دلاور زنكي
إن المجتمعات الإنسانية التي تخلو من النقد والناقدين لا يتقدم فيها الفكر ولا يرتقي ويظل في حالة بائسة من الركود. وفي المجتمعات المتخلفة- إن وُجد فيه ضرب من النقد- فإنما يكون هذا النقد هشاً لا يستند إلى أسس أو قاعدة علمية.. ويكون في الوقت نفسه مفعماً بالحقد، مليئاً بالحسد والكراهية والعداء وربما شجر خلاف باسم الجدل ونشبت معارك.
إن المجتمعات الإنسانية التي تخلو من النقد والناقدين لا يتقدم فيها الفكر ولا يرتقي ويظل في حالة بائسة من الركود. وفي المجتمعات المتخلفة- إن وُجد فيه ضرب من النقد- فإنما يكون هذا النقد هشاً لا يستند إلى أسس أو قاعدة علمية.. ويكون في الوقت نفسه مفعماً بالحقد، مليئاً بالحسد والكراهية والعداء وربما شجر خلاف باسم الجدل ونشبت معارك.
إن الأدب لا يتطور من دون نقد، والنقد الأدبي حاجة ملحة وضرورة كبرى، إنه كالخبز والماء في حياة الأدب. وما أحوج الأدب الكردي إلى النقد الأدبي إلى هذا الخبز والماء.
لقد صدر في الأعوام الأخيرة كتب كثيرة باللغة الكردية في الوطن وفي خارج الوطن إلا أنها لم تنل حظاً من النقد أو التقييم. إن الأدب الكردي يعيش على هامش النقد، والنقد لدى الأكراد واهٍ وواهن وضعيف البنية لا تكاد تقوم له قائمة بين الكتابات. وفي مجال النقد والتقييم قلما نقرأ كلمة نقد في الصحف والمجلات الكردية.
إن الأدب الجاد، القويم، يستمد عزمه من العملية النقدية، لأن النقد يسير به إلى الأمام ويفتح له السبل، وبالنقد ينمو ويقوى ويغتني ويزداد ثراءً ورخاءً. بَيْدَ أن للنقد أصنافاً وألواناً.. فمن النقد ما يكون أجوف خاوياً.. ومنه ما يكون فاسداً لا يقوم به صلاح ولا ينفع في شيء سوى أنه يسيء إلى الأدب ويفسده كما يسيء إلى بقية الفنون على حد سواء.. ولكن النقد العلمي، النقد الموضوعي القائم على المعرفة.. النقد البناء ينال منه الأدب والأدباء فوائد جمة وفضلاً كبيراً.
ولكي نمتلك رصيداً من الثقافة يوماً بعد يوم ويتجدد أدبنا لا بد من وجود نقدٍ علمي واضح وصريح لا يحابي ولا يمالئ في أداء وظيفته السامية..
إننا في قراءتنا للأدب في كافة مذاهبه ومقاصده نجد مكان النقد موحشاً فارعاً وإن وَجد منه شيء فهو هزيل متضعضع ليس له معايير أو موازين علمية ثابتة.. وهذا الفراغ في العملية النقدية يجلب معه المعوقات ويحمّل الأدب أعباءً باهظة. لأن الآداب والفنون والثقافات بمجملها لا تستطيع حل عقدها ومعالجة معضلاتها من غير نقد.
لقد صدرت كتب كثيرة في الرواية والقصة والشعر، وما تزال المطابع- سنة بعد أخرى_ سخية في إصدار عشرات الكتب الكردية. ولكننا لم نجد من التفت إليها أو نقدها أو ذكرها –في صحيفة أو مجلة- بكلمة مدح أو قدح.. لم نجد من تكلم عن فحوى هذه الكتب.. عن أسلوبها.. لغتها عن قوة سبكها.. فلو قيّض لأصحاب تلك الكتب ناقدون يكشفون حسناتهم ويدلونهم على سيئاتهم وأخطائهم لأخذوا من هذا النقد دروساً ستنفعهم في مسيرتهم الأدبية.
