كتاب صرخات انسانية:

محمود بريمجة

توَطِئـَةٌ ..
يُطِلقُ الإنسانُ صَرختَهُ الأولى عندَ الولادةِ إيذاناً بانتقالِهِ من حياةِ الرَّحِمِ الهانِئَةِ المُطمئنِّةِ إلى الحياةِ الواقعيَّةِ المُفعَمةِ بالصَّرَخاتِ، و عبرَ مراحلِ حياتِهِ ، يبدأُ بإطلاقِ صَرَخاتِهِ المُدوِيَّةِ، و قد تكونُ إحداها القاضيةَ التي تضعُ حدَّاً لحياتِهِ ، و تتباينُ الحَيَواتُ بينَ إنسانٍ و آخرَ، فرُبَّما يعيشُ أحدُنا حياتَـهُ هانِئةً سعيدةً بصرخاتٍ سطحيَّةٍ ذاتِ ألمٍ خفيفٍ، و آخرُ يحياها في بَوتَقَةِ الصَّرخاتِ، ما إنْ تحرَّرَ من إحداها حتَّى يبتليَ بالأخُرى ، فتغدو حياتُهُ مأساةً بمِسْحةٍ سوداءَ .
بيَدَ أنَّ هُناكَ أنُاسٌ يُطلقونَ صرخاتِهمُ المُوجعةَ، و التي تهُزُّ كَيانَهمُ الإنسانيَّ، بعيداً عن أسماعِنا ، و دونَ أنْ يحظَوْا بمَنْ يحتضِنُ صرخاتِهم و يُواسيهم ، كالمُعتقَلِ المُعذَّبِ المَنسيِّ بينَ مَخالبِ الجلَّادِ الظَّالمِ، و المُحتَجِّ على الدَّمارِ الذي حلَّ بوطنِهِ ، فيدعو بصرختِهِ إلى إحقاقِ الحقِّ، و وقفِ العدُوانِ على شعبِهِ، و ثالثٍ يُجسِدُ بصرختِهِ مُعاناةَ اللُّجوءِ و الضَّياعِ، و هُناكَ مَنْ فَقَدَ أعزَّ أحبابِهِ فرَثاهُ بصرختِهِ الباكيةِ ، و آخرونَ يطُلقوِنَ صرخاتِ ألَمٍ مُختلفةً .
ابتغَيْتُ في عملي هذا تجسيدَ تلكَ الصَّرخاتِ ما أمكنَ، عَلَّني أوصِلُ مُعاناةَ أصحابِها إلى ذوَي الضَّمائرِ الحَيَّةِ ، فيتعاطفونَ معَ تلكَ الأرواحِ التي انتهُِكَتْ حقوقُها الدُّنيويَّةُ، فرحلَ بعضُهم عنِ الدُّنيا، و لا زالَ آخرونَ يُكابِدونَ المأساةَ، و يُطلقونَ صرخاتِهم المُوجِعةَ .
يتضمَّنُ العملُ ثلاثاً و ثلاثينَ صَرخةً، تنوَّعَتْ بينَ قصائدِ نِظامِ الشَّطرَينِ و الشَّطرِ الواحدِ المَوزونةِ، و القصائدِ النَّثرِيَّةِ، فأرجو منَ اللّٰهِ تعالى إدراكَ مُنيتَي فيما أبتغي، فإنَّهُ وحدَهُ وَليُّ العِزَّةِ و التَّوفيقِ .
ترُكيا – هاتاي : ٢٤/٣/٢٠١٩م.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

حاورها: إدريس سالم

ماذا يعني أن نكتب؟ ما هي الكتابة الصادقة في زمن الحرب؟ ومتى تشعر بأن الكاتب يكذب ويسرق الإنسان والوطن؟ وهل كلّنا نمتلك الجرأة والشجاعة لأن نكتب عن الحرب، ونغوص في أعماقها وسوداويتها وكافكاويتها، أن نكتب عن الألم ونواجه الرصاص، أن نكتب عن الاستبداد والقمع ومَن يقتل الأبرياء العُزّل، ويؤلّف سيناريوهات لم تكن موجودة…

إبراهيم أمين مؤمن

قصدتُ الأطلال

بثورة من كبريائي وتذللي

***

من شفير الأطلال وأعماقها

وقيعان بحارها وفوق سمائها

وجنتها ونارها

وخيرها وشرها

أتجرع كؤوس الماضي

في نسيج من خيال مستحضر

أسكر بصراخ ودموع

أهو شراب

من حميم جهنم

أم

من أنهار الجنة

***

في سكرات الأطلال

أحيا في هالة ثورية

أجسدها

أصورها

أحادثها

بين أحضاني

أمزجها في كياني

ثم أذوب في كيانها

يشعّ قلبي

كثقب أسود

التهم كل الذكريات

فإذا حان الرحيل

ينتبه

من سكرات الوهم

ف

يحرر كل الذكريات

عندها

أرحل

منفجرا

مندثرا

ف

ألملم أشلائي

لألج الأطلال بالثورة

وألج الأطلال للثورة

***

عجبا لعشقي

أفراشة

يشم…

قررت مبادرة كاتاك الشعرية في بنغلادش هذه السنة منح جائزة كاتاك الأدبية العالمية للشاعر الكردستاني حسين حبش وشعراء آخرين، وذلك “لمساهمته البارزة في الأدب العالمي إلى جانب عدد قليل من الشعراء المهمين للغاية في العالم”، كما ورد في حيثيات منحه الجائزة. وتم منح الشاعر هذه الجائزة في ملتقى المفكرين والكتاب العالميين من أجل السلام ٢٠٢٤…

ابراهيم البليهي

لأهمية الحس الفكاهي فإنه لم يكن غريبا أن يشترك ثلاثة من أشهر العقول في أمريكا في دراسته. أما الثلاثة فهم الفيلسوف الشهير دانيال دينيت وماثيو هيرلي ورينالد آدمز وقد صدر العمل في كتاب يحمل عنوان (في جوف النكتة) وبعنوان فرعي يقول(الفكاهة تعكس هندسة العقل) وقد صدر الكتاب عن أشهر مؤسسة علمية في أمريكا والكتاب…