شيراز خليل
في إحدى ضواحيها يا أمي كنت أنتظره ليلاً في كل يوم، نمشي في نفس الأزقة ونتعرف على ملامحها من جديد في كل مرة، يردد اسمي في كل مرة بطريقة وبأحرفٍ جديدة، نتعارك ونختلف ونتصالح من جديد وكأنه شيئاً لم يكن..
في إحدى ضواحيها يا أمي كنت أنتظره ليلاً في كل يوم، نمشي في نفس الأزقة ونتعرف على ملامحها من جديد في كل مرة، يردد اسمي في كل مرة بطريقة وبأحرفٍ جديدة، نتعارك ونختلف ونتصالح من جديد وكأنه شيئاً لم يكن..
ما زلتُ أبحث عن تلك الحارات بملامح جديدة يا أمي، أتخيلُ نفسي أضمُّها بأَعيني، أتفقدُ أشرطة الكهرباء المتدلية على جوانب الشرفات ومنها المكبلة على أعمدة تكادُ تقع من ثقلها وشدِّ الحبال السوداء عليها من كل الجهات، أتعمد المشيَ على جوانب الشارع الخاصة بمرور السيارات لأن الواقفة منها تحتل الأرصفة الخاصة بالمشاة، يقع ناظري على بسمة طفلٍ في عربةٍ تدفعها أمه، أقتربُ منه لأبادله الابتسامة وأخرى لأمه..
يمرُّ الوقت كما لو أنه لم يكن موجوداً، سرعان ما يتبدد كل شيءٍ يا أمي، سرعان ما يوقظني الكوكب الأبيض في السماء وقد تغير وجههُ عليَّ يوم وصلتُ إلى هذه البلاد، وجهٌ ليس كما كان يبتسم لنا مُذ كنا صغاراً يا أمي، كلما أشاهد مدى انقلابه أَزدادُ وعياً لِطول بُعدي عن أرضي وأعتذرُ لقلبي حينها، والذي حملتُه رغماً عنه إلى مكانٌ ليس بمكانِه، ظناً مني بأني أحميهِ من الموت ولكن لم أُدرك بأنه سيموت شوقاً وحنيناً في الغربة.
هنا الوقت له مكانته ويحتل كل الأحلام..