شهناز شيخه
على طبق قلبه يقدم لنا نبيلَ الكلام …… حاملاً نياشين حزنه بسيطاً مرحاً كينبوع يتدفق غير آبهٍ بالصخور التي قد تعترض غليان رروحه .. إنه” الصوت المخنوق “بانفجاراته اللامتناهية يصرخ عارماً كالألم هادما ًجدران العزلة يستدرك في سفره الدائم نحو الوطن شموسه التي طالما نهل منها الحنان والقيم …
على طبق قلبه يقدم لنا نبيلَ الكلام …… حاملاً نياشين حزنه بسيطاً مرحاً كينبوع يتدفق غير آبهٍ بالصخور التي قد تعترض غليان رروحه .. إنه” الصوت المخنوق “بانفجاراته اللامتناهية يصرخ عارماً كالألم هادما ًجدران العزلة يستدرك في سفره الدائم نحو الوطن شموسه التي طالما نهل منها الحنان والقيم …
فاتحته الحبيبة بدموعها المنسابة برفقة صديقها النهر” في تلك القرية الهادئة التي تقع في الشمال الشرقي من سوريا”حيث قطعة من كيد كردستان اسمها” عامودا مدينة العشق والجنون والقصص التي لا تزال تشغل الذاكرة !
إنها تركض إلى الأشجار هناك قرب النهر الملجأ الوحيد لآلامها و الحامل الأمين لأسرار حزنها …..
على تلك الأشجار حفرت أقدارها اسم الحبيب المسافر بحثاً عن جيبٍ أخر بدلاً عن جيبه المثقوب ! ظلت تعلّق في سقف قلبها أيقونة الألم مثقلةً بهسيس الشوق في سفرٍ دائم بين الحقيقة والخيال …..
ها هو يترك وراءه قريته بناسها المبرمة بينهم عقود حبّ دائمة ليترك معها قلبه معاهداً بعودة ٍتبني لهما سقفاً على مقاس قسوة الأب وجبروته …..
لكن الحنين صيّر العاشق شاعراً “أيا أحلاماً ماتت في القلب قبل أن تتنفس مع خيوط الفجر القادم “
صيّره منقب آثارٍ في علوم الذاكرة والنفس “لنشقّ جدار الوعي ..جدار الصمت ..جدار الإدراك إلى اللا وعي .. إلى الجنون “…
ها قد مضى حاملاً في أسفاره قناديل غاندي وطاغور ….يستضيء في “دروبه المليئة بالخوف ” بنجمة ٍ
لسليل موسيسانا وحامل عرشها على الماء والسماء يحرّض الثقة فيه أن أكمل ْ “هو ذا أنت دأبك دأب المؤرخ لكن تؤرخ المياه وحدها بسيطاً تؤرخ المياه …”
لأجلها مضى يبحث عن نبتة السعادة …كم كان صدره عارياً وكم كانت سهام الغربة قاتلة … “أيتها السعادة أقبلي , مالك ِأدرت لنا ظهرك تركتينا حفاة ً,عراةً , جياعاً … أقبل أيها القدر غيّر مصائرنا .. دعنا نعيش اياماً جميلة ” …………حاملا على ظهره الامه مضى بعيداً عن وطنٍ يرمقه بقصص الفقر والحرمان مسيرّاً يقوده مهرّبو البشر .. عشرون قصة ألم من لحم ودم تسير في قافلة الخوف …ثمة غامضٌ هناك خلف حدود تركيا …معبر الهاربين كفراشاتٍ تتقاذف أرواحها ربما الى النور أو الى هلاك محتم.. !
