يوميّاتُ امرأةٍ شتائيّة

فراس حج محمد/ فلسطين

(1)
اليومَ 
وتحت الندفِ في المدينة الشاعرةْ
بكتِ الخطوة كسلى
ولجّت في الحنينْ
دارت حول موطئها 
ولم تنظر إلى شيءٍ جديدْ
***
اليومَ
قامت ساعتي ترعشُ بين أقواس الحذرْ
تُلقي السؤالَ على السؤالْ
تعتلّ اثنتا عشْرة عيناً في الهواء 
تحدّق فيها
ولم تخطُ إلى معنىً جديدْ
***
اليومَ
لا شعرٌ سينفع كاتبيه وقارئيه
وليس يصعد نحو القافية
حرفان من ماء وطينْ
وتحترق الجملة من تلقاء لفظتها الأخيرةْ
وتصمّ قرقعة المغنّين الكسالى عن البيت الجديدْ
***
اليومَ
ليس هناك رسالة منها سوى 
سطرين عاديّين 
مسترقين في وقت قصير الظلّْ
ولم تجد القواميس الثريّة لفظها وتمنّعت عن اللفظ الجديدْ
(2)
تقلقني 
كتلك الجملة الْـــ مَرّتْ
وتوقفني على حدسينِ 
مندهشاً 
كما تبغي
وترسم في مَكْر واضحٍ نجماً وشمسْ
أقول لها: كوني كذبة شفّافة بيضاءَ
تأخذني بعيداً عن مجاز الآنْ
أقول لها: لا تكذبي مثل باقي الشعراءْ
فتأخذني إلى حَرْفيّة المعنى
وتكذبْ
(3)
شهرزادُ يراعُ المحبرةْ
ترتق ألفاظَ الغلاف الخارجيِّ لوحيِ نصّ
تعلّقُ الكلماتِ أثماراً على شفتيَّ
تزهرُ
في راحتيها لحن همسْ
مختالة مثل الضياءْ
مثل خطو الكبرياءْ
تحرسُ الأحلام في ولهِ الدّماءِ مع الدماءْ
ترتديني فكرة عليا 
نغنّي في اتّحادٍ حُلْوَ جِرْسْ
(4)
أغمضتُ عيني
أردّ بعضي نحو بعضي
أصلّي على أطرافكِ الملأى بذاتي
أراكِ نبيّةً
تشعلُ البخور في رؤيا الصَّلاةِ
أغمضتُ عيني
كي أراكِ هناكَ نور ملائكةْ
ولحن عطر قرنفلةْ
أشربُ من راحتيكِ ملذّتي المترائيةْ
أغمضتُ عيني 
أشرقتِ فيّ إلهةً متساميةْ
(5)
أستعمل معها الكناية كي أواريَ ما تعرّق من عروقي السائلةْ
أكتبُ شيئاً سريعاً كي أوثّق ضوءها المنساب في ذاكرتي
ولا أمضي لشيء غيرها
هل أهاتفها؟
وهل ستأتي مثل موج الصوت كركرة العذوبة في غدير الماءْ؟
(6)
تذكرت للتوّ “حبيبتي تنهض من نومها”
ماذا ستفعل بعد ليلة عنيفة معي
ورقصة (سامبا) سريريّة ممتدّة حتّى بزوغ الضوء في أوصالنا؟
ربّما جاءت إليَّ ثانية تحمل نفسها لنغسل ما تبقى من غرابتنا
وربّما تمطّت في السرير قليلاً وهْي تخاف على نفسها من برد كانون الصباحيِّ العنيف من بعد ما هطلت من الدفء في قلب السرير
ها هي الآنَ معي
تنتصب بقامتها المخضرّة التفاحْ
تتهادى كحوريّة
تسكب في جسدي أبيض عطرها الشفّافْ
وتحمل الصبح المعنبر في قَدَحٍ من السكّر
(7)
وتفجّري مثل النّهَرْ
حبّاً وشعراً ومـطرْ
فيضي عليَّ شهيّة
وبهيّــة في كلّ أمرْ
دفئي ومائي والهوى
تجري إلى ذاك المقرّ 
جِنّي بحبّي وانتشي
جسداً ربيعيّاً قمرْ
شباط 2021

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صبري رسول

 

توطئة للفسحات:

يهندس خالد حسين أشكال الحب في قصيدة: واحدة، في مجموعته رشقة سماء تنادم قلب العابر الصادرة عن دار نوس هاوس بداية 2025. المجموعة عبارة عن أربع فسحات، وهي الفهرسة الهندسية الخاصّة التي تميّزت بها، أربعة أقسام، كلّ فسحة مؤلفة من أربع فسحات صغرى معنونة، وتحت كل عنوان تندرج عدة مقاطع شعرية مرقمة وفق…

أصدرت منشورات رامينا في لندن رواية “ليالي فرانشكتاين” للروائيّ والفنّان الكرديّ العراقيّ عمر سيّد بترجمة عربية أنجزها المترجم ياسين حسين.

يطلّ عمر سيّد “ليالي فرانكشتاين”، حاملاً معها شحنة سردية نادرة تمزج بين الميثولوجيا السياسية والواقع الجحيمي، بين الحكاية الشعبية والتقنيات المعاصرة، ليقدّم نصاً مكثّفاً عن الجرح الكردي، وعن الوطن بوصفه جثةً تنتظر التمثال المناسب كي تُدفن…

عبد الجابر حبيب

 

يا لغرابةِ الجهات،

في زمنٍ لا يعرفُ السكون،

وعلى حافةِ قدري

ما زالَ ظلّي يرقصُ على أطرافِ أصابعي،

والدروبُ تتشابكُ في ذاكرتي المثقوبة،

ولا أحدَ لمحَ نهايتَها تميلُ إلى قبري،

ولا حتى أنا.

 

على الحافة،

أُمسكُ بزهرٍ لا يذبل،

يتركُ عبيرَه عالقاً في مساماتِ أيّامي،

كأنّه يتسرّبُ من جلدي

ثم يذوبُ فيّ.

 

الجدرانُ تتهامسُ عنّي،

تعدُّ أنفاسي المتعثّرة،

وتتركُ خدوشاً على جلديَ المتهالك،

كأنّ الزمنَ

لا يريدُ أن…

إبراهيم محمود

 

 

1-في التقصّي وجهيّاً

 

هي ذي أمَّة الوجوه

غابة: كل وجه يتصيد سواه

 

هي ذي أمة الوجوه

سماء كل وجه يزاحم غيره

 

هي ذي أمَّة الوجوه

تاريخ مزكَّى بوجه

 

ليس الوجه التقليدي وجهاً

إنه الوجه المصادَر من نوعه

 

كم ردَّدنا: الإنسان هو وجهه

كم صُدِمنا بما رددناه

 

كم قلنا يا لهذا الوجه الحلو

كم أُذِقْنا مرارته

 

قل لي: بأي وجه أنت

أقل لك من أنت؟

 

ما نراه وجهاً

ترجمان استخفافنا بالمرئي

 

أن…