إبراهيم محمود
أردت من هذا العنوان الاقتراب من كتاب (البهجة السرّية: أنطولوجيا الشعر الكردي في غرب كردستان، دار نشر سردم- السليمانية، إقليم كردستان العراق،2013)، وهو ترجمة وإعداد وتقديم الشاعر والكاتب الكردي السوري لقمان محمود، تولد مدينة” عامودا،1966″، ويقع الكتاب هذا في أربعمائة صفحة ونيّف ومن الحجم الوسط، وفي حلَّة جميلة.
الكتاب بلغته العربية، جديد في بابه من جهة الإعداد والتصنيف وهو يجمع بين شعراء كرد ينتمون إلى الجهة الجغرافية: غرب كردستان بالنسبة لسوريا، كما بات شائعاً ودارجاً وفي الآونة الأخيرة خصوصاً، ممن يكتبون بلغتهم الأم، وبالعربية وهم كرد، ويتوزعون في جهات جغرافية وفي بلدان مختلفة، ومنهم الكاتب نفسه، حيث يقيم في مدينة: السليمانية سالفة الذكر.
أقول: جديد في بابه من جهة الجمع بين شعراء كرد واعتبارهم كرداً رغم التنوع في الكتابة: بالكردية والعربية، وهناك تجربة سابقة تتمثل في( أنطولوجيا الشعر الكردي في سوريا) بالكردية، لمحمد شيخو، سنة 2003، رغم الاختلاف في التقديم وطريقة الاختيار، ولكنها تجربة تُذكر هنا طبعاً، وفي ضوء الوضع الراهن لا بد أن هناك محاولات أخرى في هذا السياق.
هذا الكتاب جاء من لدن ناطق باللسانين وكاتب بهما: العربية والكردية، وأظن أنه لم يأت اعتباطاً وتحديداً راهناً من خلال تسليط الأضواء على الكرد وتوزعهم الجغرافي ونوع حضورهم السياسي وموقعهم في الخارطة السياسية الدولية، ولا أخالني بعيداً عن الصواب حين أرى في محاولة الكاتب سعياً إلى تقديم شهادة لها منحيان: منحى اعتباري، وهو أن وراء هذا الكم الكبير من الشعراء في هذه الجهة أكثر من مائة شاعر وشاعرة، وبالاختيار،كما سمّى هو نفسه”ص 8″، وهذا يشير إلى آخرين” أعلمني شخصياً حين التقيته بتاريخ10إيلول2013، حيث حضرت أربعينية الشاعر الكردي الكبير شيركو بيكه س، أن الذي تجمَّع لديه كان قرابة ثلاثمائة شاعر وشاعرة”، وهذا يدل على الكثرة الديموغرافية والمجابهة الأدبية بوصفها لوناً من ألوان البقاء، والمحروم من اللغة الرسمية ملاذه الأول تكون لغته الشفاهة بداية، وهذا يستدعي اهتماماً بهذا الشعب حيث ينتمي إليه هذا الكم اللافت من الشعراء، وثمة منحىً ذاتي لا ينفصل عن الأول، وهو الوعي الذاتي للشاعر والكاتب نفسه، وما يعتبره واجباً عليه حين يقوم بهذا العمل، كما لو أنه يؤدي مهمة لها صلة بالمستجدات، وطرح الكتاب خارجاً وبالعربية له مغزاه من جانب ملحوظ، وهو مدى التداخل والتعايش بين الشعبين: العربي والكردي، ولزوم التفاهم بينهما.
ولعل هذا المنطلق يضفي على كتابه قيمة ريادية واعتبارية وبحثية في صنافتها وتذوقية من جهة الاختيار قبل كل شيء.
تحديداً حين يتم التوقف عند فكرة” أنطولوجيا” ذات الصلة بما هو موجود،وهي الخطوة الأولى، لتكون التالية ضمناً، أو لا تستقل عن السابقة، إذ إن الأنطولوجي بمعناه الفلسفي يستحيل تداوله وتصريفه مفهومياً بعيداً عن الأونطولوجي، أي الأخلاقي تحديداً، أو حين يكون التداخل بينهما، وأحسب أن الشاعر والكاتب لقمان محمود تحرّى أمر اختياراته على قاعدة غير ثابتة: تذوقية وقابلة للمساءلة، سوى أن المختار يعود إليه في سياق جملة تصورات، وإن لم يفصح عنها فعلاً.