ومرت قبرص عبر دموعهم مرور بخيل يغلق أبوابه ونوافذه أمام القلوب المرتعشة ليبحروا الى اليونان حشراً مع الدواب هناك في الطابق السفلى من الجريمة مثخنين بجرح ظل مفتوحا قلقاً إلى أن تمخضت الباخرة العملاقة عن قاربٍ محدودب العمر والقامة كان مضطراً لحمل الآدميين التعساء و أخيراً و حيث “كان الظلام دامساً والليل مخيفاً لانور لا سماء لا نجوم كأن الكون كله أطبق علينا ” وحيث الريح والمطر يعقدان صفقة البرد المخترقة نقي العظام .. وعويل الأجساد الصغيرة يتعالى مع الموج
كانت الأرواح في تحد كبير وجها لوجه مع الموت القادم من الجهات الأربع هو الآن يأخذ قرابينه في جسد طفل ٍووالده ضاعا في مهمه الماء والعتمة الى الابد ……
بعد انكسار مؤلم لكل قلب وصلوا شواطئ اليونان بقايا أجساد تحمل رسائل قاسية من الطبيعة الماطرة الباردة يعبرون دروب العتمة يجرّون وراءهم أقدامهم المنهكة محطتهم فناء كنيسة مكثوا تحته حتى انبلج الصبح وجاء الناس يتفرجون على “اللا آدميين اللامرئيين .. البقايا ..الحطام من سفينة التهمتها الامواج ونالت منها” ثم ها هي اليونان ترتب لكل ٍ دربه لتفتح للبعض صدرها وللآخر تأشيرة خروج كان أقصاها أيام معدودة … أما هو فتكفلت دراجة ٌ نارية صاحبها رجل ٌمن الوطن تعرّف عليه هناك ليقله بها الى بلغاريا ثم إلى برلين محطته الأخيرة في رحلة الخوف والمجهول
هناك كان ينتظره شيراز يحمل له حقائب الحنان …. أما هو فتأمل في ذاكرته الوطن بكل الامه “كان كل شيء في الوطن يقتلني.. حبي .. قلة ذات يدي وشعوري بالعجز والضعف في كل ما أقوم به ”
والحبيبة التي “صرت أحبّ كل شيء لأجلها ..تدفق الدم بغزارة في جسدي أكثر . .. تفتحت الينابيع وازدادت الازهار جمالا وروعة” لأجلها “قررت أن أغيّر الحياة التي أعيشها ”
ثم جاء دور المحكمة التي وهبته مفاتيح بقائه هناك لتبدد قليلا ًمن غيوم الحزن التي تلبدت في سماوات قلبه وبقي شيراز ابن البلد فاتحا ً له ذراعي منزله وقلبه …ككل كردّي يحتضن أخيه كوطن أو كحبيبة
شيراز الابن الثاني للصوفي عبد الله كانت له قصته مع الوالد الأشد قسوة من مُدى الغربة وسهامها القاتلة … ذلك الاب الذي لجأ الى الدين بتزمت نأت عنه حتى الجبال والى الله الذي يدعو دائماً الى الرحمة في حين لم تعرف الرحمة طريقها الى قلب الرجل الهارب من جريمة نزفت حتى الموت …. الى الهلالية اخر احياء قامشلو من جهة القلب عامودا ….. ذلك الاب الذي لم يتوانى يوما ً عن استخدام أشد انواع التعذيب لمجرد أن أحد اولاده الصغار لم يتوضأ بشكل جيد وهو يجبرهم على الصلاة والوضوء بالماء البارد فجراً وفي الشتاء القارس رغم سيرهم بعيونهم المغمضة وتخبطهم بالجدران الطينية
لكن أكثرهم حساسية وانكماشا ً ورهبة من صور التعذيب اللا آدمية كان اصغرهم
إنه آراس يتأمل الجبال التي تشكل الحدود مع تركيا الشاهدة هناك على حكايا العشاق .. .. القرى المتناثرة على ذيل ثوبها … المهربين …لكن لها وحدها كان الخلود .
.. كعادته إذ كان طفلا ً يجلس في النافذة يتأمل الحزام الشارع الذي يربط قامشلو نحو كل العوالم قامشلو المدينة المجبولة بالالم _ الكلمة الممنوعة من الصرف والتي لجموا عنوةً فمها بـــــــــــ الــــ التعريف _ يا صديقي !
الحزام المجبول بخطى المسافرين والبضائع والمتشردين الذين يرسمون بأيدي أهاليهم مستقبلهم مستقبل “الفوضى والضياع ”
هو ذا يتأمل الغيوم هي ذاتها الغيوم التي داهمت قامشلو بسنين عجاف طويلة لتملأ بالأخاديد الأرض ووجوه الناس البائسين المتوكلين دائماً على رحمة السماء ….آراس رمز الخوف الذي طالما سكن القلوب
الخوف من دورية مسلحة ستداهم وتعتقل وتهدم وتدمر وتضرب وتعذب وتعلق ناشطا ًما كثريا في الهواء من أجل الاعتراف إنه آراس لن يدير ظهره للفقراء بوذا أو زردشت يعلم الناس تعاليم دينهم وبين الخوف من الدوريات المداهمة والفقر والدين والطفولة اللا بشرية على يد اب لم يسكن الله قلبه يضيع آراس الخائف من حبة بندورة تنزف كالدم والجرح هائماً بين الجنون والموت ضريبة آدمية لتلك الصراعات التي كانت قامشلو تعيشها مع خيزها ومائها …….