إن الكتاب ليس ملكاً لمؤلفه وحسب بل هو سلعة على الشيوع يتقاسمها المؤلف والقارئ والناقد.. وهكذا يكون للكتاب ثلاثة أصحاب لكل منهم حصته وقسمتهُ.
في البدء يؤلف الكاتب كتابه فإذا طبع وصدر تغيّرت صيغة الملكية، وعندئذ يمتلكه القارئ ولا يبقى للمؤلف به شأن. والقارئ بانكبابه على قراءة هذا الكتاب يجعل الكتاب خالداً. أما الناقد فهو الجسر الراسخ بين المؤلف والقراء.. الجسر الذي يجمع بين الكاتب والقارئ ويكون عوناً ومسعفاً لهما.. فيحرض القارئ على الاستزادة من القراءة ويحث الكاتب على الاتيان بمزيد من الحسنات في عمل كتابيّ آخر في قابل الأيام. وهكذا يكون الناقد قد قدم خدمة جليلة للحياة الأدبية وجعلها أكثر نضارة وتألقاً وإشراقا.
إننا نعلم علم اليقين أن وظيفة الناقد ليست عملاً سهلاً يمكن ممارسته بيسر.. إنه عمل شاق بيد أنه لا بدّ من مزاولته لتجميل قسمات الأدب وملامح وجهه. وهو عمل مبارك دائماً.
يسعنا أن نقول: إن جميع الصحف والمجلات الكردية التي تصدر في هذه الأيام تعُنى بالشؤون والقضايا السياسية، حيث تنشر على صفحاتها –بكثافة- آراء ونظريات سياسية، وهذه الآراء والنظريات تكتب بغير اللغة الكردية تكتب باللغة التركية، والفارسية، والعربية، وقد تظهر فيها صفحات قليلة عليها كتابات كردية.. وهذه الكتابات ليست سوى بعض القصص والخواطر والشعر وما شابه ذلك. أما المواضيع التي تتناول المعضلات الأدبية وقضايا الفن والنقد فمن النادر جداً أن تنشر على هذه الصحف والمجلات.. وليس فيها زوايا للتعريف بالكتب والروايات والصحف الكردية وما إليها من المنشورات.. ومن الغريب جداً أن نقرأ فيها تنويهاً بالكتب العربية، كما تنشر على صفحاتها المخصصة للثقافة والأدب بحوث عن اللغة العربية وآدابها باللغة العربية وأيضا باللغة التركية والفارسية. وفي اعتقادنا ان الصحف والكتب الكردية والشعراء الأكراد أحق بالتنويه بهم والإشادة بذكرهم والتعريف بهم على صفحات منشوراتنا ووسائل إعلامنا.
من المألوف في الأوساط الأدبية في العالم والعالم العربي أنه كلما صدر كتاب لأحد المؤلفين تناولتها أقلام النقاد ووضعته في المكانة التي يستحقه بين الكتب بعد أن أشبعتهُ درساً وتمحيصاً. أما الكتب الكردية بشتى ألوانها وفروعها فليس لها أيّ نصيب من نقد أو تحليل أو تقييم.. ولكن.. ربما صدر كتاب كردي وتكرمت أحدى الصحف أو المجلات بذكر عنوانه واسم كاتبه وتحدثت عنه بكلام موجز خجول.. اما إطراء الكتاب وتقريظه ومدح أسلوبه فتلك هي الطامة الكبرى، أفلا يكفي ظهور اسم الكتاب مطبوعاً في المجلة أو الصحيفة. ثم يرين عليه الصمت حتى يصدر لهذا المؤلف كتاب جديد.
