كتاب «حين يعمى القلب» في عمّان

تقرير: حسن عبّادي/ حيفا
عقدت رابطة الكتاب الأردنيين مساء السبت 26.06.2021 في العاصمة الأردنية عمّان عبر تطبيق زوم الندوة التاسعة لمبادرة “أسرى يكتبون”، وخصصت لمناقشة رواية “حين يعمى القلب” للأسيرة المحرّرة د. وداد البرغوثي، وأدار الأمسية الشاعر والإعلامي محمد نصيّف الذي لفت الانتباه لبعض محاور الرواية.
افتتحت باب المداخلات السيّدة رلى أبو دحو (أسيرة سابقة ومحاضرة في جامعة بير زيت) فتحدّثت عن صلابة مواقف الكاتبة، وعن أدب السجون والكتابة داخل السجن عبر سمسمة الأوراق ولفّها في كبسولات وتهريبها، كما أشرت إلى أن الأسير كتلة من المشاعر والأحاسيس وله فكرة ورؤيا يعبّر عنها عبر الكتابة.
أما الكاتب وسام رفيدي (باحث ومحاضر جامعي في جامعة بيت لحم) فتحدّث عن بلدة كوبر، محور الرواية، وعن الأسير الذي يهتم بالأشياء الصغيرة (حين كان يحصل على دفتر وقلم من الصليب الأحمر لخمسين أسير!)، تتناول الرواية سيرة وداد البرغوثي، وكأنّه يعرف كلّ شخوصها رغم عدم ذكر الأسماء، وتتحدث عن التوجّه للمنظّمات غير حكوميّة التي تساعد على كيّ الوعي، وحين كتبت تململ الكثيرون من “أبطالها”، فكما يقول المثل “اللّي ع راسه بطحة بحسّس عليها، وتنحاز الرواية- كما يرى رفيدي- إلى الصراحة لدرجة المباشرة، وقد نجحت في استخدام طاقتها للتحريض الثوري، التربوي والتوعوي.
كانت المداخلة الثالثة للأسير كميل أبو حنيش (قرأها أخوه كمال) بعنوان: “وضوح الرؤى والمواقف في رواية حين يعمى القلب”، وجاء فيها: “وداد المنسجمة مع نفسها وما تحمله من مواقف ومبادئ راسخة، تبدو شبيهةً بنصوصها، وما يميزها هذه المرة في روايتها الجديدة أنها قررت أن تفتح النار وتصرخ بأعلى صوتها بلا أي تحفظ، وهي تشير إلى عري الملوك والأمراء والسادة ومرحلتهم، وتفضح بكل شجاعة وجرأة الأقنعة الزائفة التي يتسترون من خلفها. فالرواية ليست مألوفة بل خارجةً عن المألوف، امتزجت فيها السيرة الذاتية للكاتبة مع الخيال الروائي مع واقعية المشهد الفلسطيني المفتوح كجرح، وما تنطوي عليه المرحلة التاريخية من بطولات وخيانات ومؤامرات، والكثير من تواطؤ الأبناء، فالكاتبة تضع يدها على الجرح وتسلط الضوء على بعضٍ من عيوب معركتنا التحررية، وتلامس أوجاعنا والكثير مما لا نتجرأ بالبوح به حتى لا نمعن في فضيحة ذاتنا الوطنية”.
 أما الكاتبة وداد البرغوثي فتحدّثت عن الكتابة داخل الحبس المنزلي والإقامة الجبرّية وقدّمت شهادة إبداعيّة وبعضًا من نصوصها وشكرت المشاركين والمنظّمين لهذه الندوة وأشارت إلى أهميّتها. 
وقرأ الروائي عبد السلام صالح رسالة من الأسير هيثم جابر(سجن النقب الصحراوي) باسم الحركة الأسيرة وجاء فيها: “ولا زال قلم الدكتورة “وداد “ينبض شعرا ونثرا وسردا. ولا زالت تقدم وتعطي، وتصنع الرجال، والأجيال في بيتها، وفي قاعة المحاضرات بجامعة بير زيت. كما تصنع شخصياتها السردية في الأدب والرواية. على الدكتورة “وداد “دفء الشعر والكلمات ولنا مسرة الحرف ومتعة القراءة والنشيد”. 
ونقل المحامي الحيفاوي حسن عبادي رسالة مؤثّرة من ولدها قسّام (سجن نفحة الصحراوي) وجاء فيها: “علّمتِني النقاء والنُبل قبل الكتابة، الإيمان بالفكرة قبل الكتابة في سبيلها، فدُمتِ خير معلّمة. “حين يعمى القلب” رواية تلخّص دفاعك المستميت عن فكرة نقيّة، لم تكوني أقلّ نقاوة منها. وأن يعمى القلب ليس بحدّ ذاتها مشكلة، المشكلة تكمن في أن يعمى القلب، ولا يجد دليلًا نقيًا وطاهرًا كقلبك يهديه لخير سبيل” وشكر بدوره عريف الندوة والمشاركين، ورابطة الكتاب الأردنيين التي ترعى هذه المبادرة، كما نقل عبّادي تحيّة الأسرى في بساتيل الاحتلال وسعادتهم للمشاركة في هذه المبادرة التي تعتبر متنفّسًا لهم، ويحرصون على مشاهدة حلقاتها المسجلة التي  تشكّل بالنسبة لهم عرسًا ثقافيًا يحتفلون به وتحدّث عن جرأة الكاتبة في تعرية المنظّمات غير الحكوميّة ومشروع الـ NGOS الذي يسعى لإجهاض العمل الوطني والثوري سعيًا لإرضاء الجهات المموّلة .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

