قصة تعريب

  مصطفى الشامي *الكوردي

ولدت و جئت الى هذه الدنيا من اب كوردي ابن كوردي ابن القرى الجبلية في جبال الكورد في عفرين ومن أم كوردية أصيلة بالدم والعرق الكوردي  و تربيت ببيئة كوردية بين الأهل و الأقارب  و ما من حولي و اول كلمة نطقتها هي آنه و بافو باللهجة العفرينية اي  ماما و بابا .نشئت بتربية كوردية على اسسها السليمة من حيث العادات و التقاليد  الكوردية  مع بعض العادات الاسلامية  لانتمائنا لها دينيا ..
في صغري  لم نتعرف على قضيتنا  بشكله التام و الواضح لعدم فهمنا لها و لكن اتذكر تماما ابي رحمه الله و اودعه في جناته كان يلتقي بالمنزل مع الاناس و يتكلمون عن الثورة البرزانية في جنوب كوردستان و تضحيات العائلة و الشعب الكوردي  و كان من نشاط اؤلئك الناس توصيل الأخبار  و جمع التبرعات لدعم قواتنا البيشمركة ماديا و عسكريا بالاضافة لدفع المتطوعين للذهاب  الى معارك الشرف و الكرامة و هنا مازلت في العاشرة و اسمي ما زال يحمل اللقب الذي حمله ابي و جدي اي اللقب الكوردي و اتذكر الى الأن لقبنا كان في ذلك الايام مصطفى لاوي بيلكه ./لاوي /اي ابن **و بيلكه كان اللقب للعائلة و فضولنا الطفولي  بعض الأحيان كان يدفعنا الى مشاركة الاب و أصدقائه بالحديث و من خلال ذلك الفضول لقد علمنا بأننا كورد و لسنا عرب كما يعلموننا في المدارس و لبرأة طفولتنا نعاقب من قبل المدرسات بالعصا لأننا كنا نقول يا أنسة انا كوردي لماذا تقولون عنا عرب ..مع الايام لقد علمت من والدي رحمه الله بأن اسمي جاء او قد أسموني مصطفى بناءا على حب و تقدير للمرحوم الرمز للامة الكوردية مصطفى البرزاني…
و لقد عرفت بأن المعشر العربي الشوفيني و العنصري منهم لا يحبوننا لاننا كورد  في يوم وفاة عبدالناصر الزعيم القومي و العنصري العربي كنت في حينها في السادسة من عمري  اتذكر تماما كانت حشود  في الشوارع في مدينة حلب و على ما يبدو تلك الحشود تقصدت المرور بالقرب من منازل الكورد وهم حاملين التوابيت  و لكن كطفل لا أعلم ماذا في التوابيت و اذ بهم البعض منهم  يرمون الحجارة اتجاه أبواب الكورد و منه من يشتم الكورد ويسب عليهم …هاها لقد فهمت ماذا يعني كوردي …
لنرجع الى قصة التعريب و كيف أصبح اسمي عربي قح.. في منتصف السبعينات صدر قرار  بتجديد الهويات الشخصية و على كل فرد ان يذهب الى دائرة نفوسه لتجديد بطاقته و الذين لم يحصلو بعد على بطاقة عليه ان يعمل و يطلب بطاقة له  .فذهب ابي و معه صور الشخصية لكل فرد مننا الى الناحية و تقديم الطلب  و في حال عدم التقديم يعرض للجزاء القانوني طبعا ذهب هو و أعمامي رحم الله أحدهم و امد بعمر الثاني و اذ بهم بعد يومان راجعين و لكن بخيبة و الم و حزن  فأعطوني كل منا بطاقته و عندما رأى ابن عمي الاسم الذي يكبرنا  و يفهم اكثر من البقية لكونه في الخامسة عشر من عمره  فقال ما هذا يا أبي  يتحدث الى ابيه رحمه الله فرد عليه بطاقتك قال اعلم ذلك و لكن هذا ليس اسمي  نحن لا نحمل اسم عائلة لقبها /شرمي/ و رماها و خرج من المنزل في الليل الجميع مجتمعين و بعض الجيران و الاقرباء  و كلهم يستنكرون ما حصل لهم  هنا انا في الثانية عشر من عمري اكتشف بأن الكثير من الكورد الذين يحملون ألقاب كوردية قد تم حذف ألقابهم  و اعطائهم الألقاب عربية التعبير و المعنى و كنت اسمع الرافض بينهم و أخر يقول ان رفضنا سيسجوننا و أخر سوف يغرموننا.. ..

