إدريس سالم
مَن المُخنّث؟ ولم الهروب؟
تخنّث عضويّ وآخر نفسيّ وثقافيّ واجتماعيّ وسياسيّ، وما بينهما من تجانس أو تنافر قصّة حبّ تلقى حتفها سرياليّاً، ووطن يتشرّد داخل مجتمعاته وقضاياه المخنّثة. إيروتيكيّة مفرطة حاضرة بطغيانها في مشاهد سينمائيّة. مجتمع لا يقدر على تحديد هويّته بنفسه. أرواح خنثى وأخرى مركّبة. حقوق منهوبة هنا وهناك. مراسلات عاطفيّة وفلسفيّة للبقاء على قيد وطن لم يبقَ منه شيئاً. تغلغل لا زال معهوداً في الطرح والمعالجات. استسلام لبلادة العقل العشائريّ ومفاهيمه الشرقيّة المتناحرة في رجعيّتها. لغة شاعريّة متوتّرة وقلقة في استعاراتها ومجازاتها، تحرّك دهشتها الجامد والمنتصب وتستنطقه. عوالم فنّيّة جماليّة. سرد يركب عنق الحبكة في إطالات مستعصيّة، ومتوازيات مترنّحة في إداناتها وتبريراتها. رواة يلعبون على الحبال. شخوص عبثيّة فوضويّة وملعونة بتصدّعاتها وانكساراتها وهلوساتها. زمكانيّة مفتّتة ومفكّكة…، والكثير من التأويلات الإشكاليّة التي تحملها «خيط واهن»، وتثقل الكواهل.
بعد أن خاض برفقة «شاهو وهتاو» صراعاً عقيماً في أحضان الرياح والجبال، كرّاً وفرّاً في حضرة الرصاص والحرمان والكبت، فوُلِدت روايته «الأوتاد»، ليعلن وبعد ثمانية عشر عاماً قيامة ثورة عارمة على اللغة والفكر ويؤجّجهما مع «كُوْرستان ونَازُو» في رواية «فوضى الفوضى»، محارباً عفونة المجتمع وخيانات الجبال وحماقات الأقدار، فيأتي عام 2019م ليتعالى في روحه أصوات المآتم، حين استظلّ بخراب «هيمَن» وجرأة وشجاعة «مَانو»، فنطقَنا بآلام رواية «هيمن تكنّسين ظلالك». وها هو اليوم ينطلق بنا نحو رحلة غريبة عنه كروائيّ، وعنّا كقرّاء ونقّاد، فيفكّك طلاسم ثنائيّة الجنس في شخصيّة أحد أبطاله، ويسقطها على عدّة جبهات تأويليّة، فلا يرمي خيوطاً واهنة فحسب، بل شِبَاكاً مقهورة مضعوفة، ليرفض أن يتناول طرائق تعامل الشرع مع الخنثى أو مَن يعانون من اختلالات النمو التناسليّ «ماذا يوجد في فردوسك هناك؟ لا شيء إلا العدم!»، ليكتفي تناولاً اجتماعيّاً نفسيّاً فيزيولوجيّاً.
يقول جان بابير: «كلّهم يودّون أن يملؤوا جسدي بالعواء والنباح».
ويقول أيضاً: «كان لزنار وجه جميل وروح أجمل، وخلقته يا ربّي في أحسن تقويم كما بيّنتَ في كتابك وشرعك، وهل سماؤك تحتاج إلى روح لتعذّبه روحي هنا وأنت لديك ملايين الأرواح منذ الخليقة؟ لماذا منحتني الذلّ؟ هل يعني أنك تعلو بمجدك على أطلال عذاباتنا؟ لماذا أعاتبك وأنا هجرتك منذ زمن؟ لن أعود إليك، ماذا يوجد في فردوسك هناك؟ لا شيء إلا العدم!».