في مقدمته أفصح عن رؤيته لخارطة الشعر الكردي، وهي ممزقة، كما تبين ذلك في أصل العنوان الفرعي، إلى درجة أن العنوان الرئيس” البهجة السرّية” تخضع لمكاشفة دلالية جهوية من نوع: من المبتهج السرّي هنا؟ أهو الشاعر فيما اختاره، حيث البهجة كسلوك نفسي مقروءة في الملامح كصنو ما للفرح، أم الذي اختار له نصاً أو أكثر؟ في الحالة هذه تكون البهجة محدَّدة بصفتها وموصوفها، أم إن البهجة السرّية تحال على النوع المعتمَد: الشعر نفسه؟ هنا يكون الاختلاف المفهومي من ناحية المرسل والمتلقي جهةَ نوع الشعر ومضمونه بالمقابل، ولأن ثمة أناساً معينين يقيمون علاقات مختلفة مع العنوان من خلال الكاتب وما انتقاه شعرياً، إذاً لدينا انقسام في أصل العنوان الرئيس بالذات، وهذا يلقي بظلاله المتحركة على الموضَّح حيث جاء التعريف ” الشعر الكردي، بجهته”. ربما لا يبقى لدينا سوى ما هو معتبَر من قبل الكاتب في علاقته المقدَّرة مع موضوعه، وما يستشعره بهجة سرّية، أي محوَّلة إلى الداخل، وما في ذلك من صعوبة في التمثل.
يكون الكتاب وبدءاً من عنوانه شغالاً بالدلالات، وفي هذه تكمن بهجة لمن يسعى إلى المختلف كما أعتقد ! ولهذا سيكون تناولي للتقديم، أما المنتقيات فتتطلب فسحة أكبر قراءة ونقداً !
صوب الداخل
كما قلت، قد لا يكون في المستطاع، وربما هي الاستحالة هنا، التعرف إلى كل ما ورد في الكتاب، حتى بالنسبة لمقدمته، وأظنها لافتة من جهة متضمناتها البحثية والتاريخية، وتمكّن القارئ المعني، بأخذ فكرة عن آلية ” بناء” الكتاب لديه.
في عنوان التقديم( مراحل الشعر الكردي في غرب كردستان ومدارسها الفنية)، وهي في خمس وعشرين صفحة، ثمة البعد التاريخي صحبة تحرّي أثريات الشعراء وصلتهم بواقعهم ومجتمعهم وذواتهم.
الخطاطة البارزة في التقديم ترينا أن هناك ثلاث مدارس فنية تتقاسم الجهة المختارة لبحثه: جكرخوين”1903-1984، وهو الأكثر حضوراً في وجدانات الشعب الكردي حتى خارج الجهة الجغرافية، كشاعر كردي كلاسيكي مع مسحة تجديد لديه، وكثيرون تأثروا به: كلش، كوني ره ش، دلدار ميدي..الخ، إلى حد التماهي أحياناً كحال الأخير، وهو من جيل الثمانينيات وليس التسعينيات، كما ذهب الكاتب”ص17″، ولعل تكرار عبارة” الأمة الكردية” وما فيها من حمولة إيديولوجية لافتة، إزاء التركيز على جكرخوين خصوصاً أكثر من مرة” ص8-9″، لا تفارق الراهن المعاش، كما تترجم تاريخاً من خلال التوق إلى الاستقلالية، والآخر هو سليم بركات الأكثر نفاذاً في الشعراء الكرد المنتمين إلى جهته: غرب كردستان، عبر لغته الكتابية: العربية، وله تأثير حتى في شعراء عرب بأسلوبه اللافت بشهادة شعراء كبار” كمحمود درويش، ص21″، وهناك شيركو بيكه س” 1940-2013″، وله تأثير كبير في الشعراء الكرد السوريين، منذ ثمانينيات القرن الماضي”ص26-28″، وصار له حضور عالمي بتنوع اهتماماته في الكتابة الشعرية الطابع، وقدرته على التقاط الصورة الشعرية وانتقالها خارجاً، وفي ضوء هذه الاعتبارات الثلاثة تبرز القصيدة الكردية مؤثرة وفاعلة وتجد صدىً لها في أسماء تنتمي إلى الشعر الأكثر حداثة، واصطفاء نخبة منها يصبُّ في خانة بقاء الشعر متجدداً.
وبغضّ النظر عن المتصرّف به سياسياً على صعيد المصطلح في سياق مستجدات ما نحن فيه وعليه، فإن ثمة أكثر من مستدعىً لمقاربة نقاط أظنها تتطلب مكاشفة لبنيتها الثقافية وحتى الأدبية ضمناً:
لا يختلف أحد مع الكاتب في ذهابه إلى أن الشعر سيبقى، مع التحفظ، لأن ثمة من لا يجد له من دور كما يعرّف به وخاصة في الوقت الراهن أو المعاش، وقوله يستجيب له بصفته شاعراً قبل كل شيء، ولكنه حين يقول وبتعميم( فالشعر- وبجميع المعاني- سيبقى المتحدث غير ” الحكومي” عن الحب، الحلم، الوطن، الذكريات، الأمل، الانتظار، الشوق، وعن أشياء أخرى يوحّد رغبته في الحرية. ص 7)، فإنه يتنكر لأدوار الشعر، أو على الأقل، يغفل عن تنوع أدواره، حتى بالنسبة لشعرائنا وصلتهم مع ما هو إيديولوجي أو حزبي” وأولهم جكرخوين في الكثير مما عرِف به”، لا بل إن المعضل الكبير هو في كيفية تطهير الشعر مما هو ” حكومي” حتى بالنسبة لشاعر ” حكومي” الأداء وإن لم ينخرط في مؤسسة ما.
