الأنوثة والذكورة قانون اجتماعي أم طبيعي

  ماريا عباس

منذ بداية التاريخ تطرق الفلاسفة وعلماء النفس لكتابة نظريات عن الإنسان، ودائما وجدت فئات مسيطرة وهي القوة التي برزت في التاريخ  وفئات خاضعة هي الأقل بروزاً، وكذلك هو تاريخ  الصراع الأزلي بين الرجل والمرأة ،والذي نظر إليه أغلبية الفلاسفة والعلماء على أن خضوع المرأة للرجل هو أمر طبيعي حتمي لذا لم يكتسب هذا الموضوع بروزاً حقيقياً عند الفلاسفة والعلماء ورجال الدين.

  فمن أرسطو الذي غزا العالم بفكره ومروراً بأفلاطون وسقراط إلى ديموقريطس و إبن خلدون وبالرغم من التفاوت البسيط في آرائهم حول هذه النظرية (الرجل والمرأة)
كان هؤلاء الفلاسفة يضعون نظرياتهم بالرغم من عبقريتهم وفذاذة علومهم بما يتناسب مع القوانين السلطوية الحاكمة في عصورهم ، ففي عهود العبودية “السيد والعبد” كان يُنظر للمرأة على إنها عبدة للرجل، ملبية لطلباته فهي مجرد جسد أو مادة لا علاقة لها بالفكر أو العقل.
أما في عهود حكم الكنيسة فكانت السلطة أبوية مطلقة حيث اعُتبر أصحاب الفكر الديني أن خضوع المرأة هو قانون إلهي ثابت وفق النصوص الدينية المكتوبة والتي فسرها رجال الدين ،فالنظريات والقوانين حتما يجب أن تكون مناسبة للوضع الإجتماعي السلطوي الأبوي  فلم تكن المرأة هي من وضعت النظريات أو حتى سمح لها بمجرد التفكير في وضعها  وفي القرون الوسطى رغم إن المرأة كانت تبدي ذكاءً وقدرةً على المعرفة أكثر من الرجل أو الكاهن كانت تُتهم بالجنون أو الشذوذ فتعاقب مثل(جان دارك ) التي أحرقت لإتهامها بالسحر لأنها كانت أذكى من رجال عصرها.
ولكن بعد مرور ثلاثة آلاف سنة تقريبا أكتشف علم النفس نظرية الإنسان المتكامل الذي يحمل صفات الرجولة والإنوثة معا ،ومع تطور علم التاريخ وظهور الحركات الإقتصادية والثقافية والسياسية ،وبتزايد قوة الأحزاب والمنظمات والإتحادات والنقابات أدى الى تصاعد قوة النساء في مختلف بلاد العالم شرقا وغربا وازدادت قدرة النساء على تنظيم صفوفهن واكتسابهن نوعا من القوة السياسية والاقتصادية والثقافية مع تزايد وتناقص بحسب طبيعة المجتمع ودرجة تقدمه اذ  أثبت العلم أن داخل كل رجل حنان وبكاء مكبوت وداخل كل امرأة عقل نير مقيد بسلاسل منذ آلاف السنين ،فبكاء الرجل وحنانه يجب أن لا يعتبر ضعفا كما وذكاء المرأة وجرأتها يجب أن لايعتبر  قبحاً فهذا التناقض بين مفهوم الذكورة والأنوثة ماهو إلا قانون إجتماعي لا علاقة له بالعلوم الطبيعية ، وإن الموروث الإجتماعي هو ضد الطبيعة وضد الحقيقة.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ا. د. قاسم المندلاوي

يؤكد علماء التربية على اهمية التعاون بين البيت والمدرسة بهدف النهوض الافضل بمستوى التلامذة. ولو تابعنا المشهد اليومي لوضع البيت والانشطة التي تجري داخل المدرسة لوجدنا اختلافا بين الجانبين.

هناك اتهام من قبل المدرسة على غياب اولياء الامور وابتعادهم عن المساهمة الجادة للجوانب…

إبراهيم أبو عواد / كاتب من الأردن

الحسن بن هانئ المَعروف بأبي نُوَاس ( 145 _ 198 ه / 762_ 813 م ) ، شاعر عربي مِنْ أشهرِ شُعَراءِ العصرِ العَبَّاسِي ، وَمِنْ كِبار شُعَراءِ الثَّورةِ التجديدية . أحدثَ انقلابًا في مَضمونِ الشِّعْرِ العربيِّ وأُسلوبِه ، فَقَدْ تجاوزَ الأغراضَ التقليدية كالمَدْحِ والفَخْرِ ، واتَّجَهَ إلى…

حيدر عمر

هناك حكايات تتنازعها عدة ثقافات، مثل حكاية “شَنْگلو مَنْگلو / şekgelo menglo”التي تتنازعها الثقافتان الكوردية والفارسية، وهي مروية على لسان معزاة توصى صغارها الثلاث بألَّا يفتحوا باب الحظيرة في غيابها إلَّا بعد أن يسمعوا منها أغنية معينة تغنيها لهم. سمعها ذئب في أحد الأيام، كان يمر في الجوار. بعد ابتعادها عن صغارها،…

تنكزار ماريني

الصمت يتسلل إلى الوجود،

بدون ضجيج، صمت متلاشي.

الوقت يتساقط،

يرقص، يكشف ويبقى في طيرانه

متى يعود الدائرة،

متى يتم إعادة تحديد المسار؟

بسهولة، على حافة الصمت،

متشابك مع النهاية؛

تتساقط قطرات من الكلمات،

تنهار جسور من السطور،

تفتح الحروف الساكنة البوابات.

تتفكك الأصوات، تلمع الورقة،

تنبعث منها ضوء المقاطع؛

تستقر الكلمات أو تتدفق،

تتحول بهدوء.

الفن يعانق الحب.

في كل حصاة يعيش أنا.

السماء تتسع،

كل نظرة هي جنة صغيرة.

اليوم يمسح…