قاسم ظهراب
لن أقف مطولا لأعرف المقالة أو أستعرض تاريخها مبتعدا عن علاقتها القوية بالصحافة، أو مدى تأثير المقالة في الصحافة أو تأثير الصحافة في المقالة، ولكن سأحاول بشكل موجز ومبسط أن اذكر. أنواعها والأساليب التي تناسب كل نوع وهي حتما متروكة لكاتب المقال فقد يعمد البعض منهم في كتابة مقالاتهم بعدة طرق، والجدير بالذكر. أن نقول بأن موضوع المقالة هو الذي يحدد نوعها فقد تكون سياسية اجتماعيه فكرية دينيه ….. تبعا للموضوع الذي يختاره كاتب المقال. ولكي لا نطيل ساذكر بعضا من أنماطها ولكن قبل ذلك أشير انها تنقسم عامة ما بين علمية وأدبيه ولكل منها أسلوبه الخاص به :
1- النمط التفسيري
2- النمط البرهاني
3_ النمط الوصفي. الخيالي. والواقعي
4_النمط الإيعازي
5_الخطابي.
6-الإبداعي أو ما نسميها بالكتابة الإبداعية
وعلى كاتب المقال أن يلتزم في الحد الأدنى بمعايير الكتابة وفق هذه الأنماط ليتكون لدية على الأقل خطة أو منهج واضح لطرح الفكرة ومعالجتها وهو ما يمكن أن نسميه بتنظيم الفكرة عقليا ليتلقاها المتلقي بكل بساطة .
وسأحاول أن أقف عل كل نمط بشكل مستقل مستعرضا بعض من نماذجها ليستفيد منها البعض من أقلامنا ولا سيما تلك الأقلام التي بدأت مؤخرا الخوض في عالم الفكر والكتابة.
النمط التفسيري
وهي من الأنماط الكتابية التي تعالج غالبا الظواهر الاجتماعية والسياسية والفكرية والدينية وغيرها .
فما المقصود بالظاهرة ؟
المقصود بها تحول أمر ما إلى نمط في السلوك. الفردي , أو الجماعي تؤثر في حياة الأفراد أو الجماعات بشكل متكرر .
ولكن هذه الظاهرة بدورها من حيث نتائجها تنقسم :
أولا_الظاهرة السلبية : كظاهرة استغلال الشعارات الدينية أو القومية لاستمالة الرأي العام. أو للضغط عليه.
ثانيا: الظاهرة الإيجابيه : وهي التي تؤثر ايجابا في الحياة، ومنها على سبيل المثال ظاهرة التسامح الديني .
ولكتابة مقال بالاعتماد على هذا النمط التفسيري في الكتابة لابد لنا في البداية أي في بداية المقال من تقسيم المقال حسب المخطط التالي :
المقدمه : وتتضمن تعريف الظاهرة
1_تعريف الظاهرة ومن شروط هذا التعريف أن يتضمن النقاط التي سيعالجها الكاتب في متن المقال أي تعتبر مقدمات عامة وعلى كاتب المقال أن يحدد بدقة هذا التعريف, وأن يناقش جميع محدداته وينبغي أن تتسم بالقصر معتمدا التكثيف اللغوي في مقدمته .
متن المقال : ويتكون من فقرات ويراعى فيه الخطوات الأساسية في كتابة الفقره , على الكاتب أن يبدأ الفقرة بطرح الأسباب التي أدت إلى انتشار الظاهرة وقد يعمد إلى ذكر عدة أسباب يراها دفعة واحده وبذلك يكون قد أنهى الفقرة الأولى .
ثم يشرع في كتابة الفقرة الثانيه وذلك من خلال ذكر النتائج المترتبة على الأسباب في الفقرة الأولى وعليه هنا أن يستخدم أدوات الربط المنطقية.
وهنا لا بد أن أشير إن بعض الكتاب يدمجون الفقرتين في فقرة واحد من خلال الربط المباشر بين السبب والنتيجة وهذا قد تجعل من الفقرة طويلة ومملة بعض الشي, وعلى العموم هذا الأمر متروك لكاتب المقال ومدى براعته في الصياغة الفنية.