البعض  اتفقو ان يراجعوا المديرية صباحا  و من بينهم عمي الأصغر ادامه الله في اليوم التالي المديرية خيرت عمي بين اللقب /شرمي / او الشامي و ان كان لابد ان نحرم من الحصول على البطاقات و التسجيل في دائرة النفوس و الحرمان من كل شيء وان نخسر حقوق الملكية و الدراسة و الى أخره و ان نبقى مثل المشردين في بلادنا و على أرض أجدادنا  و نحرم من ميراثنا  كما هو الحال بالنسبة للكثير من كوردنا في الجزيرة الكوردية في محافظة الحسكة .فهنا قد اختار عمي اللقب الأخر ألا وهو الشامي و من هنا قد تغير اسمنا الى ما نحن و انا عليه مصطفى الشامي ..لا أجد اي خجل من الاسم نهائيا بل العكس فالشام لها اسمها و جمالها و أهلها الطيبين البسطاء و لكن عندما أذكر اسمي لأحد ما فمباشرة يظنني عربيا و انا لست بل انا كوردي و ابقى كورديا و اربي و اعلم أطفالي ذلك …أعتقد ذلك القرار بتغيير و تعريب ألقابنا أتى لكي ننسى ماضينا و ننسى أصلنا  من خلال ألقابنا و ان نظن او نشك باصولنا من خلال التغيير للألقاب مع مرور الزمن و هذه قصة تعريب 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عبد الستار نورعلي

أصدر الأديب والباحث د. مؤيد عبد الستار المقيم في السويد قصة (تسفير) تحت مسمى ((قصة))، وقد نشرت أول مرة ضمن مجموعة قصصية تحمل هذا العنوان عن دار فيشون ميديا/السويد/ضمن منشورات المركز الثقافي العراقي في السويد التابع لوزارة الثقافة العراقية عام 2014 بـحوالي 50 صفحة، وأعاد طبعها منفردة في كتاب خاص من منشورات دار…

فدوى كيلاني

ليس صحيحًا أن مدينتنا هي الأجمل على وجه الأرض، ولا أن شوارعها هي الأوسع وأهلها هم الألطف والأنبل. الحقيقة أن كل منا يشعر بوطنه وكأنه الأعظم والأجمل لأنه يحمل بداخله ذكريات لا يمكن محوها. كل واحد منا يرى وطنه من خلال عدسة مشاعره، كما يرى ابن السهول الخضراء قريته كأنها قطعة من الجنة، وكما…

إبراهيم سمو

فتحت عيوني على وجه شفوق، على عواطف دافئة مدرارة، ومدارك مستوعبة رحيبة مدارية.

كل شيء في هذي ال “جميلة”؛ طيبةُ قلبها، بهاء حديثها، حبها لمن حولها، ترفعها عن الدخول في مهاترات باهتة، وسائر قيامها وقعودها في العمل والقول والسلوك، كان جميلا لا يقود سوى الى مآثر إنسانية حميدة.

جميلتنا جميلة؛ اعني جموكي، غابت قبيل أسابيع بهدوء،…

عن دار النخبة العربية للطباعة والتوزيع والنشر في القاهرة بمصر صدرت حديثا “وردة لخصلة الحُب” المجموعة الشعرية الحادية عشرة للشاعر السوري كمال جمال بك، متوجة بلوحة غلاف من الفنان خليل عبد القادر المقيم في ألمانيا.

وعلى 111 توزعت 46 قصيدة متنوعة التشكيلات الفنية والجمالية، ومتعددة المعاني والدلالات، بخيط الحب الذي انسحب من عنوان المجموعة مرورا بعتبة…