يبني الأديب الكرديّ جان بابير من خلال (158) صفحة، وبطريقة الاسترجاع الفنّي «فلاش باك» أحداث روايته «خيط واهن» النفسيّة الاجتماعيّة – الصادرة عام 2020م عن دار «آفا» للنشر والتوزيع في مدينة كوباني/ سوريا – من النهاية إلى البداية، فيسرد القصّة من خلال وجود «تاجين» الخنثى، الذي لا يشبه الآخرين؛ إذ في داخله أنثى، إلا أنه يقلّد الرجال بعمله وهندامه وسلوكه اليوميّ، نتيجة سيطرة المجتمع الذكوريّ، خلال فترة بقاء «بَريشَان» معه في منزل كبير وحالة اجتماعيّة ميسورة، فتسيّران القضايا والأحداث والمواقف الشائكة، وترصدان الزمكانيّة، ونتيجة الفراغ الكبير الذي تعيشه بَريشَان مرغمة، يجعلها تلجأ إلى قراءة رواية، تتعرّف من خلالها إلى كاتب يدعى «محمد خان»، وتقرّر أن تكتب عن حياتها على شكل رواية بمساعدة خان.
هكذا تبدأ القصّة وتتشابك القضايا بين التخنّث واللا تخنّث، لتنطلق من مدينة كعق، والتي رمز بها إلى المدن الكبرى في غربي كردستان «كوباني – عفرين – قامشلو»، حيث تبدأها بَريشَان الفتاة الحالمة العاشقة والمثقّفة بكتابة الرسائل إلى محمد خان، الذي كانت تعشق كتاباته، إلى أن تزوّجته وأكملا حياتهما في كوخ بأعلى جبل ما.
انهضي يا هِيزَا (بَريشَان):
«كانت تحت بصر الربّ مباشرة، تمارس أشياء أبعد من قناعاتها المكتسبة؛ لتشيد مزاجيّتها المطلقة كمنظومة أخلاقيّة تخصّها وحدها دون كلّ الناس».
بَريشَان ابنة حمو الظالم والجاهل. تسهر لدرجة الإفراط؛ ملعونة بعشقها للقراءة والكتابة. تقيم في مدينة كعق، بعد أن أجبرت على ترك الجامعة في قسم الآداب وهي في سنتها الثالثة. عشقت زنار، ومارست جنون الحبّ وطقوس الجنس معه. حلّ موته المفاجئ اغتيالاً في الخدمة العسكريّة على روحها كارثة وخراباً، لتتزوّج لاحقاً من تاجين، الذي حطّم ما تبقّى منها بإصبعه؛ بأن جعلها ألعوبته ورقّاصته، مهدّداً إيّاها بالفضيحة، لتقول في نفسها: «الدم هو الختم الشرعيّ على الفرج، هو حبر الحقيقة الذي تُدوّن به سجلات الشرف؛ ليمتلك كلّ طرف الآخر في دورة الزواج واستمراريّة الحياة». باتت معه شبه حيّة وشبه ميّتة، فأصبحت قطعة أثاث منزليّ. بَنت لنفسها عالمها الخاصّ؛ إذ كانت تتقمّص عادات وأفكار الشخصيّات في الكتب التي تقرؤوها. رأت زواجها كعقد قران كاثوليكيّ؛ لتسكن مع خنثى تحت سقف العادات وسوط الفضائح. خانته خيالاً آلاف المرّات مع عشيقها الشهيد، بينما كانت تتأوّه على الفراش المجعّد من السبّابة والوسطى. شخصيّة مركّبة من انفصامها لصراعاتها وتصدّعاتها النفسيّة، وضعفها واستسلامها لواقع العادات والتقاليد الاجتماعيّة، إلى عاطفتها الغزيرة التي تأخذها إلى الخيال، يسحبها نحو الذاكرة حيث أزقة دمشق والهواجس واللحظات الجميلة، إلى شخصيّة مثقّفة توعويّة قويّة.
اسم يتدحرج بين المذكّر والمؤنّث (تاجين):
«أنا الآن تاج الدين، وبعد ساعة سأكون غيره بتصرّفاتي وسلوكي، الآن نبرة صوتي المقلّد الخشن تختفي، تشبه حالة الفصام، ويحلّ محلّها صوت رفيع حادّ كالشفرة، ربما لامرأة جميلة تسكنني، ولسنوات طويلة بدت تلك الفكرة ساذجة ومضحكة، ألا تكون أنت، إنما شخص آخر داخل ثيابك».