ثمة نقطة رئيسة، أرى من اللزوم التوقف عندها، في التصنيف والتعريف بالنسبة لمن تم ذكرهم:
في حال جكرخوين كان له ارتباطه بزمانه، وذيوع صيته ارتبط بمواقفه، دون نسيان قدرته على جعل الكلمة العادية منظومة أو مصاغة شعرياً وكان لها أثرها في الإقبال على تعلم الكردية، وهي في شفاهتها، حيث كان الحظر الرسمي على تعلمها، وقد بقي جكرخوين مقيماً في ” الداخل الشعبي” حتى بعد هجرته إلى السويد في سنواته الأخيرة، ويبقى شاهد عيان على مرحلة، ومفهوماً بالنسبة لشعبه متكلم لغته” الخاصة: كرمانجيته”، أما السعي إلى ترجمة شعره ففي ذلك مغامرة، وثمة أكثر من موقف منه من قبل نسبة كبيرة من شعراء الكردية اليوم، باعتباره مثّل مرحلة وكفى، وليس السعي إلى استعادته في مناسبات سنوية وغيرها، إلا تعبيراً عن لقاء مع ماض معين، ومع أمة مشرذمة حتى الآن.
بالنسبة لسليم بركات، يبقى الكردي الخارجي، أعني أنه لم يحتك إلا بالقلة القليلة جداً من” كرده”، ولغته الجميلة تعني القراء العرب أكثر، وأظن أن الذين تأثروا به، على السطح، أي دون استثمار، كان من خلال الاهتمام به عربياً، وربما مثّل الوجه الآخر والنقيض تماماً لما هو جكرخويني فيما يثيره من داخل لغة يجري تلقّيها كثيراً بمريدية ” بآبائية” عقيمة.
أما الراحل بيكه س، فهو مختلف تماماً، وأعتقد أنه يتجه إلى المستقبل، حيث الاعتماد على لغته الكردية، ببساطتها وعمقها معاً، لكن ليس كل ما كتبه بيكه س انتشر بين كرده” حيث السورانية كلهجة لها منطقة تداول وتصريف خاصة”، وأظن أن الذي عرّف الكرد في غرب كردستان بالشاعر هو ما ترجِم له إلى العربية، أي عبر” مرايا صغيرة” في أواخر ثمانينيات القرن الماضي، كما يقول الشاعر نفسه”ص26″، وبالتالي فإن ثمة مبالغة في أن بيكه س حاضر الفعل الشعري في الكثير من الشعراء الكرد في محيطه، بسبب ” لغته”، إنما ترجمات أخرى كان لها وقعها الأدبي والثقافي” جاك بريفير” بصورة خاصة، وثمة قبله لوركا، ناظم حكمت، إيلوار، نيرودا، البيرتي، ريتسوس..الخ، عبر نصوص مترجمة من خلال الصحافة المحلية” أسبوع الثورة الثقافي في سبعينيات القرن الماضي، مثلاً”، والكتب المترجمة، فيبقى انتقال بيكه س محدوداً في النطاق الزمني ذاك، خصوصاً مع مراعاة الوضع السياسي، وأعتقد أن غبناً كبيراً يُلحَظ هنا بحق الشاعر حامد بدرخان”1924-1996″، وهو فاعل التأثير أكثر هنا في تلك المرحلة.
هنا يمكن التكثيف في القول:
يظل جكرخوين ممتداً في المستقبل جرّاء المتصرَّف به سياسياً وتأثيره في الموقف من شعره، والذين حاولوا تقليده لم يستطيعوا تجاوزه لسهولة الربط بينهما، ويُذكر هنا أن شاعراً مثل” رشيد كرد” لم يتأثر به، بل كان أقرب إلى الحداثي، وبالتالي فهو خارج هذا التصنيف.
بالنسبة لبركات، يبقى الذين حاولوا تقليده وصعب عليهم تمثله وامتصاصه إبداعياً لخصوصية لغته عبئاً على ” دارته”، وما أثاره في سيرتيه كان الأكثر بروزاً لدى كتاب” منطقته”.
بالنسبة لبيكه س الذي لا يُتجاهَل موقعه وهو يذكّرنا بالشعراء الكبار: نيرودا وحكمت ولوركا وإيلوار، والسعي إلى التمايز، وتأثيره لاحق، وهنا يبقى مثلاً، حامد بدرخان مختلفاً كلياً عنه.