أما شيراز فأراد الله به أن يعلم الاب القاسي أن الابناء ليسوا ملكا له إنهم أبناء الحياة تعلمهم الحياة
معنى الكرامة والثورة والحرية ” ااه ايتها الحرية ما اجملك وما احلاك ” لقد تمرد شيراز على الاب القاسي
حين شب عن الطوق موقف واحد كان بداية التحدي عشقه للموسيقا وادواتها التي حطمها الاب لأنها ” من أنفاس الشيطان ” “ثم الته الحبيبة الطنبورة التي جاء فوجدها كومة خشب …. وهاهو يعلن ثورته لقد جاء بواحدة أخرى وعلقها على نفس الجدار وانتظر الاب الذي جن حين رآها وحين همّ بتكرار المجزرة فاجأه الابن ” ضعها في مكانها والا .. ” إنها الثورة على ظلمك فتلق ما جنت يداك
هما الآن عاجزتان لأنك أدركت أن ثمة حرائق كامنة ستميتك بجبروتك فتلق ما جنت يداك
ها أنت تخسره لتضمه الغربة فنانا مبدعا ً…. شيراز رحل …. آراس ظل هائما يبحث عن روحه دون جدوى … اراس مات فتلق ما جنت يداك .. عائشة الصغيرة التي زوجتها من نسخة منك … ليطلقها الشيخ الارعن مثلك ولتبكي اولادها طول العمر .. فتلق ما جنت يداك
هي قصص شيراز يرويها لصديقه القادم من هناك بقلب يملؤه وجه الحبيبة ودموعها ليغلق أبوابه في وجه كل عاشقة هناك لكنه لحم ودم له حاجاته وكان لابد بعد صد وتوق دائم ان ينحرف الكوكب الغريب عن مساره في قصص عشق ٍ ليبدد بها قليل من سطوة الغربة والحنين ” شعرت بالقشعريرة تسري في كل مكان من نفسي ..مضى اللهيب في كل مكان من جسدي “
لكن قلبه لا يزال معلقا بأشجار اللوز هناك حيث حبيبة ما تنتظر بعينين تقرحتا من البكاء تلك التي توحدت مع الوطن الذي ظل يسكنه ” انقسمت الى قسمين بات جسدي ممزقا ً بين هنا وهناك ” ……. فالسماء لم تكن سماؤه وطيور غريبة كانت تمر فوق رأسه …. الشمس في الوطن اجمل من كل شموس الدنيا … فقط ماؤه كان يروي ظمأ العاشق …..اأرضه التي شربت من اجساد عشاقها الابرياء دون ان تضع حدا لماساتهم بتقاليدها المميتة لقصص عشق عارمة …
لكنه يعود .. مرتباً تعب سنين في جيبه رغم يقيينه أن تلك التي ذوت حبا ًله ستخرّ عاجزة ً أمام الجبروت والقسوة التي تنحر عند قدميها قصة عشقٍ بقامة الوطن وأشجاره ومائه ….
لكنه سيضمها إلى صدره ويقبلها بين عينيها …. تاركا ً برلين بسحرعا وقصة ً على مقاس الغربة وراءه
انه يبكي ملوحا بيده لها … لبرلين مدينة الاحلام ….. لكنه طار بقليه وعقله … الى الوطن … الى قامشلو ….. الى عامودا …. المتربعة على ” عرش الكبرياء ” هكذا ولدت وستبقى لانها هي الذاكرة
لها أمجادها تتلمذنا على يديها وحدها علمتنا ان نحب بكل هذا الكبرياء ……
ثم الى القرية التي شاخت بأهلها …. انتظره الجميع بقلوب تخفق … لكن الاب كان غائباً …
كان … في رحلته الابدية الى مدن الصمت المجهولة … قادته قدماه بدموع تنمهر الى المقبرة …. وهناك بينما كان يبحث عن قلب ابيه …. اشهرت شاهدةٌ في وجهه صرخةً هدّت عمراً من الحب أمامه …. كانت تحمل اسمها …تلك الحروف التي غذت دمه …. كان سيضمها الى صدره …
ويقبلها بين عينيها….تساقط قلبه كأوراق الخريف …. ركع أمام التراب الممتزج بدموعه …. حتى الاحلام …..لم تعد كما كانت…
إنه الصوت المخنوق … ثائرٌ يمضي نحو الفجر الجديد .. نحو الحرية ..” دون أن يريق نقطة دم
أو يدع دمعة تنساب من عين طفل ….”