تاجو أو تاجين أو تاج الدين. سمين. طويل. ضخم الجثّة. خنثى؛ نصف ذكر قوّاد ونصف أنثى عاهرة. يعاني في تركيبه الفيزيولوجيّ خللاً غير طبيعيّ، حيث عجنته تلك التركيبة على السادومازوشيّة، إذ يصارع حالته هذه كلّما تعلّق الأمر بالحبّ والجنس. عانى صراعاً نفسيّاً مريراً مع أسئلة لا إجابات لها، في عالمه الذي يقوده مجتمع أُمّيّ متخلّف. بعد أن عرفت «رَوشَن» ابنة عمّه بحالته، الأمر الذي أدّى إلى فشله في ممارسة الجنس معها، ليتقمّص شخصيّة رجوليّة هشّة. أنّبه ضميره، فأخبر صديقه «سعيد» بقصّته وسرّه، ليهيّأ لزوجته سهرة معه، الذي مارس معها الجنس عدّة مرّات.
وحدك الأمل (محمد خان):
«اللقاء كان في حديقة فيكتوريا في أثينا، يتجسّد كلّ ذلك أمامي، الوقت كان خريفاً، التقى طاعنان في الألم على أرصفة الغربة، كظلّ وضوء اختلطا، لا وجود للظلّ بلا شمس، وجدنا معاً ليكون كلّ واحد منّا معنى للآخر».
كاتب وروائيّ كرديّ. مقيم في ألمانيا. مؤلّف روايتي «حبّ في شارعنا الخلفيّ» و«ما وراء الشاشة». أدمنت بَريشَان على قراءة رواياته لتأثّرها بها، فواظبت على مراسلته «هل هو جان بابير نفسه؟ وفي المقابل من الواقع مَن تكون بَريشَان؟». دخول خان الذي يملك فلسفة خاصّة بالحياة والإنسانيّة إلى عتبة النصّ كان غامضاً. تزوّج منها، فعانقت زنار فيه. قرّر مع بَريشَان التي لجأت إلى أوروبا بعد وفاة تاجين بحادث سير، هرباً من سبع سنوات عاشتها اشمئزازاً وإكراهاً مع إصبعه، للعودة إلى قرية «مزار جان»، فتتحوّل هناك إلى «هيزا»، الإنسانة المبعثرة على عدّة أماكن، فتكمل بقية حياتها معه بحبّ وإخلاص ووفاء، بعيداً عن ضجيج مواقع التواصل الاجتماعيّ وأحقاد البشر.
تأويل العتبة الروائيّة:
إن التلاعب العميق في تقنيّة الراوي من حيث انتقال الفقرات والفصول على لسانه (الكاتب نفسه)، أو على لسان الراوي الضمنيّ (أبطال الرواية)، أو بالراوي الطارئ (الحوارات) أرهقت وأدهشت الرواية في نفس الوقت، خاصّة وأنه مزج الأسلوب بالسرد النمطيّ والمراسلات، فلكلّ راوٍ حديثه وطريقة قيادته لما يجري وسيجري.
الرمز كان سلاحاً ذي حدّين في هذه الرواية، التي كانت تتمايل بين الإطالة السرديّة المشتّتة لتدفّق الفكرة، والإرهاق الفكريّ العميق الذي يقودنا بأن عقليّة المجتمع الكرديّ في مدينة «كعق» أو مدن غربي كردستان هي عقليّة مريضة بحاجة إلى عمليّات جراحيّة كثيرة ومعقّدة في القلب والروح والفكر والعلم والمعرفة، وحتى الاقتصاد والسياسة، فرمز بتاجين الخنثى إلى الخنثى الحقيقيّة والكاذبة، ألا وهي المجتمعات المتخلّفة، التي تفعل الشنائع والفجائع في العلن والسرّ، تؤمن بالحبّ وعلى الواقع تزرع المواجع، ترفع إخاء الدم سلاحاً وفي الشدائد تخون وتحتقر وتفرّق، ليصرخ جان عبر كلّ فصوله وشخوصه وتقنيّاته، في أن نتجنّب إنجاب هكذا مجتمعات، وأنه لا خلاص لنا من حاضرنا البائس وماضينا المظلم إلا بأن نجعل القراءة طقساً من طقوس العبادة.
