منزل هيثم حسين

عمر كوجري

إلى صديقتي هيفي حسين
شفت بيتي المدمّر؟؟
هكذا، وبحيادية تامة يقولها صديقي الروائي والناقد هيثم حسين، وكأنه يقول: هل قرأت بوستي الأخير، أو قرأت مقالتي الأخيرة؟؟ أو حتى: رأسي اليوم يؤلمني هل عندك حبة مسكّنة للألم!!
صعقني الخبر، فأنا أعرف كم شقي صديقي؟ وكم تعذب حتى جمع ثمن منزله في قرية شبعا بريف دمشق!!
صعقني الخبر، لأن البيت رغم حداثة بنائه وعمده، كان مقصد فرح هيثم، كنت بمشاعري معه منذ حجر الأساس، وحتى إكساء البيت، كلما التقينا لنزرع شوارع الشام بخطواتنا العاشقة لكل جمال، أو نجلس في مقهى لنناقش موضوعاً ثقافياً، كان هيثم يخص بيته وآخر أخباره ببعض الوقت.. كان فرحاً ببيته الجديد..

لم يصدّق أنه تخلّص بعد جهد جهيد من السكن بالآجار.
 كأن هيثم كان يشعر أن طائراً حقيراً من حديد أصم ضخماً سيلوّث سماء بلدته، وسيوجّه سهام موته وحقده الزؤام إلى منزله ومنازل آخرين كثر.. حدس هيثم الروائي، قلقه أخبره، وأشعره بكل ذلك القلق!!

 لهذا نشر قبل سفره الأخير ورحلة غربته صورة صالونه الكبير، بكنبياته الجديدة، وسماه “صومعتي” مستفسراً عن حالها هل مازالت على عهده بها؟؟ مشرقة ودافئة وحنونة؟؟
في لحظة ينسى صديقي غابة” ديونه” من وراء بناء البيت، ويضع دفتر الحساب جانباً ليقول لي الحمد لله ما كنّا فيه، المهم الإنسان، الإنسان وحده لا يعوّض.
 أشد من شكيمة إرادته رغم فيض حزني، أقول له عوضك على الله، وحمداً على سلامة قلوبكم أنتم العائلة التي أعرف نبلها، وأنا أغتلي حزناً وحنقاً على ذلك الطائر “الواطي” وأحزن أكثر لأن صديقتي الجميلة “هيفي” ابنة هيثم الجميلة، لم تكحّل عينها بمنزل والديها، ولم تطب المقام فيه.. هيفي البريئة كم ستحقد على ذلك الطائر الخسيس حينما تكبر!! 
ببراءة طفل، أهمس لصديقي: يا ليت اليوتيوب يكذب!! يا ليت بيتك سليم الركن!! فيتأفف يااااا عمر: البيت اللي عليه الصحن وحيطانو مدهونة.. الحمدلله.. الله يسترنا من الأعظم.. أخذت بس اللابتوب وأوراقي..
صديقي هيثم، صديقتي هيفي، أختي أم هيفي:
نعم، شفت منزلكم المدمّر، نعم، غداً سأشوف منزلكم ” المعمّر”، قروا عيناً أيها الرائعون..
على صفحته في الفيس بوك، يكتب هيثم حسين الصديق: طوبى” لك أيّها الطيّار الأحمق.. يمكنك أن تدمّر الحيطان.. لكنّك لن تستطع قتلَ الأمل في روحي..!
إننا نربّي الأمل.. أرواحنا أسمى من أن تطالها الدمار..

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

علي شمدين

المقدمة:

لقد تعرفت على الكاتب حليم يوسف أول مرّة في أواخر التسعينات من القرن المنصرم، وذلك خلال مشاركته في الندوات الثقافية الشهرية التي كنا نقيمها في الإعلام المركزي للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، داخل قبو أرضي بحي الآشورية بمدينة القامشلي باسم ندوة (المثقف التقدمي)، والتي كانت تحضره نخبة من مثقفي الجزيرة وكتابها ومن مختلف…

تنكزار ماريني

 

فرانز كافكا، أحد أكثر الكتّاب تأثيرًا في القرن العشرين، وُلِد في 3 يوليو 1883 في براغ وتوفي في 3 يونيو 1924. يُعرف بقصصه السريالية وغالبًا ما تكون كئيبة، التي تسلط الضوء على موضوعات مركزية مثل الاغتراب والهوية وعبثية الوجود. ومن المميز في أعمال كافكا، النظرة المعقدة والمتعددة الأوجه للعلاقات بين الرجال والنساء.

ظروف كافكا الشخصية…

إبراهيم اليوسف

مجموعة “طائر في الجهة الأخرى” للشاعرة فاتن حمودي، الصادرة عن “رياض الريس للكتب والنشر، بيروت”، في طبعتها الأولى، أبريل 2025، في 150 صفحة، ليست مجرّد نصوص شعرية، بل خريطة اضطراب لغويّ تُشكّل الذات من شظايا الغياب. التجربة لدى الشاعرة لا تُقدَّم ضمن صور متماسكة، بل تُقطّع في بنية كولاجية، يُعاد ترتيبها عبر مجازٍ يشبه…

ماهين شيخاني.

 

وصلتُ إلى المدينة في الصباح، قرابة التاسعة، بعد رحلة طويلة من الانتظار… أكثر مما هي من التنقل. كنت متعبًا، لكن موعدي مع جهاز الرنين المغناطيسي لا ينتظر، ذاك الجهاز الذي – دون مبالغة – صار يعرف عمودي الفقري أكثر مما أعرفه أنا.

ترجّلتُ من الحافلة ألهث كما لو أنني خرجتُ للتو من سباق قريتنا الريفي،…