وفي الحالات الثلاث يبقى الجانب اللغوي مأخوذاً بعين الاعتبار في الانتشار كوردستانياً، وتحديداً لحظة التفكير في التقاسم” اللهجاتي” الكردي للجهات وحتى الجهات ضمناً.
باختصار، يمكن القول أنه رغم ما طرِح في التقديم يلفت إلى النظر، إلا أنه يثير الكثير من المشاكل المتعلقة بالتنظير والتحقيب والمقارنة وحالات التداخل الشعرية كردياً.
في طريقة الاختيار:
تُرى وفق أي آلية تم وضع هذه الأنطولوجيا؟ وكيف قدَّم لكتابه على صعيد قراءة الخارطة الشعرية المعتمدة؟أعتقد أن ثمة خللاً في الترتيب قبل كل شيء. الشاعر ابتعد عن العمر، لأن ثمة صنافة ألفبائية، وهذه تلفت النظر لأنها افتقدت الدقة هنا وهناك كما ينبغي، ويأتي العمر في هذه الصنافة أحياناً. مثلاً يأتي اسم” أحمد نامي” بداية” 1906″، ومن بعده” أحمد حسيني:1955″، ومن بعد بأكثر من اسم” أحمد الخليل:1945″، و” أديب حسن محمد” قبل ” آخين ولات”، وهي قبله في الترتيب العمري، أي يأتي ” إبراهيم حسو” أولاً في الترتيب الألفبائي، وهذا ينطبق على” جان دوست” و”جان بابير”في الترتيب الألفبائي، و” جوان قادو” قبل” جوان عبدال” في الحالتين،” ولقمان محمود” قبل” لقمان ديركي” كتصنيف أبجدي…الخ.
وفي التعريف الممدوح، عندما يتعلق بشعراء كرد متوفين، لكن ثمة ملاحظة في سياق متقابل، مثلاً، لماذا تخصيص صفحتين عن ” سليم بركات، عبر عبارة” أهم أعماله الروائية”، مثلاً”ص211″، إذ هناك الإكثار منها، وفي هذا المجال، فإن ثمة ملاحظة تسجَّل على الكاتب إذ يخصص صفحتين عن ” دلشا يوسف” زوجته، وهو لم يلتزم بالخط المتبع”ص170-171″.. الخ، إنها ليست هنَات فقط، إنما تدفع بقارئه إلى التحفظ على منهج الكتابة بالذات ونوعها.
بصدد المختارين، يمكن القول أن الكاتب والشاعر حرٌّ فيما اختاره، لكن مع الأنطولوجيا يظل سؤال الطريقة مطروحاً، عندما يكون مثلاً هؤلاء الشعراء الكرد مستبعدين، وهم: يوسف برازي خليل ساسوني، محمد علي حسو،هوشنك بروكا، سليمان آذر” وهذا لا يهمَل إطلاقاً”،محمد نور حسيني، محمد شيخو، بيوار إبراهيم، محمد بيجو، عماد الحسن، محمود باديلي، جوان نبي …الخ، أي إن من الصعوبة، لا بل من الاستحالة بمكان توضيح الطريقة المعتمدة للآخر.
كما قلت، هو حر في الطريقة، ولكن الطريقة لا تنغلق على ذاتها، لحظة المقارنة بين نصوص مختارة وأخرى” خارجة”.
وما لا يمكن تجاهله، هو أن ثمة نصوصاً شعرية كاملة لكل من : أحمد نامي” كل ما ورد باسمه”، وتيريز” قصيدتا: أيا فتاة الكرد، وأيها الشهيد”،وفرهاد عجمو..الخ، ترجمتُها أنا من خلال متابعة نقدية لهم وهي منشورة في مواقع انترنتية” موقع ولاتي مه، بالذات”، وكان من الواجب على لقمان أن يشير إلى ذلك، ولا أثر لهذه الإشارة إطلاقاً.
كلمة مفتوحة:
أشير هنا إلى أخطاء لغوية وربما أكثر منها آمل تجاوزها لاحقاً، كما في( إنه الأشد استيعاباً لكل الاحتمالات التي يقاس به الشاعر قوة الأمل والإنعطاف بها بإتجاهاتها المختلفة..ص7)،والصواب( يقيس بها) و( دون: بها)…وهناك( سعييها: سعيها)، و( لقد كانت وما زالت للقصيدة ” الجكرخوينية ” تأثيرها..)، والصواب( كان وما زال..)،و( باعتباره نص فريد واستثنائي)، والصواب( باعتباره نصاً فريداً واستثنائياً)،( في فلكه): ( في فلك)،( لم يستطيع): ( لم يستطع)،( وعييه): ( وعيه)…الخ.
أما بصدد مفهوم( الشعرية الكردية، ص 9)، فأظنها غير دقيقة في موضعها، حيث الحديث يخص الشعر، والشعرية لها صلة بالأدب عموماً..