وفي تفاصيل إصبع تاجين تكمن أولى بذور المعاناة والقضية الجوهريّة، حيث يؤكّد بابير أن هناك شريحة كبيرة من المجتمع الكرديّ خاصّة والمجتمعات السوريّة بشكل عامّ وُلدوا ونقص وتشوّه أصابهم، حيث أن بعضاً من أعضائهم لا تقوم بوظيفتها، وثنائيّة الجنس أو الخنثى هو ثنائيّ الشكل؛ يتأرجح بين أعضاء ذكريّة وأخرى أنثويّة، فأراد أن يرصد هذه الشخصيّة جسداً ورمزاً في آن واحد، ويسقطها على الحالة الاجتماعيّة والسياسيّة لمجتمعه؛ وأن إلحاق المدن الكرديّة بدول محتلّة تشبه حالة زواج بَريشَان من خنثى.
فكرتان مرهقتان:
عانت قضية ثنائيّة الجنس المطروحة هنا (وهي مرض أو خلل وراثيّ ناتج عن عدم الانفصال الكرُومُوسُومي أو الصِّبغِيّ، والذي من شأنه إحداث هذا الاختلال بالصفات الوراثيّة للمولود الذكريّ)، من فكرتين غير مفهومتين لم يوضّحهما الكاتب، الأولى: لربما قارئها وعلى طول صفحاتها يسأل ويستغرب من أنه كيف لم يشعر أهل تاجين بخنوثته، وخاصّة أمّه التي كانت تغسّله وترعاه لأكثر من عشر سنوات، أيعقل أن أهله إلى هذه الدرجة جَهلة وأُمّيّون، ولم يشعروا يوماً بوضع ابنهم، أو يلاحظوا عليه أيّ ملامح أو سلوكيّات تدلّ على خنوثته؟
الثانية: هي عدم خوض الكاتب لتفاصيل بدء علاقة التعارف والتواصل بين بَريشَان ومحمد خان، وأيضاً بين بَريشَان وزنار، ولاحقاً بينها وبين تاجين، فغاب الاسترسال السرديّ عن ولادة هذه العلاقات، التي اتّسمت بالإبهام والإشكال، ولم تقنع القارئ.
لقد حاول بابير أن ينفذ في هذه الرواية من لغته الشاعريّة ورفضه المطلق لتغييب التعابير والمشاهد الإيروتيكيّة عن لغته أسلوباً وصورة سينمائيّة، لكنه فشل، ليقول: هذا أنا، الحرّ في ذاته وحياته وقلمه، وإن كنت لا تريدني، فاحترمني وغادر عالمي. بذلك الكلام يؤكّد لنا أنه لم يقصد بالإيروتيكيّة الحالة الجنسيّة السائدة، وليس العضويّة البيولوجيّة، ولا العلميّة أو البورنوغرافيّة، ولا حتى الشعبيّة الشفهيّة، بل الإيروتيكيّة الجماليّة، الروحيّة من الجنسيّة، والعاطفيّة من العلميّة، والوصفيّة من العضويّة، والشعوريّة في البورنوغرافيّة، وأخيراً العشقيّة من الشعبيّة الشفهيّة.
كلاسيكيّة، ولكن:
«خيط واهن» هي رواية ممزوجة بأدب المراسلات، ولو بشكل متفاوت، أو بطريقة جديدة قديمة، فقد انتشرت هذه الظاهرة الأدبيّة الجميلة في القرن العشرين، كتلك التي راسل بها الأديب الألمانيّ فرانتس كافكا للصحفيّة والكاتبة التشيكيّة ميلينا يسينيسكايا، من خلال كتاب «رسائل إلى ميلينا»، وأيضاً المراسلات العاطفيّة في كتاب «رسائل غسّان كنفاني إلى غادة السمّان»، حيث نشرته الأديبة السوريّة غادة السمّان، محتوية على مراسلاتها مع غسّان كنفاني، كما وُثقت قصّة حبّ بين جبران خليل جبران ومي زيادة، عبر رسائلهما المتبادلة، جُمّعت في كتاب «الشعلة الزرقاء»، لتتميّز بعدم لقاء بطليها على أرض الواقع، وأيضاً «رسائل إلى فيرا»، الذي ضمّ بين دفّتيه رسائل الكاتب الروسيّ فلاديمير نابوكوف إلى زوجته الكاتبة والمترجمة الروسيّة «فيرا نابوكوف»، والكثير من المراسلات العاطفيّة والفلسفيّة والفنّيّة التي جمعت بين الأدباء والفنّانين والفلاسفة.