وعليه فإننا هنا قسمنا المتن إلى فقرتين أساسيتين.
_أما الفقرة الثالثة وهي بالمناسبة ليست خاتمة, وقد سبق لنا القول بإن الظاهرة إما أن تكون سلبية أو إيجابية فإذا كانت الظاهرة إيجابية فعلى الكاتب في هذه الفقرة أن يقدم للقارئ المقترحات التطويرية التي من شأنها تعزيز هذه الظاهرة وسد النواقص فيها.
أما إذا كانت الظاهرة سلبية فيجب على القارئ هنا تقديم الحلول ويطرحها حسب أهميتها والتي من شأنها اضعاف تلك الظاهرة والحد من انتشارها .
وفي الختام ينبغي على الكاتب أن يكثر من الجمل الخبرية التي تلائم الشرح والتفصيل والتي من شأنها نقل الأفكار كما ينبغي أن يكثر من صيغ الشرط المتضمن فعل الشرط وجوابه من حيث التلازم بين الشرط وجوابه فضلا عن استخدام أدوات الربط المنطقية نحو : وهكذا. لإنه …….
بقي أن أشير إن هذا النمط الكتابي يعتمد في المقالات العلمية بكثرة وكذلك في المقالات الأدبية وهي تمتلك خطة واضحة تسير بالعقل نحو هدف محدد وعلى كاتب هذا النمط أن يكون واضحا في جمله ولغته ينبغي أن تكون قريبة من المستوى العلمي للمتلقي .
مخطط المقال بالنمط التفسيري
المقدمة : تعريف الظاهرة
صفاتها :قصيره مكثفة
متن المقال : تنقسم إلى فقرتين غالبا
الفقرة الأولى : مدخل تمهيدي قصير لا يتجاوز السطر ثم ذكر الأسباب .
الفقرة الثانية : ربط الفقرة بالفقرة السابقة من خلال عرض النتائج المترتبة على تلك الأسباب .
الفقرة الثالثة
إذا كانت الظاهرة سلبية. فينبغي تقديم الحلول .
إذا كانت الظاهرة إيجابيه , فينبغي تقديم مقترحات تطويرية
المقالة ( النمط البرهاني )
مقدمة لا بد منها:
فن من الفنون الأدبية التي أثرت وتأثرت بالصحافة من جميع النواحي وهنا لا بد لي من الإشارة إلى التأثير اللغوي بالدرجة الأولى, فقد استطاعت الصحافة أن تجعل من لغة المقالة لغة سهلة واضحة بعيدة عن التقعر اللغوي, قريبة من لغة الحياة اليومية, وذلك لأنها تستهدف العامة من الشعب وليس المتخصصين فحسب .
هذا وقد جعلت كاتبها يعتمد على الأساليب التي تجري مع الطبع دون تكلف, أو صنعه .
أما من حيث الشكل فقد أصبحت قصيرة لتناسب عصر السرعة الذي نعيشه الآن .
هي مقدمه موجزة كان لابد أن أتوقف عندها, لأجعل منها مدخلا إلى النمط البرهاني في الكتابة الذي سأعرضه بشكل موجز وهنا لابد أن أشير ولو في عجالة إنه يترتب على الكاتب أن يعلم بأنه ليس المبدع الوحيد في عملية الكتابة, بل يشاركه في عملية الإبداع هذه المتلقي, ومن هنا تأتي أهمية معرفة الكاتب للفئة المستهدفة من حيث درجة الوعي والتعليم والبنية الاجتماعية والاقتصادية ليجعل من كلماته مفاتيح تنير الدروب وتضيء الزوايا المظلمة أو لتحريك المياه الراكدة في منظوره ورؤيته التي ينبغي أن تكون قد تكونت قبل الشروع في الكتابة, وأقصد بالرؤية موقفه الفكري والفلسفي من الحياة وقضاياها ….
