بأقل من الثانية

إبراهيم محمود
 
بأقل من الثانية
تفتح باباً/ توصد باباً
تزهق روحاً/ تنقذ روحاً
تضحِك طفلاً/ تبكي طفلاً
تطلق رصاصة/ تكتم صوتاً
تحرّر عصفوراً/ تخرّب عشاً
تشعل ناراً /  تطفئ ضوءاً

تهوى من شاهق عال / تتجنب رمية طائشة
بأقل من الثانية
تعبر إشارة المرور ناجياً من قتلتك/ مطارديك
تلفت نظر مترعة بالحياة/ تستأثر بخيالها
تتوارى عن نظر ما / ترجو أماناً
تفوز في سباق / تكسب صيتاً
يجلوك العار/ يلعنك التاريخ
تحتضن أنثى عامرة الجسد/ مع قبلة مارقة
تفارق ظلك /  تعاين ظل إله في خيالك
تتجنب مخلب مفترس/ تتابع حياة
تجد الجواب الصحيح/ تنجو من الرسوب
تفقد أقرب الناس إليك / تكون اليتيم أو الأرمل هنا
يتوقف قلب /  يندلع صراخ
يهلل أصدقاء / ينذهل أصدقاء
ترتعش أيد ٍ / تشهق عيون
تكتشف طريقاً إلى قصيدة أولتك ظهرها / يتضوع لقاء

بأقل من الثانية
تغمرك أطياف وجوه الأصدقاء
تغذّيك عواطف وجوه تترى
يخفق قلبك الذي اعتقدته ميتاً لمرأى وجه صاهل
لوقفة طفل على قدميه للمرة الأولى
لنفَس مروج خلل مصافحة يد جديدة
يشدك الحنين إلى مكان ما
ينبثق فيك حنين إلى اللامكان
تشهق روحك إزاء وجوه من ألفتهم حديثاً
يطير بك إلهام حديث العهد إزاء معانقات غير متوقعة
تهب أنسام عليلة عبر مسامات جلدك
إذ يتحقق الوعد برؤية من طال بهم الغياب

بأقل من الثانية
تستعيد حياة مغيبة عنك
تفتَح لك أبواب لم تطرقها
يصخب ينبوع على وقع قدمك العاشقة
ينبت قمر في برزخ واصل بين قبلة مزمنة
يشتعل ظلام للقيا منسي حبيب فجأة
ألفات تطيّب خاطرك وتقول لك: قر عيناً كرمى الآتي
 
بأقل من الثانية
ثمة مصادفة تدخلك تاريخاً
ثمة تاريخ يقصيك مصادفة
ثمة إقصاء لا يقبله تاريخ
ثمة من يحصي عليك نبض ظلك
على مقياس ما لا صلة ل كبه
ثمة خطوات تلخّص وجوهاً
ثمة وجوه نعال
ثمة بارومتر خاص الخاص لنفيك من ذاتك
وكلها في أقل من الثانية
إنما ثمة تاريخ ناضج يمرّر عليك عمراً لاحتضانك
إنما ثمة دوامات تغطي جغرافيات مائية وبرية تمضي عليك بظلك
إنما ثمة لغات تنتظرك في اللامرئي
إنما الأقل من الثانية هو ما يطيح بك دون علم منك
هو أن تشهق مساماتك على وقعها
هو أن تجرَّد كرديتك- مثلاً- منك لأمر طارىء
لأن لا رغبة متاحة لك في هذا الزمن الثانياتي
إنما همو الذين يتسللون إلى روحك
غبر عابئين بفخامة روحك التي تسامت عقوداً من الضوء
هم أيضاً كرد، إنما في نسخة متصرَّف بها
باقل من الثانية يلاحَق الأصل من فرعه
أو يساءل النبع من جدوله
أو يساوم الضوء من وميض مزيف أحياناً
أو يطوى الزمن بإمرة برهة لا تقاس
بأقل من الثانية يكون الكردي لاكردياً
يكون اللاكردي مرجع المأهول بشعبه مذ كان
بأقل من الثانية يكون عبث الكردي سيداً لمصائر تترى

بأقل من الثانية
تتوافد أسماء نجوم كرد وغير كرد
وتنتعش بين جنبيْ روحك
تتوارى اللغة ضمناً
وتكون
الأبدية
” دهوك- إقليم كُردستان العراق”-30-6/2013

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إلى أنيس حنا مديواية، ذي المئة سنة، صاحب أقدم مكتبة في الجزيرة
إبراهيم اليوسف

ننتمي إلى ذلك الجيل الذي كانت فيه الكتابة أمضى من السيف، لا، بل كانت السيف ذاته. لم تكن ترفًا، ولا وسيلة للتسلية، بل كانت فعلًا وجوديًا، حاسمًا، مزلزلًا. فما إن يُنشر كتاب، أو بحث، أو مقال مهم لأحد الأسماء، حتى نبادر إلى قراءته،…

أصدرت منشورات رامينا في لندن رواية “مزامير التجانيّ” للجزائريّ محمد فتيلينه الذي يقدّم عملاً سردياً معقّداً وشاسعاً يتوزّع على خمسة أجزاء، تحمل عناوين دالّة: “مرزوق بن حمو، العتمة والنور، الزبد والبحر، الليل والنهار، عودٌ على بدء. “.

في رحلة البحث عن الملاذ وعن طريق الحرية، تتقاطع مصائر العديد من الشخوص الروائية داخل عوالم رواية “مزامير التجاني”،…

الترجمة عن الكردية : إبراهيم محمود

تقديم : البارحة اتحاد الكتاب الكُرد- دهوك، الثلاثاء، 8-4- 2025، والساعة الخامسة، كانت أربعينية الكاتبة والشاعرة الكردية ” ديا جوان ” التي رحلت في ” 26 شباط 2025 ” حيث احتفي بها رسمياً وشعبياً، وبهذه المناسبة وزّع ديوانها: زكاة الحب Zikata evînê، الصادر عن مركز ” خاني “للثقافة والإعلام، دهوك،…

فواز عبدي

 

في نقّارة، قريتي العالقة في زاوية القلب كقصيدة تنتظر إنهاء قافيتها، لم يكن العيد يأتي… بل كان يستيقظ. ينفض الغبار عن روحه، يتسلل من التنّور، من رائحة الطحين والرماد، من ضحكةٍ انبعثت ذات فجرٍ دافئ ولم تعد ، من ذاكرة عمّتي نوره التي كانت كلما نفخت على الجمر اشتعلت معها الذكريات..

تنّورها الطيني الكبير، ذاك…