ما يمكن قوله في النهاية المفتوحة، هو أن من حسنات لقمان محمود الكبرى، أنه تمكن من تقديم مائدة ثرية بأطايب” الطعام الشعري” لقرائه العرب”، وفي هذا الوقت، وأظنهم، إثر انتشاره أكثر فأكثر، سوف يطرحون على أنفسهم المزيد من الأسئلة بصدد” مواطنيهم” من الشعراء الكرد، وأن ما وضِع من ملاحظات يمكنه تفاديها لاحقاً !
هذا الكتاب جاء من لدن ناطق باللسانين وكاتب بهما: العربية والكردية، وأظن أنه لم يأت اعتباطاً وتحديداً راهناً من خلال تسليط الأضواء على الكرد وتوزعهم الجغرافي ونوع حضورهم السياسي وموقعهم في الخارطة السياسية الدولية، ولا أخالني بعيداً عن الصواب حين أرى في محاولة الكاتب سعياً إلى تقديم شهادة لها منحيان: منحى اعتباري، وهو أن وراء هذا الكم الكبير من الشعراء في هذه الجهة أكثر من مائة شاعر وشاعرة، وبالاختيار،كما سمّى هو نفسه”ص 8″، وهذا يشير إلى آخرين” أعلمني شخصياً حين التقيته بتاريخ10إيلول2013، حيث حضرت أربعينية الشاعر الكردي الكبير شيركو بيكه س، أن الذي تجمَّع لديه كان قرابة ثلاثمائة شاعر وشاعرة”، وهذا يدل على الكثرة الديموغرافية والمجابهة الأدبية بوصفها لوناً من ألوان البقاء، والمحروم من اللغة الرسمية ملاذه الأول تكون لغته الشفاهة بداية، وهذا يستدعي اهتماماً بهذا الشعب حيث ينتمي إليه هذا الكم اللافت من الشعراء، وثمة منحىً ذاتي لا ينفصل عن الأول، وهو الوعي الذاتي للشاعر والكاتب نفسه، وما يعتبره واجباً عليه حين يقوم بهذا العمل، كما لو أنه يؤدي مهمة لها صلة بالمستجدات، وطرح الكتاب خارجاً وبالعربية له مغزاه من جانب ملحوظ، وهو مدى التداخل والتعايش بين الشعبين: العربي والكردي، ولزوم التفاهم بينهما.
ولعل هذا المنطلق يضفي على كتابه قيمة ريادية واعتبارية وبحثية في صنافتها وتذوقية من جهة الاختيار قبل كل شيء.
تحديداً حين يتم التوقف عند فكرة” أنطولوجيا” ذات الصلة بما هو موجود،وهي الخطوة الأولى، لتكون التالية ضمناً، أو لا تستقل عن السابقة، إذ إن الأنطولوجي بمعناه الفلسفي يستحيل تداوله وتصريفه مفهومياً بعيداً عن الأونطولوجي، أي الأخلاقي تحديداً، أو حين يكون التداخل بينهما، وأحسب أن الشاعر والكاتب لقمان محمود تحرّى أمر اختياراته على قاعدة غير ثابتة: تذوقية وقابلة للمساءلة، سوى أن المختار يعود إليه في سياق جملة تصورات، وإن لم يفصح عنها فعلاً.
في مقدمته أفصح عن رؤيته لخارطة الشعر الكردي، وهي ممزقة، كما تبين ذلك في أصل العنوان الفرعي، إلى درجة أن العنوان الرئيس” البهجة السرّية” تخضع لمكاشفة دلالية جهوية من نوع: من المبتهج السرّي هنا؟ أهو الشاعر فيما اختاره، حيث البهجة كسلوك نفسي مقروءة في الملامح كصنو ما للفرح، أم الذي اختار له نصاً أو أكثر؟ في الحالة هذه تكون البهجة محدَّدة بصفتها وموصوفها، أم إن البهجة السرّية تحال على النوع المعتمَد: الشعر نفسه؟ هنا يكون الاختلاف المفهومي من ناحية المرسل والمتلقي جهةَ نوع الشعر ومضمونه بالمقابل، ولأن ثمة أناساً معينين يقيمون علاقات مختلفة مع العنوان من خلال الكاتب وما انتقاه شعرياً، إذاً لدينا انقسام في أصل العنوان الرئيس بالذات، وهذا يلقي بظلاله المتحركة على الموضَّح حيث جاء التعريف ” الشعر الكردي، بجهته”. ربما لا يبقى لدينا سوى ما هو معتبَر من قبل الكاتب في علاقته المقدَّرة مع موضوعه، وما يستشعره بهجة سرّية، أي محوَّلة إلى الداخل، وما في ذلك من صعوبة في التمثل.
يكون الكتاب وبدءاً من عنوانه شغالاً بالدلالات، وفي هذه تكمن بهجة لمن يسعى إلى المختلف كما أعتقد ! ولهذا سيكون تناولي للتقديم، أما المنتقيات فتتطلب فسحة أكبر قراءة ونقداً !