إن النقد الإيجابي-دون شك- عامل فعّال في إزالة النواقص والأخطاء. ولقد وُصِفَ الناقد بالعبارة التالية:”إن الناقد هو العين التي يبصر بها الأدب” وهذا الوصف حقيقة علمية، ولهذا ارتبطت المقدرة الأدبية بعملية النقد، إلا أننا لا نستطيع أن نتصور وجود كتّاب في النقد الأدبي بين الكتاب الأكراد. أما أولئك الذين يكتبون –وهم قلة- بين حين وآخر فإنما كتاباتهم ليست سوى تعريف بالعمل المنشور ويكون نقده شكلاً ليس له شأن يستحق الذكر ولا نجد مسوَّغاً لنعدّ أعمالهم تلك أعمالاً نقدية بالمعنى الحرفي لكلمة النقد. أو أنها تدخل في نطاق العمل النقدي الأدبي. لأن النقد الأدبي يحتاج إلى موهبة في التحليل ومران وطول ممارسة للآداب. والأدب تقنية خاصة تحتاج إلى مهارة ونباهة وذوق، فمن أراد أن يكون ناقداً فعليه أن يكون أديباً.
إن الأدب الجاد، القويم، يستمد عزمه من العملية النقدية، لأن النقد يسير به إلى الأمام ويفتح له السبل، وبالنقد ينمو ويقوى ويغتني ويزداد ثراءً ورخاءً. بَيْدَ أن للنقد أصنافاً وألواناً.. فمن النقد ما يكون أجوف خاوياً.. ومنه ما يكون فاسداً لا يقوم به صلاح ولا ينفع في شيء سوى أنه يسيء إلى الأدب ويفسده كما يسيء إلى بقية الفنون على حد سواء.. ولكن النقد العلمي، النقد الموضوعي القائم على المعرفة.. النقد البناء ينال منه الأدب والأدباء فوائد جمة وفضلاً كبيراً.
ولكي نمتلك رصيداً من الثقافة يوماً بعد يوم ويتجدد أدبنا لا بد من وجود نقدٍ علمي واضح وصريح لا يحابي ولا يمالئ في أداء وظيفته السامية..
إننا في قراءتنا للأدب في كافة مذاهبه ومقاصده نجد مكان النقد موحشاً فارعاً وإن وَجد منه شيء فهو هزيل متضعضع ليس له معايير أو موازين علمية ثابتة.. وهذا الفراغ في العملية النقدية يجلب معه المعوقات ويحمّل الأدب أعباءً باهظة. لأن الآداب والفنون والثقافات بمجملها لا تستطيع حل عقدها ومعالجة معضلاتها من غير نقد.
لقد صدرت كتب كثيرة في الرواية والقصة والشعر، وما تزال المطابع- سنة بعد أخرى_ سخية في إصدار عشرات الكتب الكردية. ولكننا لم نجد من التفت إليها أو نقدها أو ذكرها –في صحيفة أو مجلة- بكلمة مدح أو قدح.. لم نجد من تكلم عن فحوى هذه الكتب.. عن أسلوبها.. لغتها عن قوة سبكها.. فلو قيّض لأصحاب تلك الكتب ناقدون يكشفون حسناتهم ويدلونهم على سيئاتهم وأخطائهم لأخذوا من هذا النقد دروساً ستنفعهم في مسيرتهم الأدبية.
إن الكتاب ليس ملكاً لمؤلفه وحسب بل هو سلعة على الشيوع يتقاسمها المؤلف والقارئ والناقد.. وهكذا يكون للكتاب ثلاثة أصحاب لكل منهم حصته وقسمتهُ.
في البدء يؤلف الكاتب كتابه فإذا طبع وصدر تغيّرت صيغة الملكية، وعندئذ يمتلكه القارئ ولا يبقى للمؤلف به شأن. والقارئ بانكبابه على قراءة هذا الكتاب يجعل الكتاب خالداً. أما الناقد فهو الجسر الراسخ بين المؤلف والقراء.. الجسر الذي يجمع بين الكاتب والقارئ ويكون عوناً ومسعفاً لهما.. فيحرض القارئ على الاستزادة من القراءة ويحث الكاتب على الاتيان بمزيد من الحسنات في عمل كتابيّ آخر في قابل الأيام. وهكذا يكون الناقد قد قدم خدمة جليلة للحياة الأدبية وجعلها أكثر نضارة وتألقاً وإشراقا.
