عامودا .. السيّدة التي لا تركع

فرمان صالح بونجق

هكذا هي هذه السيّدة التي سيّدةٌ رصينةٌ ، بلا مقدّمات ، بلا مواربة ، وبلا رتوش . هكذا هي هذه السيّدة التي شامخةٌ ، جسورٌ ، ليس لأنها أية سيدةٍ ، بل لأنها سيّدة المحارق ، وسيّدة الأحزان  ، والأوجاع ، وسيدة الشهداء ، أنسيتــم ؟!.

السيدة التي لا تركع ، تعرف كيف لا تركع ، ولِمَ لا تركع ، بل تداهمكم بطقوسها ونياشينها التي ترصّع جبهتها ، وتاريخها المدون وغير المدون ، المعلوم ، والمجهول عند البعض ، تلكم معلقاتَها المُحلّقات ، أنسيتــم ؟!.
سيّدةُ السيّدات ، على تخومها تنحني الأوقات والأزمان ، لا طاقة لأحد حتى بمنازلة رضيعها ، يوم  يهجّ الهجيج بالتهجيج ، ويزأر الزؤور بالتزئير ، حيث يترجل عند قدميها خيرة الفرسان ، تلك ملحمة سيّدتنا التي لا تجيد إلاّ التركيع ، أفهمتـــم ؟.
سيدةُ .. كبرياؤها من الوهج قلبها من النار روحها من شرر لا ينضب أبداً . عذراً أيها السادة ، فقد أخذتني بهجتي بهذه السيّدة ، فأدمجت ما لا يُدمج من الجُمل في جملة ، وخير القول أن أقول : سيّدةٌ كبرياؤها من الوهج ، من الوهج قلبها ، قلبها من النار ، من النار روحها ، روحها من شرر ، شرر لا ينضب أبداً . أفهمتــم ؟.
عامودا .. تلك السيّدة المعمّدة منذ بدء الخليقة ، بعبق الياسمين ، وماء الزهر ، وعطر الورد ، وشذا الرياحين ، والطيب والمسك والعنبر . يتردد صدى صوتها في أهازيج العشق والحرية والكرامة والإنسانية ، فهل مثلها يركــع ؟!.
أمّـنا الأم التي أنجبت لنا أشقاءنا الشهداء ، أطفالاً كبارا ، مرةً أخرى توزع علينا اليوم هداياها ، أرواحاً ودماءً وأسماءً ، نعرفها كما لم يعرفها أحدٌ من ذي قبل ، أنسيتم بأنّي قلت لكم ذات يوم : أنشودتنا .. التي هي عامودا ؟؟!!.
اليوم كم نحن كاذبون عندما نقول : ” غاضبون من أجل عامودا ” .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عبد الستار نورعلي

أصدر الأديب والباحث د. مؤيد عبد الستار المقيم في السويد قصة (تسفير) تحت مسمى ((قصة))، وقد نشرت أول مرة ضمن مجموعة قصصية تحمل هذا العنوان عن دار فيشون ميديا/السويد/ضمن منشورات المركز الثقافي العراقي في السويد التابع لوزارة الثقافة العراقية عام 2014 بـحوالي 50 صفحة، وأعاد طبعها منفردة في كتاب خاص من منشورات دار…

فدوى كيلاني

ليس صحيحًا أن مدينتنا هي الأجمل على وجه الأرض، ولا أن شوارعها هي الأوسع وأهلها هم الألطف والأنبل. الحقيقة أن كل منا يشعر بوطنه وكأنه الأعظم والأجمل لأنه يحمل بداخله ذكريات لا يمكن محوها. كل واحد منا يرى وطنه من خلال عدسة مشاعره، كما يرى ابن السهول الخضراء قريته كأنها قطعة من الجنة، وكما…

إبراهيم سمو

فتحت عيوني على وجه شفوق، على عواطف دافئة مدرارة، ومدارك مستوعبة رحيبة مدارية.

كل شيء في هذي ال “جميلة”؛ طيبةُ قلبها، بهاء حديثها، حبها لمن حولها، ترفعها عن الدخول في مهاترات باهتة، وسائر قيامها وقعودها في العمل والقول والسلوك، كان جميلا لا يقود سوى الى مآثر إنسانية حميدة.

جميلتنا جميلة؛ اعني جموكي، غابت قبيل أسابيع بهدوء،…

عن دار النخبة العربية للطباعة والتوزيع والنشر في القاهرة بمصر صدرت حديثا “وردة لخصلة الحُب” المجموعة الشعرية الحادية عشرة للشاعر السوري كمال جمال بك، متوجة بلوحة غلاف من الفنان خليل عبد القادر المقيم في ألمانيا.

وعلى 111 توزعت 46 قصيدة متنوعة التشكيلات الفنية والجمالية، ومتعددة المعاني والدلالات، بخيط الحب الذي انسحب من عنوان المجموعة مرورا بعتبة…