صوب الداخل
كما قلت، قد لا يكون في المستطاع، وربما هي الاستحالة هنا، التعرف إلى كل ما ورد في الكتاب، حتى بالنسبة لمقدمته، وأظنها لافتة من جهة متضمناتها البحثية والتاريخية، وتمكّن القارئ المعني، بأخذ فكرة عن آلية ” بناء” الكتاب لديه.
في عنوان التقديم( مراحل الشعر الكردي في غرب كردستان ومدارسها الفنية)، وهي في خمس وعشرين صفحة، ثمة البعد التاريخي صحبة تحرّي أثريات الشعراء وصلتهم بواقعهم ومجتمعهم وذواتهم.
الخطاطة البارزة في التقديم ترينا أن هناك ثلاث مدارس فنية تتقاسم الجهة المختارة لبحثه: جكرخوين”1903-1984، وهو الأكثر حضوراً في وجدانات الشعب الكردي حتى خارج الجهة الجغرافية، كشاعر كردي كلاسيكي مع مسحة تجديد لديه، وكثيرون تأثروا به: كلش، كوني ره ش، دلدار ميدي..الخ، إلى حد التماهي أحياناً كحال الأخير، وهو من جيل الثمانينيات وليس التسعينيات، كما ذهب الكاتب”ص17″، ولعل تكرار عبارة” الأمة الكردية” وما فيها من حمولة إيديولوجية لافتة، إزاء التركيز على جكرخوين خصوصاً أكثر من مرة” ص8-9″، لا تفارق الراهن المعاش، كما تترجم تاريخاً من خلال التوق إلى الاستقلالية، والآخر هو سليم بركات الأكثر نفاذاً في الشعراء الكرد المنتمين إلى جهته: غرب كردستان، عبر لغته الكتابية: العربية، وله تأثير حتى في شعراء عرب بأسلوبه اللافت بشهادة شعراء كبار” كمحمود درويش، ص21″، وهناك شيركو بيكه س” 1940-2013″، وله تأثير كبير في الشعراء الكرد السوريين، منذ ثمانينيات القرن الماضي”ص26-28″، وصار له حضور عالمي بتنوع اهتماماته في الكتابة الشعرية الطابع، وقدرته على التقاط الصورة الشعرية وانتقالها خارجاً، وفي ضوء هذه الاعتبارات الثلاثة تبرز القصيدة الكردية مؤثرة وفاعلة وتجد صدىً لها في أسماء تنتمي إلى الشعر الأكثر حداثة، واصطفاء نخبة منها يصبُّ في خانة بقاء الشعر متجدداً.
وبغضّ النظر عن المتصرّف به سياسياً على صعيد المصطلح في سياق مستجدات ما نحن فيه وعليه، فإن ثمة أكثر من مستدعىً لمقاربة نقاط أظنها تتطلب مكاشفة لبنيتها الثقافية وحتى الأدبية ضمناً:
لا يختلف أحد مع الكاتب في ذهابه إلى أن الشعر سيبقى، مع التحفظ، لأن ثمة من لا يجد له من دور كما يعرّف به وخاصة في الوقت الراهن أو المعاش، وقوله يستجيب له بصفته شاعراً قبل كل شيء، ولكنه حين يقول وبتعميم( فالشعر- وبجميع المعاني- سيبقى المتحدث غير ” الحكومي” عن الحب، الحلم، الوطن، الذكريات، الأمل، الانتظار، الشوق، وعن أشياء أخرى يوحّد رغبته في الحرية. ص 7)، فإنه يتنكر لأدوار الشعر، أو على الأقل، يغفل عن تنوع أدواره، حتى بالنسبة لشعرائنا وصلتهم مع ما هو إيديولوجي أو حزبي” وأولهم جكرخوين في الكثير مما عرِف به”، لا بل إن المعضل الكبير هو في كيفية تطهير الشعر مما هو ” حكومي” حتى بالنسبة لشاعر ” حكومي” الأداء وإن لم ينخرط في مؤسسة ما.
ثمة نقطة رئيسة، أرى من اللزوم التوقف عندها، في التصنيف والتعريف بالنسبة لمن تم ذكرهم:
في حال جكرخوين كان له ارتباطه بزمانه، وذيوع صيته ارتبط بمواقفه، دون نسيان قدرته على جعل الكلمة العادية منظومة أو مصاغة شعرياً وكان لها أثرها في الإقبال على تعلم الكردية، وهي في شفاهتها، حيث كان الحظر الرسمي على تعلمها، وقد بقي جكرخوين مقيماً في ” الداخل الشعبي” حتى بعد هجرته إلى السويد في سنواته الأخيرة، ويبقى شاهد عيان على مرحلة، ومفهوماً بالنسبة لشعبه متكلم لغته” الخاصة: كرمانجيته”، أما السعي إلى ترجمة شعره ففي ذلك مغامرة، وثمة أكثر من موقف منه من قبل نسبة كبيرة من شعراء الكردية اليوم، باعتباره مثّل مرحلة وكفى، وليس السعي إلى استعادته في مناسبات سنوية وغيرها، إلا تعبيراً عن لقاء مع ماض معين، ومع أمة مشرذمة حتى الآن.