إننا نعلم علم اليقين أن وظيفة الناقد ليست عملاً سهلاً يمكن ممارسته بيسر.. إنه عمل شاق بيد أنه لا بدّ من مزاولته لتجميل قسمات الأدب وملامح وجهه. وهو عمل مبارك دائماً.
يسعنا أن نقول: إن جميع الصحف والمجلات الكردية التي تصدر في هذه الأيام تعُنى بالشؤون والقضايا السياسية، حيث تنشر على صفحاتها –بكثافة- آراء ونظريات سياسية، وهذه الآراء والنظريات تكتب بغير اللغة الكردية تكتب باللغة التركية، والفارسية، والعربية، وقد تظهر فيها صفحات قليلة عليها كتابات كردية.. وهذه الكتابات ليست سوى بعض القصص والخواطر والشعر وما شابه ذلك. أما المواضيع التي تتناول المعضلات الأدبية وقضايا الفن والنقد فمن النادر جداً أن تنشر على هذه الصحف والمجلات.. وليس فيها زوايا للتعريف بالكتب والروايات والصحف الكردية وما إليها من المنشورات.. ومن الغريب جداً أن نقرأ فيها تنويهاً بالكتب العربية، كما تنشر على صفحاتها المخصصة للثقافة والأدب بحوث عن اللغة العربية وآدابها باللغة العربية وأيضا باللغة التركية والفارسية. وفي اعتقادنا ان الصحف والكتب الكردية والشعراء الأكراد أحق بالتنويه بهم والإشادة بذكرهم والتعريف بهم على صفحات منشوراتنا ووسائل إعلامنا.
من المألوف في الأوساط الأدبية في العالم والعالم العربي أنه كلما صدر كتاب لأحد المؤلفين تناولتها أقلام النقاد ووضعته في المكانة التي يستحقه بين الكتب بعد أن أشبعتهُ درساً وتمحيصاً. أما الكتب الكردية بشتى ألوانها وفروعها فليس لها أيّ نصيب من نقد أو تحليل أو تقييم.. ولكن.. ربما صدر كتاب كردي وتكرمت أحدى الصحف أو المجلات بذكر عنوانه واسم كاتبه وتحدثت عنه بكلام موجز خجول.. اما إطراء الكتاب وتقريظه ومدح أسلوبه فتلك هي الطامة الكبرى، أفلا يكفي ظهور اسم الكتاب مطبوعاً في المجلة أو الصحيفة. ثم يرين عليه الصمت حتى يصدر لهذا المؤلف كتاب جديد.
إن النقد الإيجابي-دون شك- عامل فعّال في إزالة النواقص والأخطاء. ولقد وُصِفَ الناقد بالعبارة التالية:”إن الناقد هو العين التي يبصر بها الأدب” وهذا الوصف حقيقة علمية، ولهذا ارتبطت المقدرة الأدبية بعملية النقد، إلا أننا لا نستطيع أن نتصور وجود كتّاب في النقد الأدبي بين الكتاب الأكراد. أما أولئك الذين يكتبون –وهم قلة- بين حين وآخر فإنما كتاباتهم ليست سوى تعريف بالعمل المنشور ويكون نقده شكلاً ليس له شأن يستحق الذكر ولا نجد مسوَّغاً لنعدّ أعمالهم تلك أعمالاً نقدية بالمعنى الحرفي لكلمة النقد. أو أنها تدخل في نطاق العمل النقدي الأدبي. لأن النقد الأدبي يحتاج إلى موهبة في التحليل ومران وطول ممارسة للآداب. والأدب تقنية خاصة تحتاج إلى مهارة ونباهة وذوق، فمن أراد أن يكون ناقداً فعليه أن يكون أديباً.
وقصارى القول: على الناقد الكردي أن لا ينصب من نفسه خصماً وحكماً في الوقت ذاته. وأن ينظر إلى الأمور بموضوعية.. وأن يتجرد عن الهوى والممالأة والتحيز والتحزب وأن يكون صادقاً مع الآخر مثلما يكون صادقاً مع نفسه وبذلك تستحسن خاتمة الأمور وينال كل ذي حق حقه وتنتصر عدالة العقل وتكون الحكمة هادياً ودليلاً.