كنت شهيداً دوماً

   نبيل عمر

كنا معاً نرفع الشمس عنوةً
نصنع في الوحل خطواتنا المكسورة
يباغتنا المطر متحدياً قاماتنا الصغيرة
ويعيدنا الى عمق الشك بغدٍ مشمس
 
هنا في أعماقي البعيدة
حيث لا قرار للحزن …
والموت الدائم
ألتمس ابتسامتك الطويلة

وأموت الف مرةٍ قبل أن تنتهي
أيها الشهيد
أي مسيح يلبس وجهك
أي نبي يسكن تلك الهامة الغارقة في الألم
أي قداسة لتلك الأرض التي منحتها أصابعك الرقيقة..
هناك حيث كانت تنهيدتك الأخيرة
حضنت بكل هدوءٍ رصاصة
وحضْن أُمك المهترئ..
ينتظر على رصيف النداء .. ولدي
وعينا أباك الصامت كالليل
تسكن تراب الطريق
تراقب أثار حذائك الكبير .. من هنا مر ولدي
وعلى حجارة البيت كتبوا رفاق طفولتك ..
هنا لعبنا… وبكينا …
وهنا كان يجلس الشهيد
 
 
هناك كهدوءِ أوراق الخريف
صعدت كوكباً يعانق السماء الواسعة
يلقن الشجر أحاديث الدماء
يُسمع الماء إيقاع الجراح
والصخر يوشَم بصدا دمعك شوقاً… إخوتي
سمعتك حينها ..
وبكت كل الذكريات
كل أحلامك التي انتظرت على الطريق
الاماكن التي لم تزرها ..
وكلُ من لم يصافحك ..
 
لم يشبهك أحدٌ
إلا أنت
وعيناك
التي انتظرت أنفاسك الاخيرة
كنت أتسائل دوماً .. ماذا ينتظر
أما من عرفوك صمتو كثيراً..
ولم تصدقهم دموعهم
وصمتت هي الأخرى أبداً
 
لم أودعك
لأني ما زلت على موعدٍ كي أقبل عينيك…
لم أودعك
كي أسجد لرمال قدميك
لم أودعك ولن افعل…
حتى تموت الأرض ..
وتموت السماء ويموت الخوف
وتحيا أنت…
 
سامحني لأني ابتعدت عنك كثيراً…
سامحني لأني لم أمت عنك أو على الأقل معك.
 
 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ماهين شيخاني

قيل إن المخيم لم يُبنَ على أرضٍ عادية، بل على فراغٍ قديم ابتلع قرى وذاكرات.

من يعبر بوابته لا يعود كما كان؛ فالزمن هناك يسير مكسورا، والساعات المعلقة على جدران الخيم لا تعطي التوقيت ذاته، وكأن كل خيمة تعيش في ساعة مختلفة. بعض الناس فقدوا أسماءهم، وآخرون استعاروا أسماء غيرهم. وفي مساءٍ لم يُعرف تاريخه،…

صبري رسول

ولدت الفنانة الكردية السوفييتية سابقاً، في 1945 في قرية ألكز Elegez في أرمينيا. تنحدر من عائلة فنية وطنية غنت أغنيات فلوكلورية مع مجموعة واسعة من الفنانين كمريم خان، سوسيه سموم وآرام ديكران، ١٩٩٧/٢/٢٥ ظهرت بشكل مباشر للمرة الأولى في قناة مد تيفي في 25 شباط 1997 وهي مثقفة ومناضلة، كان اختصاصها في الدراسة…

في حضرةِ الشعر، حيث يتناسلُ المعنى من رمادِ الكلمات، وحيث يشعلُ الحرفُ فتيلَ الوجود، يولد هذا الديوان: جحيم الأمل.

ليس عنواناً عابراً ولا استعارةً تلقى على عتبة الصدفة، بل هو صرخةٌ تتناوبُ فيها النارُ والندى، وتتعانقُ فيها خيبةُ التاريخ مع شغفِ الإنسان الذي لا يعرفُ الاستسلام.

“جحيم الأمل” انعكاسٌ للروح حين تلقى في أتونِ الأسئلة الكبرى، في…

عِصْمَتْ شَاهِين الدُّوسَكِي

يَقُولُونَ

: لِمَاذَا تَكْتُبُ قَصَائِدَ حَزِينَةً

دَمْعُ هُمُومٍ مَآسِي رَهِينَةٍ

قُلْتُ : مِنْ آدَمَ وَحَوَّاءَ

مَنْ جَمَعَ الْبَشَرَ عَلَى السَّفِينَةِ

قَالُوا : حِكَايَاتٌ رِوَايَاتٌ

قُلْتُ : تَوَارَثْنَا الْعُرَى

نَمْشِي عَلَى أَرْضٍ جَرْدَاءَ قَرِينَةٍ

هَذَا الْوَطَنُ

كُورٌ فِيهِ كُلُّ الْأَجْنَاسِ رَغْمَ أَنِينِهِ

عَرَبٌ أَكْرَادٌ مَسِيحٌ تُرْكْمَانٌ صَابِئَةٌ

بِأَلْوَانِ بَنَاتِهِ وَبَنِينِهِ

مِنْ حَضَارَاتٍ ذَهَبٍ وَصُولْجَانٍ

وَفُرْسَانٍ وَقَادَةٍ

تُخْرِجُ الْأَسَدَ مِنْ عَرِينِهِ

………….

ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُ الْمَآذِنِ

دُقَّتْ أَجْرَاسُ الْكَنَائِسِ

وَتَجَلَّتْ أَلْوَاحُ السَّمَاوَاتِ

طَافَتْ وَهَبَّتِ الْفَيْضَانَاتُ

عَلَى الْخَنَاجِرِ…