بالنسبة لسليم بركات، يبقى الكردي الخارجي، أعني أنه لم يحتك إلا بالقلة القليلة جداً من” كرده”، ولغته الجميلة تعني القراء العرب أكثر، وأظن أن الذين تأثروا به، على السطح، أي دون استثمار، كان من خلال الاهتمام به عربياً، وربما مثّل الوجه الآخر والنقيض تماماً لما هو جكرخويني فيما يثيره من داخل لغة يجري تلقّيها كثيراً بمريدية ” بآبائية” عقيمة.
أما الراحل بيكه س، فهو مختلف تماماً، وأعتقد أنه يتجه إلى المستقبل، حيث الاعتماد على لغته الكردية، ببساطتها وعمقها معاً، لكن ليس كل ما كتبه بيكه س انتشر بين كرده” حيث السورانية كلهجة لها منطقة تداول وتصريف خاصة”، وأظن أن الذي عرّف الكرد في غرب كردستان بالشاعر هو ما ترجِم له إلى العربية، أي عبر” مرايا صغيرة” في أواخر ثمانينيات القرن الماضي، كما يقول الشاعر نفسه”ص26″، وبالتالي فإن ثمة مبالغة في أن بيكه س حاضر الفعل الشعري في الكثير من الشعراء الكرد في محيطه، بسبب ” لغته”، إنما ترجمات أخرى كان لها وقعها الأدبي والثقافي” جاك بريفير” بصورة خاصة، وثمة قبله لوركا، ناظم حكمت، إيلوار، نيرودا، البيرتي، ريتسوس..الخ، عبر نصوص مترجمة من خلال الصحافة المحلية” أسبوع الثورة الثقافي في سبعينيات القرن الماضي، مثلاً”، والكتب المترجمة، فيبقى انتقال بيكه س محدوداً في النطاق الزمني ذاك، خصوصاً مع مراعاة الوضع السياسي، وأعتقد أن غبناً كبيراً يُلحَظ هنا بحق الشاعر حامد بدرخان”1924-1996″، وهو فاعل التأثير أكثر هنا في تلك المرحلة.
هنا يمكن التكثيف في القول:
يظل جكرخوين ممتداً في المستقبل جرّاء المتصرَّف به سياسياً وتأثيره في الموقف من شعره، والذين حاولوا تقليده لم يستطيعوا تجاوزه لسهولة الربط بينهما، ويُذكر هنا أن شاعراً مثل” رشيد كرد” لم يتأثر به، بل كان أقرب إلى الحداثي، وبالتالي فهو خارج هذا التصنيف.
بالنسبة لبركات، يبقى الذين حاولوا تقليده وصعب عليهم تمثله وامتصاصه إبداعياً لخصوصية لغته عبئاً على ” دارته”، وما أثاره في سيرتيه كان الأكثر بروزاً لدى كتاب” منطقته”.
بالنسبة لبيكه س الذي لا يُتجاهَل موقعه وهو يذكّرنا بالشعراء الكبار: نيرودا وحكمت ولوركا وإيلوار، والسعي إلى التمايز، وتأثيره لاحق، وهنا يبقى مثلاً، حامد بدرخان مختلفاً كلياً عنه.
وفي الحالات الثلاث يبقى الجانب اللغوي مأخوذاً بعين الاعتبار في الانتشار كوردستانياً، وتحديداً لحظة التفكير في التقاسم” اللهجاتي” الكردي للجهات وحتى الجهات ضمناً.
باختصار، يمكن القول أنه رغم ما طرِح في التقديم يلفت إلى النظر، إلا أنه يثير الكثير من المشاكل المتعلقة بالتنظير والتحقيب والمقارنة وحالات التداخل الشعرية كردياً.
في طريقة الاختيار:
تُرى وفق أي آلية تم وضع هذه الأنطولوجيا؟ وكيف قدَّم لكتابه على صعيد قراءة الخارطة الشعرية المعتمدة؟أعتقد أن ثمة خللاً في الترتيب قبل كل شيء. الشاعر ابتعد عن العمر، لأن ثمة صنافة ألفبائية، وهذه تلفت النظر لأنها افتقدت الدقة هنا وهناك كما ينبغي، ويأتي العمر في هذه الصنافة أحياناً. مثلاً يأتي اسم” أحمد نامي” بداية” 1906″، ومن بعده” أحمد حسيني:1955″، ومن بعد بأكثر من اسم” أحمد الخليل:1945″، و” أديب حسن محمد” قبل ” آخين ولات”، وهي قبله في الترتيب العمري، أي يأتي ” إبراهيم حسو” أولاً في الترتيب الألفبائي، وهذا ينطبق على” جان دوست” و”جان بابير”في الترتيب الألفبائي، و” جوان قادو” قبل” جوان عبدال” في الحالتين،” ولقمان محمود” قبل” لقمان ديركي” كتصنيف أبجدي…الخ.