على تلك الأشجار حفرت أقدارها اسم الحبيب المسافر بحثاً عن جيبٍ أخر بدلاً عن جيبه المثقوب ! ظلت تعلّق في سقف قلبها أيقونة الألم مثقلةً بهسيس الشوق في سفرٍ دائم بين الحقيقة والخيال …..
ها هو يترك وراءه قريته بناسها المبرمة بينهم عقود حبّ دائمة ليترك معها قلبه معاهداً بعودة ٍتبني لهما سقفاً على مقاس قسوة الأب وجبروته …..
لكن الحنين صيّر العاشق شاعراً “أيا أحلاماً ماتت في القلب قبل أن تتنفس مع خيوط الفجر القادم “
صيّره منقب آثارٍ في علوم الذاكرة والنفس “لنشقّ جدار الوعي ..جدار الصمت ..جدار الإدراك إلى اللا وعي .. إلى الجنون “…
ها قد مضى حاملاً في أسفاره قناديل غاندي وطاغور ….يستضيء في “دروبه المليئة بالخوف ” بنجمة ٍ
لسليل موسيسانا وحامل عرشها على الماء والسماء يحرّض الثقة فيه أن أكمل ْ “هو ذا أنت دأبك دأب المؤرخ لكن تؤرخ المياه وحدها بسيطاً تؤرخ المياه …”
لأجلها مضى يبحث عن نبتة السعادة …كم كان صدره عارياً وكم كانت سهام الغربة قاتلة … “أيتها السعادة أقبلي , مالك ِأدرت لنا ظهرك تركتينا حفاة ً,عراةً , جياعاً … أقبل أيها القدر غيّر مصائرنا .. دعنا نعيش اياماً جميلة ” …………حاملا على ظهره الامه مضى بعيداً عن وطنٍ يرمقه بقصص الفقر والحرمان مسيرّاً يقوده مهرّبو البشر .. عشرون قصة ألم من لحم ودم تسير في قافلة الخوف …ثمة غامضٌ هناك خلف حدود تركيا …معبر الهاربين كفراشاتٍ تتقاذف أرواحها ربما الى النور أو الى هلاك محتم.. !
ومرت قبرص عبر دموعهم مرور بخيل يغلق أبوابه ونوافذه أمام القلوب المرتعشة ليبحروا الى اليونان حشراً مع الدواب هناك في الطابق السفلى من الجريمة مثخنين بجرح ظل مفتوحا قلقاً إلى أن تمخضت الباخرة العملاقة عن قاربٍ محدودب العمر والقامة كان مضطراً لحمل الآدميين التعساء و أخيراً و حيث “كان الظلام دامساً والليل مخيفاً لانور لا سماء لا نجوم كأن الكون كله أطبق علينا ” وحيث الريح والمطر يعقدان صفقة البرد المخترقة نقي العظام .. وعويل الأجساد الصغيرة يتعالى مع الموج
كانت الأرواح في تحد كبير وجها لوجه مع الموت القادم من الجهات الأربع هو الآن يأخذ قرابينه في جسد طفل ٍووالده ضاعا في مهمه الماء والعتمة الى الابد ……
بعد انكسار مؤلم لكل قلب وصلوا شواطئ اليونان بقايا أجساد تحمل رسائل قاسية من الطبيعة الماطرة الباردة يعبرون دروب العتمة يجرّون وراءهم أقدامهم المنهكة محطتهم فناء كنيسة مكثوا تحته حتى انبلج الصبح وجاء الناس يتفرجون على “اللا آدميين اللامرئيين .. البقايا ..الحطام من سفينة التهمتها الامواج ونالت منها” ثم ها هي اليونان ترتب لكل ٍ دربه لتفتح للبعض صدرها وللآخر تأشيرة خروج كان أقصاها أيام معدودة … أما هو فتكفلت دراجة ٌ نارية صاحبها رجل ٌمن الوطن تعرّف عليه هناك ليقله بها الى بلغاريا ثم إلى برلين محطته الأخيرة في رحلة الخوف والمجهول
