ميديا محمود والحتمية البيولوجية

صبري رسول

الفروق البيولوجية بين الرجل والمرأة، مسألة اجتماعية وتاريخية، وجدتْ مساحة كبيرة في البحث والنقاش منذ أقدم الحضارات، تحوّلت إلى ما يشبه صراعاً وخلافاً بين المجتمعات البشرية.
جاءت الديانات لتكمّل جوانب أخرى، وتطرح أفكاراً جديدة تتوافق مع قيم بعض المجتمعات وتخالف آراء بعض الفلاسفة وقيم بعض المجتمعات قبلها.

الفروق البيولوجية بين الاثنين دفعت بعض الفلاسفة إلى القول أنّ الهرمونات الأنثوية هي تحدّد ملكاتها، وذكائها.
الدكتورة ميديا في محاضرتها المعنونة ((الحتمية البيولوجية من أرسطو إلى الليبرالية النسوية)) أكّدت أن أفلاطون شجّع النّساء على الدخول إلى طبقة الحرّاس، حيث كانت أفكار المشاعية الإغريقية كانت سائدة في إسبارطة الإغريقية، وأفلاطون كان “يحتقر أنوثة المرأة”، ويرى بأنّ الفضيلة محصورة في الشّجاعة والفروسية. أما أرسطو فقد وجدَ ان الطبيعة هي التي تفرض فلسفتها على الأشياء، فلكل شيء في الطبيعة له وظيفة خاصة بها، والمرأة وفق منطق أرسطو، كما أشارت إليها ميديا محمود، وظيفتها الإنجاب وخدمة الزوج.
أما جان جان روسو فدعا إلى العودة إلى الطبيعة، وترك المدنية، أعطى دوراً ثانوياً للمرأة، بينما جون لوك ورغم دعوته إلى استقلالية المرأة فقد كان يلجأ إلى الصمت عندما يتعلّق المر بالمرأة.
وفي العصور الحديثة فقد تجاوز الفكر الليبرالي النظريات الأخرى، وحطّم النظرية البيولوجية، داعياً المرأة إلى إثبات الذات.
ومن جانبه دعا جون ستيوارت ميل إلى حرية المرأة، لاقتناعه بأنّها ستكون فاعلة في المجتمع إذا حلّت سلطة المساواة بينها وبين الرجل. ويؤكّد هذا الفيلسوف المعروف بنصير المرأة أنه ليس من العدالة حرمانها من حقها. وهنا تلتقي رؤية جون ميل مع النظرة الليبرالية الداعية إلى الحفاظ على الأسرة كنواة ولبنة أسياسية في المجتمع البشري، بخلاف المشاعية العامة عند الإغريق إلى الشيوعية.
جميعة سوبارتو المهتمة بالتراث والتاريخ فعلت خيراً في إقامة أسبوع خاص بالمرأة حيث شاركت عدة ناشطات من جمعيات المرأة في هذا النشاط.
كما كانت المداخلات والآراء التي شارك بها الحضور أغنت المحاضرة.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ماهين شيخاني

كان مخيم ( برده ره ش ) يرقد بين جبلين صامتين كحارسين منسيّين: أحدهما من الشمال الشرقي، يختزن صدى الرياح الباردة، والآخر من الغرب، رمليّ جاف، كأنّه جدار يفصلنا عن الموصل، عن وطنٍ تركناه يتكسّر خلفنا… قطعةً تلو أخرى.

يقع المخيم على بُعد سبعين كيلومتراً من دهوك، وثلاثين من الموصل، غير أن المسافة الفعلية بيننا…

إدريس سالم

 

ليستِ اللغة مجرّد أداة للتواصل، اللغة عنصر أنطولوجي، ينهض بوظيفة تأسيسية في بناء الهُوية. فالهُوية، باعتبارها نسيجاً متعدّد الخيوط، لا تكتمل إلا بخيط اللغة، الذي يمنحها وحدتها الداخلية، إذ تمكّن الذات من الظهور في العالم، وتمنح الجماعة أفقاً للتاريخ والذاكرة. بهذا المعنى، تكون اللغة شرط لإمكان وجود الهُوية، فهي المسكن الذي تسكن فيه الذات…

مازن عرفة

منذ بدايات القرن الحادي والعشرين، يتسارع الزمن في حياتنا بطريقة مذهلة لا نستطيع التقاطها، ومثله تغير أنماط الحياة الاجتماعية والإنسانية، والاكتشافات المتلاحقة في العلوم والتقنيات، فيما تغدو حيواتنا أكثر فأكثر لحظات عابرة في مسيرة «الوجود»، لا ندرك فيها لا البدايات ولا النهايات، بل والوجود نفسه يبدو كل يوم أكثر إلغازاً وإبهاماً، على الرغم من…

أصدرت منشورات رامينا في لندن كتاب “كنتُ صغيرة… عندما كبرت” للكاتبة السورية الأوكرانية كاترين يحيى، وهو عمل سيريّ يتجاوز حدود الاعتراف الشخصي ليغدو شهادة إنسانية على تقاطعات الطفولة والمنفى والهوية والحروب.

تكتب المؤلفة بصدقٍ شفيف عن حياتها وهي تتنقّل بين سوريا وأوكرانيا ومصر والإمارات، مستحضرةً محطات وتجارب شكلت ملامحها النفسية والوجودية، وموثقةً لرحلة جيل عاش القلق…