باختصار: الخيط الواهن هو الخيط الذي لا يريد تاجين قطعه والتخلّص من وهنه، بأن يجري عملية جراحيّة، تفضي إلى حياة صحّيّة سعيدة ومتصالحة، رغم فجائع المجتمع ومستنقعات (القيل والقال). الخيط الواهن هو الخيط الذي لم تتمكّن بَريشَان التحرّر منه، فتحاول الهروب من ذاكرة زنار، إلا أن الذاكرة لعنة – فضيحة تلاحق الإنسان حتى بعض مماته. الخيط الواهن هو الخيط الذي يتشبّث به سكان مدينة كعق «أبناء الرياح والجبال»، خيط الجهل والأُمّيّة، وفقدان الهويّة وعدم الوصول إليها، خيط تغيير العقليّات والسلوكيّات المجتمعيّة العدوانيّة، بمعاصرتها للواقع الجديد. الخيط الواهن هو خيط الحزن والتعاسة والصفعات والاستسلام لقدر جائع مسعور.
فيما يلي، اقتباسات – أقوال وردت في الرواية التي أفضّل «هيمن تكنّسين الظلال» عليها؛ لغياب المتعة الفكريّة والتشويق اللغويّ وبعض الكوميديا الساخرة، وارتأيت أن أنهي بها قراءتي الأدبيّة هذه:
· النار مع النار لا تفلح.
· كلّهم يودّون أن يملؤوا جسدي بالعواء والنباح.
· ترتدي الحزن لباساً داخليّاً، والبؤس لباساً خارجيّاً.
· حتى في يأسها لم تذكر الله.
· الجسد يهلك، والمخيّلة في مجد نشاطها.
· إن فتحت رؤوس نصف سكان كعق لوجدت في كلّ رأس عشر نساء عاريات.
· اليوم عرفت كيف كان أجدادنا يسجدون للشمس؟ أنت شمسي، وعرفت حكمة الفلسفة من الأصابع، والتصوّف من نهديك، واكتشفت صوتي؛ كيف يغنّي الحبّ والوطن؟!
· القبلة كما مفهوم الربّ ليس لها تفسير.
· الدم هو الختم الشرعيّ على الفرج، هو حبر الحقيقة الذي تُدوّن به سجلات الشرف؛ ليمتلك كلّ طرف الآخر في دورة الزواج واستمراريّة الحياة.
· كان لزنار وجه جميل وروح أجمل، وخلقته يا ربّي في أحسن تقويم كما بيّنتَ في كتابك وشرعك، وهل سماؤك تحتاج إلى روح لتعذّبه روحي هنا وأنت لديك ملايين الأرواح منذ الخليقة؟ لماذا منحتني الذلّ؟ هل يعني أنك تعلو بمجدك على أطلال عذاباتنا؟ لماذا أعاتبك وأنا هجرتك منذ زمن؟ لن أعود إليك، ماذا يوجد في فردوسك هناك؟ لا شيء إلا العدم!
· بربّك الذي هناك ماذا يعني غشاء البكارة؟ اسأله!! إن كان جريمة فلماذا أوجده؟!
· الكتابة تشبه ضخّ دماء جديدة في جسد على وشك الموت والنسيان.
· الأتراك يشبهون عضوي الضامر الغريب، الذي زُرع في هذه المنطقة بلا انتماء وبلا جذور، وحتّى أنهم لا يملكون لغة القذف!
· أنا الآن تاج الدين، وبعد ساعة سأكون غيره بتصرّفاتي وسلوكي، الآن نبرة صوتي المقلّد الخشن تختفي، تشبه حالة الفصام، ويحلّ محلّها صوت رفيع حادّ كالشفرة، ربما لامرأة جميلة تسكنني، ولسنوات طويلة بدت تلك الفكرة ساذجة ومضحكة، ألا تكون أنت، إنما شخص آخر داخل ثيابك.
· كانت تحت بصر الربّ مباشرة، تمارس أشياء أبعد من قناعاتها المكتسبة؛ لتشيد مزاجيّتها المطلقة كمنظومة أخلاقيّة تخصّها وحدها دون كلّ الناس.
· النساء يشبهنَ المدن، منهُنّ جميلات ومُنتظمات، وأخريات مهملات ومحتلّات كمُدن جغرافيتنا المتردّدة على حدود دولتين ورجلين.