وفي التعريف الممدوح، عندما يتعلق بشعراء كرد متوفين، لكن ثمة ملاحظة في سياق متقابل، مثلاً، لماذا تخصيص صفحتين عن ” سليم بركات، عبر عبارة” أهم أعماله الروائية”، مثلاً”ص211″، إذ هناك الإكثار منها، وفي هذا المجال، فإن ثمة ملاحظة تسجَّل على الكاتب إذ يخصص صفحتين عن ” دلشا يوسف” زوجته، وهو لم يلتزم بالخط المتبع”ص170-171″.. الخ، إنها ليست هنَات فقط، إنما تدفع بقارئه إلى التحفظ على منهج الكتابة بالذات ونوعها.
بصدد المختارين، يمكن القول أن الكاتب والشاعر حرٌّ فيما اختاره، لكن مع الأنطولوجيا يظل سؤال الطريقة مطروحاً، عندما يكون مثلاً هؤلاء الشعراء الكرد مستبعدين، وهم: يوسف برازي خليل ساسوني، محمد علي حسو،هوشنك بروكا، سليمان آذر” وهذا لا يهمَل إطلاقاً”،محمد نور حسيني، محمد شيخو، بيوار إبراهيم، محمد بيجو، عماد الحسن، محمود باديلي، جوان نبي …الخ، أي إن من الصعوبة، لا بل من الاستحالة بمكان توضيح الطريقة المعتمدة للآخر.
كما قلت، هو حر في الطريقة، ولكن الطريقة لا تنغلق على ذاتها، لحظة المقارنة بين نصوص مختارة وأخرى” خارجة”.
وما لا يمكن تجاهله، هو أن ثمة نصوصاً شعرية كاملة لكل من : أحمد نامي” كل ما ورد باسمه”، وتيريز” قصيدتا: أيا فتاة الكرد، وأيها الشهيد”،وفرهاد عجمو..الخ، ترجمتُها أنا من خلال متابعة نقدية لهم وهي منشورة في مواقع انترنتية” موقع ولاتي مه، بالذات”، وكان من الواجب على لقمان أن يشير إلى ذلك، ولا أثر لهذه الإشارة إطلاقاً.
كلمة مفتوحة:
أشير هنا إلى أخطاء لغوية وربما أكثر منها آمل تجاوزها لاحقاً، كما في( إنه الأشد استيعاباً لكل الاحتمالات التي يقاس به الشاعر قوة الأمل والإنعطاف بها بإتجاهاتها المختلفة..ص7)،والصواب( يقيس بها) و( دون: بها)…وهناك( سعييها: سعيها)، و( لقد كانت وما زالت للقصيدة ” الجكرخوينية ” تأثيرها..)، والصواب( كان وما زال..)،و( باعتباره نص فريد واستثنائي)، والصواب( باعتباره نصاً فريداً واستثنائياً)،( في فلكه): ( في فلك)،( لم يستطيع): ( لم يستطع)،( وعييه): ( وعيه)…الخ.
أما بصدد مفهوم( الشعرية الكردية، ص 9)، فأظنها غير دقيقة في موضعها، حيث الحديث يخص الشعر، والشعرية لها صلة بالأدب عموماً..
ما يمكن قوله في النهاية المفتوحة، هو أن من حسنات لقمان محمود الكبرى، أنه تمكن من تقديم مائدة ثرية بأطايب” الطعام الشعري” لقرائه العرب”، وفي هذا الوقت، وأظنهم، إثر انتشاره أكثر فأكثر، سوف يطرحون على أنفسهم المزيد من الأسئلة بصدد” مواطنيهم” من الشعراء الكرد، وأن ما وضِع من ملاحظات يمكنه تفاديها لاحقاً !
إبراهيم محمود- دهوك
تنويهأرسِل هذا المقال إلى صحيفة ” الخليج” الإماراتية، ونشر بشكل مختزل ومسيء إليه مضموناً، ودون ذكر اسمي، في باب ” كتّاب وكتب” في 20 أيلول 2013،وأرسلت احتجاجاً إلى إدارة الصحيفة حول هذا التصرف.وبعد مرور هذه المدة، ارتأيت نشره مع هذا التنويه، ربما لأن هناك أفكاراً متشابهة بين الوارد في مقالي ومقالات كتاب آخرين، وثمة من يمكنه العودة إلى الصحيفة المذكورة، والمقارنة، وكذلك لئلا يتردّد إثر نشر هذا المقال أن المنشور غفلاً من الاسم هناك ” ملطوش” هنا.دهوك- ابراهيم محمود