عصافير زرقاء تطير من شالها الأبيض!

فيروز رشك

كل العصافير بالأمس كانت تشبه أمي
العصافير الفادمة من الشمال
والراحلة إلى الجنوب
كل النساء الجميلات يشبهن أمي
النساء اللواتي يمزجن صور أبنائهن البعيدين مع الكحل ويحفظنها بين رموشهن الساحرة
النساء اللواتي قلوبهن تشبه دراقة ناضجة يشبهنها
ليلة ولدت الأنثى السادسة فقبلها أبي
وكأن  بينه والذكورية ثأراً قديماً
كل النساء المتألمات يشبهنها
النساء اللواتي قتلن السرطان
ومتن معه
تاركات ضحكاتهن مفتوحة على مصراعيها
الأشجار تشبهها أيضا
وشهيق الهواء
والماء واللواتي مسهن الحب
ـ لحقل قمح في المساء!
البلاد التي ستتعافى من الحروب والطغاة
وتمد أذرعتها للشمس كذلك تشبه أمي
ربما الله خلق أشباهها الأكثر من أربعين
وكسر قواعد الخلق
لأكمل عد خرزات شالها الأبيض
وأدرك: أين أنا الآن
بعد تلك الرحلة
من هاتيك القرية شبيهة شامة خدها
قبل أن تمر قربي من فوق هذا الجسر
إلى منفى
في الدائرة المنكسرة
وتعود
تعود لأدركني
وأدركها أكثر
أدرك أن الإله لا يكسر قاعدة
إلا في حضرة مالا يشبه الآخرين.
كما أمي!

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

أصدرت منشورات رامينا في لندن كتاب “كنتُ صغيرة… عندما كبرت” للكاتبة السورية الأوكرانية كاترين يحيى، وهو عمل سيريّ يتجاوز حدود الاعتراف الشخصي ليغدو شهادة إنسانية على تقاطعات الطفولة والمنفى والهوية والحروب.

تكتب المؤلفة بصدقٍ شفيف عن حياتها وهي تتنقّل بين سوريا وأوكرانيا ومصر والإمارات، مستحضرةً محطات وتجارب شكلت ملامحها النفسية والوجودية، وموثقةً لرحلة جيل عاش القلق…

غريب ملا زلال

رسم ستار علي ( 1957_2023 ) لوحة كوباني في ديار بكر /آمد عام 2015 ضمن مهرجان فني تشكيلي كردي كبير شارك فيه أكثر من مائتين فنانة و فنان ، و كان ستار علي من بينهم ، و كتبت هذه المادة حينها ، أنشرها الآن و نحن ندخل الذكرى الثانية على رحيله .

أهي حماسة…

عِصْمَتْ شَاهِينَ الدُّوسَكِي

أعْتَذِرُ

لِمَنْ وَضَعَ الطَّعَامَ أَمَامَ أَبِي

أَكَلَ وَابْتَسَمَ وَشَكَرَ رَبِّي

أَعْتَذِرُ

لِمَنْ قَدَّمَ الْخُبْزَ

لِأُمِّي وَطَرَقَ بَابِي

لِمَنْ سَأَلَ عَنِّي

كَيْفَ كَانَ يَوْمِي وَمَا…

ماهين شيخاني

هناك لحظات في حياة الإنسان يشعر فيها وكأنّه يسير على خيط رفيع مشدود بين الحياة واللاجدوى. في مثل هذه اللحظات، لا نبحث عن إجابات نهائية بقدر ما نبحث عن انعكاس صادق يعيد إلينا شيئاً من ملامحنا الداخلية. بالنسبة لي، وجدتُ ذلك الانعكاس في كتابات الفيلسوف والكاتب الفرنسي ألبير كامو (1913-1960).

ليس كامو مجرد فيلسوف عبثي…