معارض الكتاب كرنفال ابتهاج

عبدالعزيز آل زايد
في رحلة ثقافية استهدفنا بها غزو مستعمرة الكتب، وتحديدًا في معرض الرياض الدولي للكتاب،  طالعنا موج جارف من نهر المعرفة؛ فالعاصمة النجلاء الرياض تستضيف على مائدتها أكثر من 1000 دار نشر من 28 دولة شقيقة، من بينها إصدارات  500 دار نشر سعودية، تحت شعار “وجهة جديد، وفصل جديد”، من 1 أكتوبر حتى 10 أكتوبر، نقول لمن أطر الواسعات: ليست السياحة منحصرة في وارفات الظلال، فلمعارض الكتب سياحتها وروادها ومحبوها؛ ولمثلها تشق الرحال، هناك عالم كبير في انتظار الأصدقاء، وأطنان وفيرة من مختلف ألوان الكتب، رغم الغلاء الذي تحدث عنه البعض، ورغم الملاحظات التي لا تخلو منها عامة الأعمال، إلا أنّ القلب يطرب، والأرواح تهفو، والعقول تسرح للاعتناق، وتلاقت في زحمة الأروقة وجوه ثقافية لم تتقابل منذ أمد.
زرنا في رحلتنا الثقافية العديد من دور النشر الراقية، وتعرفنا عن قرب على أصحابها ودارت بيننا المحاورات، ابتاع بعضنا ما نأى بحمله سنام الجمال، فاستعان بالحقائب من لا طاقة له على حمل متاع بعير، معارض الكتب عادة سنوية تتجدد لملأ مخزون المعرفة، ففيها مئات الأجنحة التي هبطت فيها دور النشر، مدبجة أرقى ما لديها من ثمار كتابية، من أنس بالزيارة منا لا شك يفكر بالمعاودة إن لم يكن في هذا العام ففي عام مقبل، إلا أنّ هناك من حُرم من هذه الزيارة، وهناك من هام قلبه وفي مخططه الاقتحام، تحدثنا في هذه الزيارة مع كوكبة من المثقفين عن إصداراتنا الجديدة، وتطرقنا إلى أحد مشاريعنا الكتابية المقبلة، والتي تلامس محور القراءة، ومما قلناه أننا نستهدف قراءة ألف كتاب، وهذه الفكرة انبثقت من بعض القرّاء الأجانب الذين بلغت مقروءاتهم الآلاف، خلافًا لما يفتقر إليه قرّاء العرب فضلًا عن المحرومين من مس كتاب! 
محافل معارض الكتب، محافل سنوية غاية في الأهمية، لماذا؟، لأن الكتاب خير جليس وخير زاد، وأمة ألقت بالكتاب وراءً، هي أمة تسير نحو هاويتها وسقوطها، فمتى نكبح الجماح ونصحح المسيرة، ونرشد القافلة نحو جادة الطريق؟، (معرض الرياض) من أهم المعارض العربية، فإذا لم تكن لديك وجهة فلتكن وجهتك الرياض، ففي المعرض مؤتمرات وندوات ومحاضرات ومبادرات مصاحبة وورش عمل، بالإضافة إلى فرصة اقتناء المتميز من الكتب التي لا تتحصل تحت سقف واحد إلا نادرًا، وما يؤسف أنّ هناك من الطبقة المثقفة من هجرت مثل هذه المعارض، لأسباب يعرفها أصحابها، فنقول لهم: إذا لم تبتهج بهذا العرس، فمن هو المعني بهذا الكرنفال؟، نهمس في أذن الصديق الذي لم يوفق للزيارة، ونقول له بصدق: لا يفوتنك المغنم، فهناك كتاب يخصك أنت، هناك كتاب في انتظارك، هناك كتاب سيغير مسارك للأفضل. لن نتوقف عن الهمس، لهذا سنواصل الحديث: كما أنّ لمعدتك حق، فإنّ لقلبك وروحك وعقلك حق في الغذاء، ولا غذاء أفضل من كتاب نافع، لا تنظر إلى الكوب المثلوم، وحدق البصر في الكوب الذي يستحق الحج إليه، بالفعل هناك كتاب في انتظارك يا صديقي فلا تهجر المسرى.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

حاوره: ماهين شيخاني

 

من أجمل الأصوات المميزة على الساحة الغنائية ،ذو نبرة جبلية صلدة كصخور جبال كردستان،ثم تراه كبلبل صداح يغرد بعذوبة لا يضاهيه سوى عذوبة انهار كردستان، وهبه الله

حنجرة ذهبية ليبدع بها تلك الأغنية الفلكلورية الرائعة (أسمر) و التي غنتها العديد من المطربين

من أمثال الراحلين محمد عارف جزراوي و رفعت داري وغيرهم ،انه بحق أعطى…

صبري رسول

 

توطئة للفسحات:

يهندس خالد حسين أشكال الحب في قصيدة: واحدة، في مجموعته رشقة سماء تنادم قلب العابر الصادرة عن دار نوس هاوس بداية 2025. المجموعة عبارة عن أربع فسحات، وهي الفهرسة الهندسية الخاصّة التي تميّزت بها، أربعة أقسام، كلّ فسحة مؤلفة من أربع فسحات صغرى معنونة، وتحت كل عنوان تندرج عدة مقاطع شعرية مرقمة وفق…

أصدرت منشورات رامينا في لندن رواية “ليالي فرانشكتاين” للروائيّ والفنّان الكرديّ العراقيّ عمر سيّد بترجمة عربية أنجزها المترجم ياسين حسين.

يطلّ عمر سيّد “ليالي فرانكشتاين”، حاملاً معها شحنة سردية نادرة تمزج بين الميثولوجيا السياسية والواقع الجحيمي، بين الحكاية الشعبية والتقنيات المعاصرة، ليقدّم نصاً مكثّفاً عن الجرح الكردي، وعن الوطن بوصفه جثةً تنتظر التمثال المناسب كي تُدفن…

عبد الجابر حبيب

 

يا لغرابةِ الجهات،

في زمنٍ لا يعرفُ السكون،

وعلى حافةِ قدري

ما زالَ ظلّي يرقصُ على أطرافِ أصابعي،

والدروبُ تتشابكُ في ذاكرتي المثقوبة،

ولا أحدَ لمحَ نهايتَها تميلُ إلى قبري،

ولا حتى أنا.

 

على الحافة،

أُمسكُ بزهرٍ لا يذبل،

يتركُ عبيرَه عالقاً في مساماتِ أيّامي،

كأنّه يتسرّبُ من جلدي

ثم يذوبُ فيّ.

 

الجدرانُ تتهامسُ عنّي،

تعدُّ أنفاسي المتعثّرة،

وتتركُ خدوشاً على جلديَ المتهالك،

كأنّ الزمنَ

لا يريدُ أن…