نصف القمر في مركز جمعية سوبارتو

في مدينة قامشلي وبتاريخ 13/آب/ 2013م، وبدعوة من جمعية سوبارتو، تم عرض فيلم نصف القمر للمخرج الكردي بهمن قبادي، وذلك ضمن نشاطات نادي سوبارتو السينمائي والذي أعلن عن نفسه كجزء من جمعية سوبارتو في شهر نيسان الماضي، ويعتبر هذا العرض هو الأول للنادي حضره نخبة من المثقفين والفعاليات الثقافية والاعلامية والمعنيين بالشأن الثقافي. والفيلم من تأليف المخرج نفسه وبهنام بهزادي وتمثيل مجموعة من الفنانين الكرد الإيرانيين، انتاج سنة 2006م.

 افتتح العرض رئيس مجلس إدارة جمعية سوبارتو الأستاذ براهيم عباس إبراهيم منوهاً إلى أهمية هذا المشروع الذي كان من المفروض اطلاقه قبل هذا التاريخ.
 وقد كانت للظروف التي تمر بها المنطقة أكبر الأثر على هذا التأجيل. كما بين الصعوبات التي تعانيها الجمعية في عملها الثقافي في ظل الواقع الخدمي والاقتصادي والأمني، والتي تعيشها مناطقنا، إضافة إلى الحرب القائمة حيث يسقط يومياً شهداء جدد، وترتكب مجازر وفظائع، والمجتمع بكامله في حالة من البؤس والقلق والخوف من المستقبل، مؤكداً أنه لابد أن يستمر العمل الثقافي، فبالثقافة قادرون أن نبني مستقبلاً أفضل، وهذه النشاطات لا بد منها كخطوة للبقاء والصمود والنضال، بدلاً من الهجرة والرحيل.
ثم تحدث مدير النادي الكاتب المسرحي أحمد اسماعيل اسماعيل عن أهمية السينما كفن حداثي في حياة الشعوب لما لها من قدرة على عكس حياة الناس، والارتقاء بالذائقة الجمالية وتعميق الفكر. إضافة إلى قدرتها على طرح الأسئلة الحيوية التي ترتبط بالوجود والتاريخ والهوية.
وبين أن المساهمة بتقديم عروض سينمائية هي خطوة أولى، تتبعها خطوات أخرى (ندوات ومحاضرات ولقاءات مع فنانين ومخرجين وغير ذلك…)، هي خطوة طموحة تمنى أن يصل إلى ما يصبو إليه النادي.
ثم قدم عضو النادي أياز اسماعيل تعريفاً عاماً عن الفيلم ومبدعه المخرج بهمن قبادي.
بدأ عرض الفيلم الذي تدور أغلب احداثه في المنطقة الحدودية الفاصلة بين كردستان ايران وكردستان العراق والتي تتم في حافلة تقل الفنان مامو ومجموعة من ابنائه لتقديم حفل موسيقي في أربيل العاصمة بمناسبة تحرر هذا البلد من استبداد الطاغية صدام حسين. وهو ما كان يحلم به منذ قرابة أربعة عقود من الزمن. وفي هذه الرحلة التي تظهر الطبيعة الجغرافية الصعبة
والجميلة في آن، وكثرة الحواجز التي تعترض حافلة هذا الفنان، إذ تقف حجر عثرة في تحقيق الحلم. وذلك رغم كل الجهود التي يبذلها متوسلاً الخدعة، والرشوة، واللجوء إلى الأضرحة للتبرك. غير أن لعنة الجغرافيا، وقوة العسكر كانت تحطم كل ما كان يفعله.

ما يميز هذا الفيلم هو مزجه بين الواقعية والفانتازيا بأسلوب أشبه بالواقعية السحرية، وإذا كنا نعلم حسب تصريح مخرج العمل أن الفيلم مستوحى من سيمفونية القداس الجنائزي لموتسارت. فإنه سيسهل علينا فك شيفرة هذا التابوت الذي يرافق بطل الفيلم، ويظهر في كل ذروة والذي سيوضع فيه بعد أن تقتله قسوة الطبيعة متغلبة على حلمه وبنيته الضعيفة. يجمع الفيلم بحرفية عالية بين الكوميديا والتراجيديا. وخاصة في سلوك شخصية كاكو السائق الطريفة والمركبة في نصف القمر الذي يعتبره البعض رمز الجمال وبعضه نحس وملاك موت يتجسد في شخصية الفتاة التي تهبط عليه من عل وتقوده إلى حتفه. إذ أن القدر لدى الكرد أنثى، الأنثى أو المرأة التي تلعب دوراً محورياً وهاماً في هذا الفيلم. حدود وجبال ومهربون وعسكر وحواجز تجتمع كلها لتحطيم حلم فنان. تماماً كمقاومة المخرز والعين.
يذكر أن الفيلم نال العديد من الجوائز منها السعفة الذهبية. وفي نهاية العرض شكر مدير النادي الحضور على تجشمهم مشقة الحضور طالباً منهم متابعة نشاطات النادي الذي آل على  نفسه تقديم العروض وإقامة الندوات السينمائية في المستقبل القريب.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

علي شمدين

المقدمة:

لقد تعرفت على الكاتب حليم يوسف أول مرّة في أواخر التسعينات من القرن المنصرم، وذلك خلال مشاركته في الندوات الثقافية الشهرية التي كنا نقيمها في الإعلام المركزي للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، داخل قبو أرضي بحي الآشورية بمدينة القامشلي باسم ندوة (المثقف التقدمي)، والتي كانت تحضره نخبة من مثقفي الجزيرة وكتابها ومن مختلف…

تنكزار ماريني

 

فرانز كافكا، أحد أكثر الكتّاب تأثيرًا في القرن العشرين، وُلِد في 3 يوليو 1883 في براغ وتوفي في 3 يونيو 1924. يُعرف بقصصه السريالية وغالبًا ما تكون كئيبة، التي تسلط الضوء على موضوعات مركزية مثل الاغتراب والهوية وعبثية الوجود. ومن المميز في أعمال كافكا، النظرة المعقدة والمتعددة الأوجه للعلاقات بين الرجال والنساء.

ظروف كافكا الشخصية…

إبراهيم اليوسف

مجموعة “طائر في الجهة الأخرى” للشاعرة فاتن حمودي، الصادرة عن “رياض الريس للكتب والنشر، بيروت”، في طبعتها الأولى، أبريل 2025، في 150 صفحة، ليست مجرّد نصوص شعرية، بل خريطة اضطراب لغويّ تُشكّل الذات من شظايا الغياب. التجربة لدى الشاعرة لا تُقدَّم ضمن صور متماسكة، بل تُقطّع في بنية كولاجية، يُعاد ترتيبها عبر مجازٍ يشبه…

ماهين شيخاني.

 

وصلتُ إلى المدينة في الصباح، قرابة التاسعة، بعد رحلة طويلة من الانتظار… أكثر مما هي من التنقل. كنت متعبًا، لكن موعدي مع جهاز الرنين المغناطيسي لا ينتظر، ذاك الجهاز الذي – دون مبالغة – صار يعرف عمودي الفقري أكثر مما أعرفه أنا.

ترجّلتُ من الحافلة ألهث كما لو أنني خرجتُ للتو من سباق قريتنا الريفي،…