تحجُّر النظام مدمر

ابراهيم البليهي

في كل المجالات لابد من وجود نسق ينظم النشاطات، ويضبط الحركة، ويشجع المبادرات، ويكافئ على التميز. فبدون النظام تسيطر الفوضى المدمرة ….
لكن النظام إذا لم يكن مرنًا فإنه يعطل العقول، ويشل الحركة، ويئد المبادرات ويعرقل حركة التقدم ….
   إنه ميزان عجيب فلا تقدم في أي مجال  إلا بالنظام لكن النظام نفسه إذا لم يكن مرنًا فإنه يعطل بدلا من أن يحفز فلابد من وجود نظام لكن لابد أن يكون مرنًا ومستجيبًا للمبادرات الفردية الخارقة ….
أمام هذه المشكلة الدقيقة وهذا الميزان الحساس يتوقف عالم الوراثة الأمريكي من أصل ياباني كازو  موراكامي ويقارن بين النظام الأكاديمي المتحجر في اليابان والنظام الأكاديمي الأمريكي المرن  ويوضح بأنه لم يكن لينجز ما أنجزه لو بقي في اليابان ….
 غريب أمر البشر فالمتبادر إلى الذهن أن اليابان منفتحة على كل الآفاق لكنها بالمقابل تخضع مؤسساتها داخليا لتراتب خانق …
هكذا يستحيل الكمال على البشر فاليابان التي  فتحت عقلها لتجارب الأمم وبادرت لتقليد تجارب المزدهرين وأنجزت بذلك نهضتها الخارقة هي ذاتها تخضع داخليا لنظام معيق للمبادرات الفردية التي هي الشرط لاستمرار التقدم فالكمال محال وقد أدركت اليابان هذا العائق فراحت تعدل أنظمتها وتراجع أساليب عملها لتفتح الآفاق أمام المبادرات الفردية التي هي ذخيرة التقدم  ….

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

تنكزار ماريني

 

تُعتبر “الحكم”، التي صدرت في عام 1913، رواية مثيرة للاضطراب وغامضة في نظر كثيرين، تترك القارئ مع مجموعة من الأسئلة المفتوحة وسياقات التفسير. تُحتفل هذه الرواية لرؤاها النفسية العميقة ولعرضها الدقيق لعلاقات السلطة ومشاعر الذنب والقلق الوجودي. يُشيد النقاد بلغة كافكا البصرية القوية وأسلوبه الكتابي الفريد الذي يعرض بوضوح ما هو عبثي ومخيف في…

إبراهيم أبو عواد / كاتب من الأردن

يُعْتَبَر الفَيلسوفُ والرِّوائيُّ الإيطاليُّ أمبرتو إيكو ( 1932 _ 2016 ) مِنْ أبرزِ الكُتَّابِ العالميين الذينَ جَمَعُوا بَيْنَ الفَلسفةِ والرِّوايةِ،وهَذا يَتَجَلَّى بِوُضوحٍ في روايته الشَّهيرةِ ” اسم الوردة ” ( 1980 ) ، التي تُصنَّف كواحدةٍ مِنْ أعظمِ الأعمالِ الأدبية في القَرْنِ العِشرين .

تَدُورُ أحداثُها في دَيْرٍ…

عبدالرزاق محمود عبدالرحمن

 

وجع، قيح و دخان

موسيقا، همس و كتمان

سهر، ارق، قدح ونسيان

قدر بائس وألوان.

هناك في ذاك الركن حيث لا يراه أحد سواه

يطل من شباكه إلى الخارج او ما تسمى ربما الحياة!!

ظل رجل أو شبه رجل متكئ على كرسي قديم

يرسم بغصن شجرة مكسور خط أعداد عمره

يتأمل ناقصه البائس…

وصفره الحزين وزائده المجهول ..المخيف.

أجواء هادئة تماما، سكون موحش…

فرحان مرعي

 

قرأت الرواية، استمتعت بقراءتها، عبر كاتبها بدقة عن مكنونات نفسه، كشخص شرقي ومهاجر. إنه في الواقع صراع بين ثقافتين مختلفتين، واقع أوروبي، هنا ألمانيا، يتسيد فيها الكلاب عرش العائلة المفقودة، حيث تأتي الكلاب في الدرجة الثالثة بعد الأطفال والمرأة من حيث الرعاية والأهمية، بشكل مختلف عن نظرة الشرقيين الذين يعتبرون حتى لمس الكلاب من…