النمط البرهاني
من إحدى الأنماط الكتابية التي تعزز الفكر بالبراهين والأدلة, وذلك بغية تأكيد هذه الأفكار في ذهن المتلقي, ودفعه إلى عدم التسليم أو الإقرار بأي فكرة دون أن يكون بجانبها الدليل الذي يثبت صحتها, وفي الوقت نفسه يعزز ثقة القارئ بالكاتب, الذي يحترم المتلقي و يدعمه بالمنطق السببي أو الاستدلالي لديه.
مخطط المقال بالنمط البرهاني
1-المقدمة
2-العرض
3-الخاتمة
وإليك خصائص كل منها :
المقدمة:
يجب أن تهدف المقدمة إلى تحفيز عقل المتلقي وتشويقه لمعرفة ما سيترتب عليها من نتائج, كأن يعمد إلى طرح عدة أسئلة بشكل سريع ومقتضب دون أن يجيب عنها، ليتفاعل المتلقي مع الموضوع وليجعل مشارك فعلي في قراءة المقال وذلك بعد عملية التحفيز التي بدأها في مقدمته وللكاتب هنا حرية الاختيار في الطريقة التي يراها مناسبة لتحفيز ذهن المتلقي على أن تكون :
قصيرة, مكثفة, محددة الأهداف
وكنموذج بسيط على سبيل المثال :
هل تعلم إن عدد سكان الأرض قد تجاوز سبعة مليارات, فهل تساءلت مثلا كيف يؤمنون غذائهم؟, أو ماهي وسائل الإنتاج التي يعتمدون عليها ؟, بل هل هناك في الحدود الدنيا عدالة ما في توزيع هذا المنتج أو ذاك
العرض : وهنا ينبغي معالجة الأفكار التي وردت في مقدمة المقال وتنقسم إلى فقرات .
الفكرة الأولى : وتنقسم إلى فقرتين :
الفقرة الأولى : تبدأ بإضاءة بسيطة, ثم عرضها بشكل واضح وسلس . وينبغي أن تكون واضحة بسيطة
الفقرة الثانية : استخدام إحدى أدوات الربط المنطقية ثم عرض الدليل الذي يدعم الفكرة التي طرحها الكاتب .
وعليه الفكرة الأولى مكونة من فقرتين منفصلتين ولكن يربط بينها الكاتب باستخدام أدوات الربط .
وهكذا دواليك في كل فكرة يعرضها كاتب المقال. وعلى الكاتب أن لا يكثر من الأفكار
_أنواع الأدلة التي ينبغي أن يستخدمه كاتب المقال :
1-أدلة علمية
2-أدلة واقعية
3-حكمة خبير
4-تجارب المفكرين وحياتهم
أو أي دليل آخر حسب موضوع المقال
الخاتمة :
ملاحظة ( ليست مجالا لعرض افكار جديدة لأن كل فكرة يطرها الكاتب هنا ينبغي أن تدعم بالدليل والبرهان , إلا إذا أراد الكاتب أن يدفع بالمتلفي إلى آفاق جديدة )
إذا غالبا ما يختم الكتاب مقالته بعرض النتائج التي توصل إليها بشكل موجز ومعبر
هذا النمط يناسب كلا من المقالات العلمية والأدبية بغض النظر عن موضوعها الذي يحدد نوعها, كأن تكون سياسية, اجتماعية, فكرية………..
كما يمكن للكاتب هنا دمج نمطين كتابين في آن معا كأن يستمد في طرح بعض فكره بالنمط التفسيري
وعلى الكاتب أن يكون ملما بأدوات الربط السببية والمنطقية منوعا بين الصيغ الإنشائية, والخبرية .
وعموما الصيغ الإنشائية تساعد على الانفعال العاطفي وتخرج إلى أغراض بلاغية متنوعة .
وهي أساليب الأمر والاستفهام والتمني والنداء …..
أما الخبر فيساعد على الهدوء في الانفعال العاطفي ويهدف إلى نقل المعلومات من خلال الشرح والتفصيل ولأنها خبر والمقصود بالخبر أي نقل معلومة جديدة يجهل مضمونها المتلقي وعليه ينبغي الاعتماد على الأدلة والبراهين
……يتبع