خُضرة سعدي يوسف

عبداللطيف الحسيني

(أشدّد على سمة كبرى في شعره هي السيولة العالية في اللغة، وكيف واصلت الدنوّ بدرجات حثيثة مما استقر اليوم تحت توصيف «نثر الحياة اليومية»؛ الأمر الذي يفسّر، كثيراً وليس جزئياً في ظنّي، انجذاب العديد من شعراء قصيدة النثر إلى مقترحات يوسف). صبحي حديدي.
في أغلب ما كتبتُه وأكتبُه, سعدي يوسف لا يتركني وحدي, معي في أسفاري, هروبي من سوريا الخراب يشبه هروبَه من جحيم العراق, كنتُ منظّماً في الحزب الشيوعي السوري وتركتُ الحزب مثله, وبقيتُ ـ لا مثله ـ ماركسيّاً (لا شيوعيّاً). أحاولُ مثله أن أكتب النصَّ الذي يُشمُّ لا النصّ الذي يُقرأ و يُسمع. مثلُه أحملُ أوراقي وأطوّفُ في المدن مستمتعاً بها وكاتباً عن معذَّبيها,… مثلُه أتأبطُّ زادي (خبزاً وتمراً ونبيذاً) لألتقط مشهداً غريباً هنا, وحكاية أغربَ هناك, مثلُه أحاول أن أجعل المكانَ المدمّرَ بهيجاً وأضخَّ فيه ماءً بلّوريّاً, مثلُه نبرتي خفيضة إلى درجة أنّ المرءَ يقرّبُ أُذنيه ليسمعني, حين وفاة الجواهري الكبير كنتُ في دمشقَ مثله, وحين التقيتُ به فوجئتُ بصوتِه الخفيض أكثر مما كنتُ أظنّ.
المفارقة الكبرى تكمن في: كيف لهذا المحلّق روحياً إلى درجة السموّ في الشعر والنثر أن يقف ندّاً لثوَرات الربيع العربي, ولثورة الشعب السوري ضدّ استبداد البعث الأسدي وهو الهارب من استبداد الحكومات العراقية المتعاقبة (ومن ضمنها البعث), وكيف لهذا المتماهي مع الحريات أن يطعن في الاقليم الكردي المستقل بزعامة البرزاني؟.
رحم الله سعدي يوسف, عزائي لأهله ومحبّيه, و أنا منهم.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عبد الستار نورعلي

أصدر الأديب والباحث د. مؤيد عبد الستار المقيم في السويد قصة (تسفير) تحت مسمى ((قصة))، وقد نشرت أول مرة ضمن مجموعة قصصية تحمل هذا العنوان عن دار فيشون ميديا/السويد/ضمن منشورات المركز الثقافي العراقي في السويد التابع لوزارة الثقافة العراقية عام 2014 بـحوالي 50 صفحة، وأعاد طبعها منفردة في كتاب خاص من منشورات دار…

فدوى كيلاني

ليس صحيحًا أن مدينتنا هي الأجمل على وجه الأرض، ولا أن شوارعها هي الأوسع وأهلها هم الألطف والأنبل. الحقيقة أن كل منا يشعر بوطنه وكأنه الأعظم والأجمل لأنه يحمل بداخله ذكريات لا يمكن محوها. كل واحد منا يرى وطنه من خلال عدسة مشاعره، كما يرى ابن السهول الخضراء قريته كأنها قطعة من الجنة، وكما…

إبراهيم سمو

فتحت عيوني على وجه شفوق، على عواطف دافئة مدرارة، ومدارك مستوعبة رحيبة مدارية.

كل شيء في هذي ال “جميلة”؛ طيبةُ قلبها، بهاء حديثها، حبها لمن حولها، ترفعها عن الدخول في مهاترات باهتة، وسائر قيامها وقعودها في العمل والقول والسلوك، كان جميلا لا يقود سوى الى مآثر إنسانية حميدة.

جميلتنا جميلة؛ اعني جموكي، غابت قبيل أسابيع بهدوء،…

عن دار النخبة العربية للطباعة والتوزيع والنشر في القاهرة بمصر صدرت حديثا “وردة لخصلة الحُب” المجموعة الشعرية الحادية عشرة للشاعر السوري كمال جمال بك، متوجة بلوحة غلاف من الفنان خليل عبد القادر المقيم في ألمانيا.

وعلى 111 توزعت 46 قصيدة متنوعة التشكيلات الفنية والجمالية، ومتعددة المعاني والدلالات، بخيط الحب الذي انسحب من عنوان المجموعة مرورا بعتبة…