ابتسامة طفلة أحيتني

عبد العزيز آل زايد

رغم الجرح هناك من يبتسم، رغم الألم هناك من يقاوم، نخط هذه السطور؛ حتى لا نغفل أن لنا بجوار البحر أشقاء يعيشون المعاناة، ويحتسون الألم وينزفون الجراح، فكم من طفل فلسطيني سحق؟، وكم من أرملة تشردت بأطفالها؟، نعلم أن هناك من الأدباء من لا تقف محابر أقلامهم عن الإنسكاب، فهل تكفي الحروف التي تخط على جبين الورق والقرطاس؟ 
من عاصر زمن طفولتنا وتذكر الريال الفلسطيني الذي نتشارك به نحن الطلبة مأساة الأخوة في المدن الفلسطينية، يدرك أن الأمة رغم الخذلان كانت بخير، ذلك الشعور الإنساني والأخوي الذي تربينا عليه، لايزال يصرخ فينا: “أغيثوا أطفال فلسطين، ارحموا الأرامل والمساكين”، وتمتد الصرخات، فهل لها من مجيب؟ 
الزمن السابق كانت اللحمة متجاورة رغم البعاد، واليوم نستطيع أن نتحسس الجرح بشكل أعمق، ويصلنا البث المباشر على مدار الساعة؛ ولكن كل واحد فينا مشغول بدنياه عن دنيا غيره، مغرقون نحن إلى الآذان عن هموم المحيط والجوار، فالحال الذي يدرك أن الأواصر مقطعة والذاتيات مسيطرة، فلا يعنينا أمر ديننا ولا أمر المبادئ والقيم والإنسانية إذا سلمت لنا دنيانا، رغم أننا نعلم أننا راحلون.
الحقيقية أننا نحتاج إلى إسرافيل لا لينفخ فينا الصُّور، بل ليوقظ الضمائر التي تحتاج إلى يقظة، رغم حزني الشديد على حالنا وحال أمتنا، إلا أنني تكهربت بصدق، حين شاهدت ابتسامة طفلة فلسطينية، تعبر عن وجود الأمل رغم البؤس الذي لا يرضى أن يندرس، فلهذه الطفلة كل التقدير، لما أحيت في قلبي من بوارق الأمل الذي أرجو أن لا يضيع. 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف

إلى أنيس حنا مديواية ذي المئة سنة صاحب أقدم مكتبة في الجزيرة

 

ننتمي إلى ذلك الجيل الذي كانت فيه الكتابة أمضى من السيف، لا بل كانت السيف ذاته. لم تكن ترفاً، ولا وسيلة للتسلية، بل كانت فعلاً وجودياً، حاسماً، مزلزلاً. فما إن يُنشر كتاب، أو بحث، أو مقال مهم لأحد الأسماء، حتى نبادر إلى قراءته، ونتناقش فيه…

أصدرت منشورات رامينا في لندن رواية “مزامير التجانيّ” للجزائريّ محمد فتيلينه الذي يقدّم عملاً سردياً معقّداً وشاسعاً يتوزّع على خمسة أجزاء، تحمل عناوين دالّة: “مرزوق بن حمو، العتمة والنور، الزبد والبحر، الليل والنهار، عودٌ على بدء. “.

في رحلة البحث عن الملاذ وعن طريق الحرية، تتقاطع مصائر العديد من الشخوص الروائية داخل عوالم رواية “مزامير التجاني”،…

الترجمة عن الكردية : إبراهيم محمود

تقديم : البارحة اتحاد الكتاب الكُرد- دهوك، الثلاثاء، 8-4- 2025، والساعة الخامسة، كانت أربعينية الكاتبة والشاعرة الكردية ” ديا جوان ” التي رحلت في ” 26 شباط 2025 ” حيث احتفي بها رسمياً وشعبياً، وبهذه المناسبة وزّع ديوانها: زكاة الحب Zikata evînê، الصادر عن مركز ” خاني “للثقافة والإعلام، دهوك،…

فواز عبدي

 

في نقّارة، قريتي العالقة في زاوية القلب كقصيدة تنتظر إنهاء قافيتها، لم يكن العيد يأتي… بل كان يستيقظ. ينفض الغبار عن روحه، يتسلل من التنّور، من رائحة الطحين والرماد، من ضحكةٍ انبعثت ذات فجرٍ دافئ ولم تعد ، من ذاكرة عمّتي نوره التي كانت كلما نفخت على الجمر اشتعلت معها الذكريات..

تنّورها الطيني الكبير، ذاك…