هناك كان ينتظره شيراز يحمل له حقائب الحنان …. أما هو فتأمل في ذاكرته الوطن بكل الامه “كان كل شيء في الوطن يقتلني.. حبي .. قلة ذات يدي وشعوري بالعجز والضعف في كل ما أقوم به ”
والحبيبة التي “صرت أحبّ كل شيء لأجلها ..تدفق الدم بغزارة في جسدي أكثر . .. تفتحت الينابيع وازدادت الازهار جمالا وروعة” لأجلها “قررت أن أغيّر الحياة التي أعيشها ”
ثم جاء دور المحكمة التي وهبته مفاتيح بقائه هناك لتبدد قليلا ًمن غيوم الحزن التي تلبدت في سماوات قلبه وبقي شيراز ابن البلد فاتحا ً له ذراعي منزله وقلبه …ككل كردّي يحتضن أخيه كوطن أو كحبيبة
شيراز الابن الثاني للصوفي عبد الله كانت له قصته مع الوالد الأشد قسوة من مُدى الغربة وسهامها القاتلة … ذلك الاب الذي لجأ الى الدين بتزمت نأت عنه حتى الجبال والى الله الذي يدعو دائماً الى الرحمة في حين لم تعرف الرحمة طريقها الى قلب الرجل الهارب من جريمة نزفت حتى الموت …. الى الهلالية اخر احياء قامشلو من جهة القلب عامودا ….. ذلك الاب الذي لم يتوانى يوما ً عن استخدام أشد انواع التعذيب لمجرد أن أحد اولاده الصغار لم يتوضأ بشكل جيد وهو يجبرهم على الصلاة والوضوء بالماء البارد فجراً وفي الشتاء القارس رغم سيرهم بعيونهم المغمضة وتخبطهم بالجدران الطينية
لكن أكثرهم حساسية وانكماشا ً ورهبة من صور التعذيب اللا آدمية كان اصغرهم
إنه آراس يتأمل الجبال التي تشكل الحدود مع تركيا الشاهدة هناك على حكايا العشاق .. .. القرى المتناثرة على ذيل ثوبها … المهربين …لكن لها وحدها كان الخلود .
.. كعادته إذ كان طفلا ً يجلس في النافذة يتأمل الحزام الشارع الذي يربط قامشلو نحو كل العوالم قامشلو المدينة المجبولة بالالم _ الكلمة الممنوعة من الصرف والتي لجموا عنوةً فمها بـــــــــــ الــــ التعريف _ يا صديقي !
الحزام المجبول بخطى المسافرين والبضائع والمتشردين الذين يرسمون بأيدي أهاليهم مستقبلهم مستقبل “الفوضى والضياع ”
هو ذا يتأمل الغيوم هي ذاتها الغيوم التي داهمت قامشلو بسنين عجاف طويلة لتملأ بالأخاديد الأرض ووجوه الناس البائسين المتوكلين دائماً على رحمة السماء ….آراس رمز الخوف الذي طالما سكن القلوب
الخوف من دورية مسلحة ستداهم وتعتقل وتهدم وتدمر وتضرب وتعذب وتعلق ناشطا ًما كثريا في الهواء من أجل الاعتراف إنه آراس لن يدير ظهره للفقراء بوذا أو زردشت يعلم الناس تعاليم دينهم وبين الخوف من الدوريات المداهمة والفقر والدين والطفولة اللا بشرية على يد اب لم يسكن الله قلبه يضيع آراس الخائف من حبة بندورة تنزف كالدم والجرح هائماً بين الجنون والموت ضريبة آدمية لتلك الصراعات التي كانت قامشلو تعيشها مع خيزها ومائها …….
