التعتيم الإعلامي المقصود على أمير الشعراء الكرد فرهاد عجمو

 

بهزاد عبد الباقي عجمو 

يوم 8 / 6 من كل عام هي ذكرى أليمة وحزينة لأن في هذا اليوم صعدت روح شاعرنا إلى السماء إلى الباري الأعلى و لكن ذكراه ستبقى خالدة بيننا لأنه ترك خلفه إرثاً رائعاً من الدواوين و القصائد و الأشعار ليثبت المقولة التي تقول : ” إن الشعراء و المبدعين لا يموتون بل يبقون خالدين ” فهذا الشاعر الذي عشق وطنه لجمالها و أحب شعبه لتعاستهم .فقد كان حلقة وصل بين هذا العالم و الآتي و نبع ماء تستقي منه النفوس العطشى و شجرة مغروسة على ضفة نهر الجمال ذات ثمار يانعة تطلبها القلوب الجائعة و بلبل يتنقل على أغصان الكلام و ينشد أنغاماً تملأ الدنيا لطفاً و رقة و جمالاً و غيمة بيضاء تظهر في السماء ثم تتعاظم و تتصاعد و تنسكب لتروي أزهار حقل الحياة ، ملك بعثته الآلهة ليعلم الناس الإنسانية و عشق الوطن جاء إلى هذه الحياة يرتدي البساطة و يجلس في أحضان الطبيعة ليتعلم الإبداع و يسهر في سكينة الليل منتظراً هبوط الروح يبذر حبات قلبه في رياض الأشعار زرعاً خصيباً تستغله الإنسانية و تتغذى به .
هذا هو شاعرنا و هكذا كان و عندما نقرأ سيرة الشعراء نرى بأن شعبه يتجاهله عندما يكون حياً يرزق بينهم و يتذكرونه و يعرفون أهميته عندما يودعهم الوداع الأخير و يرحل ، و لكن نحن الكرد نتجاهل شعراءنا و هم أحياء ، بل و الأنكى من ذلك يرمونهم بسهام الحقد و بعد رحيل الشعراء يحاولون إدخالهم في دائرة النسيان و الشيء بالشيء يذكر ، بوشكين شاعر روسيا العظيم ، عندما يأتي يوم رحيله يصطف الروس برتل أحادي بالآلاف لإلقاء نظرة على ضريح شاعرهم هذا هو الشعب الذي يستحق الحياة و يستحق أن يعيش بعزة و كرامة و كبرياء ، نقول هذه الحقيقة رغم خلافنا السياسي الكبير معهم ، نترك بوشكين و نعود إلى شاعرنا ، فقد عانى الأمرّين من سهام الغدر والحقد و الحسد توجه إليه في حياته و لكنه لم يتوقف عن مسيرته الإبداعية لأنه كان صاحب رسالة في هذه الحياة ، فقد عانى كثيراً من الطبقة السياسية الفاشلة ، حيث كان شعارهم ” من ليس معنا فهو ضدنا ” فشاعرنا لم يكن ينتمي  لأي طرف سياسي  لأنه كان يعتقد بأنهم يتصارعون على الغنائم بل كان شاعرنا مناصراً لوطنه و شعبه و قضيته ، لذا كان هناك شرخ واسع في الأهداف بينه و بين الطبقة السياسية لذا حاولت هذه الطبقة السياسية ، لذا حاولت هذه الطبقة السياسية ممارسة كل أنواع التعتيم الإعلامي المقصود سواء المرئي و المسموع و المقروء على شاعرنا و لكن هيهات فأنهم لم يستطيعوا و لن يستطيعوا أن يخفوا نور الشمس بالغربال كما أن هناك مثل يقول : ( الشجرة المثمرة ترمى بالحجارة ) و مثل آخر يقول : ( الشجرة التي تكون ثمارها لذيذة تتعرض أكثر للأذى ) ، فشاعرنا لم يكتب الشعر من أجل المال فقد أعطاه الله المال الوفير بينما الطبقة السياسية التي كانت و لا زالت تحارب شاعرنا ، فهم يناضلون من أجل المزيد من المال أما الوطن و القضية فهي آخر شيء يفكرون فيه ، هذا إن فكروا فيه . و شاعرنا لم يكتب الشعر أيضاً من أجل المجد و الشهرة فقد ترك له والده إرثاً كبيراً من المجد الشهرة و إنما كتب الشعر لأنه كان يرى بأنه جاء إلى هذه الحياة يحمل رسالة إلى شعبه ووطنه و قد أوصل الرسالة ثم ودعنا الوداع الأخير ، فوالده هذا الشيخ الحكيم كان يقول له : ” يا بني إن الكرد يحاولون دائماً هدم المنارات التي تبنى في وطنهم ” و بالطبع لم يكن يقصد منارات الجوامع و إنما المنارات التي تبنى على الشواطئ لتستدل بها السفن في البحار إلى بر الأمان ، و كان يقول أيضاً له و لأصدقائه من الشعراء و الأدباء ” إنكم لن تموتوا أبداً و ستخلدوا من خلال كتبكم و دواوينكم ” لذا فإننا نقول مهما حاول الحاقدون ممارسة التعتيم الإعلامي سواء كان مقصوداً أو غير مقصود ، فلن يستطيعوا محو اسم فرهاد عجمو من ذاكرة الشعب الكردي حتى لآلاف السنين ، لأن شاعرنا كتب ثلاثة دواوين لأعزائه أطفال الكرد حيث كان يعد نفسه الأب الروحي لهم ، هذا و ناهيك عن دواوينه الأخرى فلو بقي طفل كردي واحد على هذه الأرض فأول ما يتعلم الكلام سينشد قصائد شاعرنا و في نهاية القصيدة سينطق هذا الطفل اسم فرهاد عجمو أما لو سألت هذا الطفل الصغير عن أسماء كل الطبقة السياسية الحالية فسيهز رأسه و سيقول : أنني لا أعرفهم . 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ماهين شيخاني

