تصحيح ركام الأوهام الموروثة

ابراهيم البليهي

 من غرائب البشر أنهم يضخمون أخطاء الرواد ويتجاهلون الإنجاز ات العظيمة التي حققها الرواد ويرددون مقولة (غلطة الشاطر) كتبرير لنقد الرواد العظماء … يجري الحديث حاليا في المجتمع العلمي في كل مكان عما يسمونه ( خطأ ديكارت) إن ديكارت هو مؤسس الفلسفة الحديثة وهو من أبرز الذين مهدوا لنشأة العلم الحديث بمعناه القائم على التحقق الموضوعي، وهو أعظم الذين مهدوا للتنوير الأوروبي الذي خلخل الجمود وفتح الآفاق وأضاء المسارات الحديثة للمجتمع الحديث …. عند نهاية القرن العشرين بات واضحًا أن العقل نشاط الدماغ وأنه لا يوجد كيانٌ للعقل منفصلًا عن هذا النشاط وهذا يتعارض مع ثنائية العقل والجسد التي قال بها ديكارت … 
إن ديكارت لم يبتكر هذه الثنائية وإنما سار على ما كان سائدا في كل العالم حتى عند فلاسفة الإغريق فالثنائية ليست من وضْعِه وإنما يلومونه على أنه كرس الثنائية ولم يقم بنفيها مع أن معطيات العلم في زمنه لم تكن تساعد في الوصول إلى هذا التحول النوعي العميق ….. صدرت كتب تحمل عنوان (خطأ ديكارت) ونسوا أن ديكارت من أعظم المفكرين الذين أيقظوا العقل الأوروبي ثم العقل البشري فقد نبه بقوة للتلبس التلقائي للجهل المركب المتوارث فهو يستحق التمجيد على بزوغه المبكر الخارق وكفاه هذا مجدًا أما تبديد كل الركام الموروث من الأوهام فهو أكبر من مجهود أي فرد …. الذين يلومون ديكارت هم أنفسهم بقوا حتى قرب نهاية القرن العشرين يعتقدون بثنائية العقل والجسد فرغم كل الكشوف العلمية في مجال الدماغ والعقل فإن تغيير الرؤية العلمية عن العقل لم تتحقق إلا بوثبة معرفية أنتجتها ذخيرة كثيفة متضافرة من المعارف …. كانت البداية الحقيقية لهذا التحول أعمال عالم الأعصاب أنطونيو داماسيو الذي أصدر كتابا بعنون (خطأ ديكارت) ثم أصدر كتابه (دور الجسد والعاطفة في صنع الوعي) وبعده توالت جهود العلماء والأطباء في تأكيد أن العقل نشاط الدماغ وأنه لا يوجد كيان عقلي منفصل عن الجسد …. ولكن هذا لا يقلل من الدور الريادي العظيم الذي نهض به ديكارت فقد أسهم في عقلنة التفكير وفي التحسس من الموروث وفي تأكيد ضرورة غربلة محتوى الأذهان ووضَع لذلك منهجًا ما يزال مرجعا للدارسين ……

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

جان بابير

 

الفنان جانيار، هو موسيقي ومغني كُردي، جمع بين موهبتين إبداعيتين منذ طفولته، حيث كان شغفه بالموسيقى يتعايش مع حبّه للفن التشكيلي. بدأ حياته الفنية في مجال الرسم والنحت، حيث تخرج من قسم الرسم والنحت، إلا أن جذوره الموسيقية بقيت حاضرة بقوة في وجدانه. هذا الانجذاب نحو الموسيقا قاده في النهاية إلى طريق مختلف، إذ…

عصمت شاهين الدوسكي

 

أنا أحبك

اعترف .. أنا احبك

أحب شعرك المسدل على كتفيك

أحب حمرة خديك وخجلك

وإيحاءك ونظرتك ورقة شفتيك

أحب فساتينك ألوانك

دلعك ابتسامتك ونظرة عينيك

أحب أن المس يديك

انحني حبا واقبل راحتيك

___________

أنا احبك

أحب هضابك مساحات الوغى فيك

أحب رموزك لفتاتك مساماتك

أحب عطرك عرقك أنفاسك

دعيني أراكي كما أنت ..

——————–

قلبي بالشوق يحترق

روحي بالنوى ارق

طيفي بك يصدق

يا سيدتي كل التفاصيل أنت ..

——————–

أحب شفتاك…

لوركا بيراني

في الساحة الثقافية الأوروبية اليوم، نلمح زخماً متزايداً من التحركات الأدبية والثقافية الكوردية من فعاليات فكرية ومهرجانات وحفلات توقيع لإصدارات أدبية تعكس رغبة المثقف الكوردي في تأكيد حضوره والمساهمة في الحوار الثقافي العالمي.

إلا أن هذا الحراك على غناه يثير تساؤلات جوهرية حول مدى فاعليته في حماية الثقافة الكوردية من التلاشي في خضم عصر…

محمد شيخو

يلعب الفن دوراً بارزاً في حياة الأمم، وهو ليس وسيلة للترفيه والمتعة فحسب، ولكنه أداة مهمة لتنمية الفكر وتغذية الروح وتهذيب الأخلاق، وهو سلاح عظيم تمتشقه الأمم الراقية في صراعاتها الحضارية مع غيرها. ومن هنا يحتلّ عظماء الفنانين مكاناً بارزاً في ذاكرة الشعوب الذواقة للفن أكثر من الملوك والقادة والأحزاب السياسية مثلاً، وفي استجواب…