موعد مع صديقي الكاتب..!؟.

إبراهيم اليوسف
 

قبل أن يدقق أيُّ معنيٍّ بشؤون معارض الكتب التي تتم، قارئاً كان أو صانعاً للكتاب، في قائمة أسماء الأدباء والكتاب والشعراء والباحثين والإعلاميين الذين تتم استضافتهم-عادة-على هامش مثل هذه المعارض التي باتت تجمع بين الكتاب وكل هؤلاء، باحثاً عن أسماء محددة، قريبة منه- وكل المبدعين قريبون  من متلقيهم..!- فإن أحاسيس ومشاعر استثنائية تنتاب روحه، ويظلُّ أسير فرحتها، لأن فرصة الالتقاء من قبل المعني بشأن الكتاب، بمبدعه، أمر ليس في منتهى السهولة، لاسيما عندما تفصله عن مثل هذا الكاتب حواجز الجغرافيا، وسواها من التبعات و التفاصيل التي تحول-عادة- دون اللقاء به.
ومع اقتراب “ساعة الصفر”، لانطلاقة معرض “أبوظبي الدولي للكتاب”، فإن هاجس الالتقاء بالضيوف المبدعين، تظل له خصوصيته من بين كل تلك الهواجس التي يثيرها أي معرض كبير من نوعه للكتاب، حيث أن الكتاب المتوخى، وهو في دثار المفاجأة، لابدّ وأنه سيحقق اللقاء المطلوب به، مادام أن كل معنيِّ  بشؤون الإصدارات الجديدة يضع بين أولويات أجنداته السنوية، تحقيق حاجة القراءة وهي الحاجة العالية لدى المثقف المتابع لإحداثيات الخط البياني لطباعة الكتاب، على مستوياته: المحلية، والعربية، وحتى العالمية، أيضاً، لاسيما وأن الكتاب العالمي بات يجد لنفسه مواطئ في مكتباتنا، وبتنا نتعرف عليه، سواء أكان ذلك باللغة التي كتب بها، أو عبر اللغة الوسيطة التي ستربطنا به، بيد أن ما يظل مدار السؤال الأكثر أهمية، هو منتج هذا الكتاب….!؟.
 
وحقيقة، إن تلك العلاقة التي تربط الكاتب-أياً كان- بعالمه الكتابي، ليظل محور اهتمام أوساط شاسعة من جمهرات القرَّاء، على امتداد ساحة المعمورة، وإن مثل هذا الشغف بعالم الكاتب نفسه، له أكثر من بعد معرفي، لاسيما وأن هناك من يروم تحديد درجة علاقة الكاتب بعالمه الشخصي، وإننا لنجد دراسات كثيرة نظرت إلى الإبداع من خلال هذا المنظور، قبل أن تفعل مقولة “موت المؤلف” فعلها السحري،  ويبدأ النظر إلى أي عمل إبداعي للكاتب في معزل عن معرفة شخصيته، من قبل الكثيرين من أصحاب الدراسات الجديدة التفكيكية، والبنوية، والحداثية، وحتى ما بعد الحداثية منها أيضاً..!.
 
ورغم مثل هذا الموقف المسبَّق، من استبعاد شخصية الكاتب من عوالم إنتاجه الإبداعي، أثناء لحظة القراءة، إلا أن سطوة هذه الشخصية سرعان ما تظهر، خارج إطار عملية القراءة، كي نتجاسر مع كتابنا المفضلين، نتوق إلى معرفة تفاصيل يومياتهم، أو جوانب منها، كي تكون بمثابة مداخل لنا- في أحايين كثيرة- إلى عوالمهم الإبداعية، وإن كان تفسير أي عمل إبداعي على ضوء معرفة سيرة الكاتب ليظل أمراً على قدر كبير من العسف والجناية.
 
صداقة الكاتب، والولوج إلى عالمه الداخلي، والتعرف عليه عن قرب، أمور على قدر كبير من الجاذبية، بالنسبة إلى المعنيين به، على حد سواء، وهو ما تحققه لنا معارض الكتب بيسر، ومن هنا، فإن انتظارنا لكوكبة الأسماء التي ستزرع الأنس، والألق، والبهجة، على امتداد أيام معرض أبوظبي، يظل أمراً مشروعاً، لاسيما وأن من بين هذه الأسماء من هو صديق ربما نعرفه عن قرب، وآخر سنتعرف عليه للتو، حيث يصلح أن نقول لكل منهما على حدة:” أهلاً بك، صديقي الكاتب، كي نتحاور في حبِّ الحياة والكتابة …..!؟.
 
elyousef@gmail.com
……………
النص مهدى
إلى الصديق الكاتب جان دوست

 ضيف معرض أبوظبي الدولي للكتاب

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

دريس سالم

 

«إلى تلك المرأة،

التي تُلقّبُني بربيع القلب..

إلى الذين رحلوا عني

كيف تمكّنْتُ أنا أيضاً على الهروب

لا أريدُ سوى أن أرحلَ من نفسي…».

يفتتح الشاعر الكوردي، ميران أحمد، كتابه «طابق عُلويّ»، بإهداء مليء بالحميمية، ملطّخ بالفَقد، يفتتحه من قلب الفَقد، لا من عتبة الحبّ، يخاطب فيه امرأة منحته الحبّ والحياة، لقّبته «ربيع القلب». لكن ما يُروى ليس نشوة…

علي شمدين

المقدمة:

لقد تعرفت على الكاتب حليم يوسف أول مرّة في أواخر التسعينات من القرن المنصرم، وذلك خلال مشاركته في الندوات الثقافية الشهرية التي كنا نقيمها في الإعلام المركزي للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، داخل قبو أرضي بحي الآشورية بمدينة القامشلي باسم ندوة (المثقف التقدمي)، والتي كانت تحضره نخبة من مثقفي الجزيرة وكتابها ومن مختلف…

تنكزار ماريني

 

فرانز كافكا، أحد أكثر الكتّاب تأثيرًا في القرن العشرين، وُلِد في 3 يوليو 1883 في براغ وتوفي في 3 يونيو 1924. يُعرف بقصصه السريالية وغالبًا ما تكون كئيبة، التي تسلط الضوء على موضوعات مركزية مثل الاغتراب والهوية وعبثية الوجود. ومن المميز في أعمال كافكا، النظرة المعقدة والمتعددة الأوجه للعلاقات بين الرجال والنساء.

ظروف كافكا الشخصية…

إبراهيم اليوسف

مجموعة “طائر في الجهة الأخرى” للشاعرة فاتن حمودي، الصادرة عن “رياض الريس للكتب والنشر، بيروت”، في طبعتها الأولى، أبريل 2025، في 150 صفحة، ليست مجرّد نصوص شعرية، بل خريطة اضطراب لغويّ تُشكّل الذات من شظايا الغياب. التجربة لدى الشاعرة لا تُقدَّم ضمن صور متماسكة، بل تُقطّع في بنية كولاجية، يُعاد ترتيبها عبر مجازٍ يشبه…