في حضرةِ الشعر، حيث يتناسلُ المعنى من رمادِ الكلمات، وحيث يشعلُ الحرفُ فتيلَ الوجود، يولد هذا الديوان: جحيم الأمل.

ليس عنواناً عابراً ولا استعارةً تلقى على عتبة الصدفة، بل هو صرخةٌ تتناوبُ فيها النارُ والندى، وتتعانقُ فيها خيبةُ التاريخ مع شغفِ الإنسان الذي لا يعرفُ الاستسلام.

“جحيم الأمل” انعكاسٌ للروح حين تلقى في أتونِ الأسئلة الكبرى، في…

عِصْمَتْ شَاهِين الدُّوسَكِي

يَقُولُونَ

: لِمَاذَا تَكْتُبُ قَصَائِدَ حَزِينَةً

دَمْعُ هُمُومٍ مَآسِي رَهِينَةٍ

قُلْتُ : مِنْ آدَمَ وَحَوَّاءَ

مَنْ جَمَعَ الْبَشَرَ عَلَى السَّفِينَةِ

قَالُوا : حِكَايَاتٌ رِوَايَاتٌ

قُلْتُ : تَوَارَثْنَا الْعُرَى

نَمْشِي عَلَى أَرْضٍ جَرْدَاءَ قَرِينَةٍ

هَذَا الْوَطَنُ

كُورٌ فِيهِ كُلُّ الْأَجْنَاسِ رَغْمَ أَنِينِهِ

عَرَبٌ أَكْرَادٌ مَسِيحٌ تُرْكْمَانٌ صَابِئَةٌ

بِأَلْوَانِ بَنَاتِهِ وَبَنِينِهِ

مِنْ حَضَارَاتٍ ذَهَبٍ وَصُولْجَانٍ

وَفُرْسَانٍ وَقَادَةٍ

تُخْرِجُ الْأَسَدَ مِنْ عَرِينِهِ

………….

ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُ الْمَآذِنِ

دُقَّتْ أَجْرَاسُ الْكَنَائِسِ

وَتَجَلَّتْ أَلْوَاحُ السَّمَاوَاتِ

طَافَتْ وَهَبَّتِ الْفَيْضَانَاتُ

عَلَى الْخَنَاجِرِ…

سيماف خالد محمد

في المطبخ كعادتي كل يوم استيقظتُ على فنجان قهوة أُحاول به أن أفتح عينيّ وأمنح نفسي شيئاً من التركيز قبل أن أبدأ بتحضير الغداء.

بينما كنتُ منشغلة بالطبخ أفتح هذا الدرج وذاك، دخلت أختي مايا تحمل لابتوبها جلست أمامي، فتحت الجهاز لتعمل عليه وكأنها أرادت أن تؤنس وحدتي قليلاً وتملأ صمت المطبخ بأحاديث خفيفة.

لم…

فراس حج محمد| فلسطين

تثيرني أحياناً في بعض الكتب عتباتها التمهيدية، من الغلاف وتصميمه، وما كتب عليه في الواجهة وفي الخلفية (التظهير)، والعتبات النصيّة التمهيدية: العنوان، والإهداء، والاقتباس الاستهلالي، وأية ملحوظات أخرى، تسبق الدخول إلى عالم الرواية أو بنيتها النصيّة.

تقول هذه العتبات الشيء الكثير، وتدرس ضمن المنهج البنيوي على أنها “نصوص موازية محيطة”، لها ارتباط عضوي…