ولد الكاتب والصحفي والمناضل الكوردي موسى عنتر، المعروف بلقب “آبي موسى” (Apê Musa)، عام 1918 في قرية “ستليلي” الواقعة قرب الحدود السورية، والتابعة لمدينة نصيبين في شمال كوردستان. ترعرع يتيماً بعد أن فقد والده في صغره، فحمل في قلبه وجع الفقد مبكراً، تماماً كما حمل لاحقاً وجع أمّته.

بدأ دراسته في مدارس ماردين، ثم انتقل…

أسدل يوم أمس عن مسيرتي في مجلة “شرمولا” الأدبية الثقافية كمدير ورئيس للتحرير منذ تأسيسها في أيلول 2018، لتبدأ مسيرة جديدة وسط تغييرات وأحداث كبرى في كُردستان وسوريا وعموم منطقة الشرق الأوسط.

إن التغييرات الجارية تستدعي فتح آفاق جديدة في خوض غمار العمل الفكري والأدبي والإعلامي، وهي مهمة استثنائية وشاقة بكل الأحوال.

 

دلشاد مراد

قامشلو- سوريا

19 أيلول 2025م

الشيخ نابو

في زمن تتكاثر فيه المؤتمرات وترفع فيه الشعارات البراقة، بات لزاما علينا أن ندقق في النوايا قبل أن نصفق للنتائج.

ما جرى في مؤتمر هانوفر لا يمكن اعتباره حدثاً عابراً أو مجرد تجمع للنقاش، بل هو محاولة منظمة لإعادة صياغة الهوية الإيزيدية وفق أجندات حزبية وسياسية، تُخفي تحت عباءة “الحوار” مشاريع تحريف وتفكيك.

نحن لا نرفض…

نجاح هيفو

تاريخ المرأة الكوردية زاخر بالمآثر والمواقف المشرفة. فمنذ القدم، لم تكن المرأة الكوردية مجرّد تابع، بل كانت شريكة في بناء المجتمع، وحارسة للقيم، ومضرب مثل في الشجاعة والكرم. عُرفت بقدرتها على استقبال الضيوف بوجه مبتسم ويد كريمة، وبحضورها الفعّال في الحياة الاجتماعية والسياسية والثقافية. لقد جسّدت المرأة الكوردية معنى الحرية، فلم تتوانَ يومًا عن…