ هويتي

على فضلاتِ الرغباتِ الهشًة.

يرعى التيسُ البريٌ

ذات موعدٍ قلتِ لي: لاتتغافل

ليس لجبل كارة(1) الوقت لأن يناقش وادي سبنة(2)،

أو أن يهرب من هجوم الحالوب.

لذلك سبنة دائماَ زعلان،

ونحو البحر يتجه.

في فترة مبكرة،…

ألمانيا- إيسن – في حدث أدبي يثري المكتبة الكردية، صدرت حديثاً رواية “Piştî Çi? (بعد.. ماذا؟)” للكاتب الكردي عباس عباس، أحد أصحاب الأقلام في مجال الأدب الكردي منذ السبعينيات. الرواية صدرت في قامشلي وهي مكتوبة باللغة الكردية الأم، تقع في 200 صفحة من القطع المتوسط، وبطباعة أنيقة وغلاف جميل وسميك، وقدّم لها الناقد برزو محمود بمقدمة…

إبراهيم محمود

أول القول ومضة

بدءاً من هذا اليوم، من هذه اللحظة، بتاريخ ” 23 تشرين الثاني 2024 ” سيكون هناك تاريخ آخر بحدثه، والحدث هو ما يضفي على زمانه ومكانه طابعاً، اعتباراً، ولوناً من التحويل في المبنى والمعنى القيَميين والجماليين، العلميين والمعرفيين، حدث هو عبارة عن حركة تغيير في اتجاه التفكير، في رؤية المعيش اليوم والمنظور…

حاورها: إدريس سالم

ماذا يعني أن نكتب؟ ما هي الكتابة الصادقة في زمن الحرب؟ ومتى تشعر بأن الكاتب يكذب ويسرق الإنسان والوطن؟ وهل كلّنا نمتلك الجرأة والشجاعة لأن نكتب عن الحرب، ونغوص في أعماقها وسوداويتها وكافكاويتها، أن نكتب عن الألم ونواجه الرصاص، أن نكتب عن الاستبداد والقمع ومَن يقتل الأبرياء العُزّل، ويؤلّف سيناريوهات لم تكن موجودة…