أما شيراز فأراد الله به أن يعلم الاب القاسي أن الابناء ليسوا ملكا له إنهم أبناء الحياة تعلمهم الحياة
معنى الكرامة والثورة والحرية ” ااه ايتها الحرية ما اجملك وما احلاك ” لقد تمرد شيراز على الاب القاسي
حين شب عن الطوق موقف واحد كان بداية التحدي عشقه للموسيقا وادواتها التي حطمها الاب لأنها ” من أنفاس الشيطان ” “ثم الته الحبيبة الطنبورة التي جاء فوجدها كومة خشب …. وهاهو يعلن ثورته لقد جاء بواحدة أخرى وعلقها على نفس الجدار وانتظر الاب الذي جن حين رآها وحين همّ بتكرار المجزرة فاجأه الابن ” ضعها في مكانها والا .. ” إنها الثورة على ظلمك فتلق ما جنت يداك
هما الآن عاجزتان لأنك أدركت أن ثمة حرائق كامنة ستميتك بجبروتك فتلق ما جنت يداك
ها أنت تخسره لتضمه الغربة فنانا مبدعا ً…. شيراز رحل …. آراس ظل هائما يبحث عن روحه دون جدوى … اراس مات فتلق ما جنت يداك .. عائشة الصغيرة التي زوجتها من نسخة منك … ليطلقها الشيخ الارعن مثلك ولتبكي اولادها طول العمر .. فتلق ما جنت يداك
هي قصص شيراز يرويها لصديقه القادم من هناك بقلب يملؤه وجه الحبيبة ودموعها ليغلق أبوابه في وجه كل عاشقة هناك لكنه لحم ودم له حاجاته وكان لابد بعد صد وتوق دائم ان ينحرف الكوكب الغريب عن مساره في قصص عشق ٍ ليبدد بها قليل من سطوة الغربة والحنين ” شعرت بالقشعريرة تسري في كل مكان من نفسي ..مضى اللهيب في كل مكان من جسدي “
لكن قلبه لا يزال معلقا بأشجار اللوز هناك حيث حبيبة ما تنتظر بعينين تقرحتا من البكاء تلك التي توحدت مع الوطن الذي ظل يسكنه ” انقسمت الى قسمين بات جسدي ممزقا ً بين هنا وهناك ” ……. فالسماء لم تكن سماؤه وطيور غريبة كانت تمر فوق رأسه …. الشمس في الوطن اجمل من كل شموس الدنيا … فقط ماؤه كان يروي ظمأ العاشق …..اأرضه التي شربت من اجساد عشاقها الابرياء دون ان تضع حدا لماساتهم بتقاليدها المميتة لقصص عشق عارمة …
لكنه يعود .. مرتباً تعب سنين في جيبه رغم يقيينه أن تلك التي ذوت حبا ًله ستخرّ عاجزة ً أمام الجبروت والقسوة التي تنحر عند قدميها قصة عشقٍ بقامة الوطن وأشجاره ومائه ….
لكنه سيضمها إلى صدره ويقبلها بين عينيها …. تاركا ً برلين بسحرعا وقصة ً على مقاس الغربة وراءه
انه يبكي ملوحا بيده لها … لبرلين مدينة الاحلام ….. لكنه طار بقليه وعقله … الى الوطن … الى قامشلو ….. الى عامودا …. المتربعة على ” عرش الكبرياء ” هكذا ولدت وستبقى لانها هي الذاكرة
لها أمجادها تتلمذنا على يديها وحدها علمتنا ان نحب بكل هذا الكبرياء ……
ثم الى القرية التي شاخت بأهلها …. انتظره الجميع بقلوب تخفق … لكن الاب كان غائباً …
كان … في رحلته الابدية الى مدن الصمت المجهولة … قادته قدماه بدموع تنمهر الى المقبرة …. وهناك بينما كان يبحث عن قلب ابيه …. اشهرت شاهدةٌ في وجهه صرخةً هدّت عمراً من الحب أمامه …. كانت تحمل اسمها …تلك الحروف التي غذت دمه …. كان سيضمها الى صدره …
ويقبلها بين عينيها….تساقط قلبه كأوراق الخريف …. ركع أمام التراب الممتزج بدموعه …. حتى الاحلام …..لم تعد كما كانت…
إنه الصوت المخنوق … ثائرٌ يمضي نحو الفجر الجديد .. نحو الحرية ..” دون أن يريق نقطة دم
أو يدع دمعة تنساب من عين طفل ….”