السيدات و السادة الحضور.
مساء الخير
يسعدنا أن نكون بينكم في مصر “أم الدنيا “، التي تمتد العلاقات بينها و بين أسلاف الكرد إلى آلاف السنين، من خلال التحالف و علاقات المصاهرة بين أسلافنا الميتانيين و الفراعنة في الألف الثانية قبل الميلاد، و من خلال صلاح الدين الأيبي، الذي وحَّد مصر و الشام في القرن الثاني عشر، و محمد علي باشا، باني مصر الحديثة، وقاتل كليبر الفرنسي سليمان الكوكاني العفريني الذي حرّم التاريخ السوري عفرين من مأثرته، فنسبه إلى حلب، و من خلال الأدباء و المفكرين المصريين من أصول كردية، أبدعوا في الأدب و الفكر العربيين، و مازال الكرد يستذكرون مأثرة القاهرة كل عام في الثاني والعشرين من أبريل حيث كانت ولادة صحيفة (كردستان)، أول صحيفة كردية أصدرها المتنور الكردي مقداد مدحت بدرخان في القاهرة عام 1898،
و مازالوا يتذكرون الحفاوة التي استقبل بها الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر الزعيم الكردي مصطفى بارزاني في طريق عودته من منفاه في الاتحاد السوفياتي السابق عام 1958، و يتذكرون الموقف الذي أبداه سيادته تجاه الاحتجاج التركي على تخصيص بعض الوقت في الإذاعة المصرية للغة الكردية، إذ قال بسخرية للسفير التركي الذي طلب مقابلته ” أيوجد أكراد في تركيا؟ أجابه السفير: لا. فقال له: فلماذا تحتجون إذن؟”.
السيدات و السادة.
عثمان صبري شاعر و أديب و سياسي كردي، ابن رئيس عشيرة كردية، كان يهيَّؤ لرئاسة العشيرة، إلا أن النضال من أجل شعبه جذبه، و في ذلك يقول في إحدى قصائده ما معناه بالعربية: “حطمت اليوم مثل إبراهيم أصنامي”. خلّف ديوانين شعريين، و أربعة كتب في االنحو الكردي و القصة و الفكر، شارك في ثورة أرارت الكوردية ضد تركيا الكمالية عام 1931، و أثناء عودته إلى سوريا بعد فشل الثورة، احتجزته سلطات الاحتلال البريطانية في الموصل، و سجنته سنة واحدة، ثم سلمته إلى سلطات الاحتلال الفرنسي في سوريا، فنفته هذه إلى مدغشقر التي أمضى فيها ثلاث سنوات.
كان أحد الشخصيات السبعة الذين وضعوا المنهاج السياسي و الفكري لأول حزب سياسي كردي أسسوه في سوريا عام 1957. تعرَّض أثناء مسيرته النضالية اثنتا عشرة مرة للاعتقال و السجن. و حكم عليه بالإقامة الجبرية في دمشق في منتصف سبعينات القرن الماضي إلى يوم رحيله في الحادي عشرمن أكتوبر عام 1993.
نحن لسنا حزباً سياسياً و لا حكومة، بل مجموعة صغيرة من النشطاء المدنيين من كرد سوريا لا يتجاوز عددنا الخمسة، تقديراً و وفاءً لهذه الشخصية الأدبية و السياسية، ارتأينا، عام 1998، أن نخصص جائزة باسمه تحت مسمى (جائزة عثمان صبري للصداقة بين الشعوب)، نقدمها لأصدقاء شعبنا، الذين لهم مواقف إيجابية و مساندة تجاه شعبنا و قضيته العادلة. و قد سبق أن منحناها كلاً من عالم الاجتماع التركي اسماعيل بيشكجي و السيدة دانيال ميتران زوجة الرئيس الفرنسي الأسبق فرانسوا ميتيران و رجل القانون العراقي الدكتور منذر الفضل و الشاعرة الأمازيغية المغربية مليكة مزان. و اختارت اللجنة في هذه الدورة الخامسة الصحفي المصري الاستاذ السيد عبد الفتاح السيد الذي لستم في حاجة لأن أقدمه لكم، فأنتم تعرفونه عن قرب..
السيدات و السادة.
جائزتنا ليست مادية، بل معنوية، وهي ميدالية ذهبية، منقوش عليها اسم الجائزة و اسم الشخصية التي نمنحه إياها، و صورة عثمان صبري، و هي بذلك تعبر عن تقدير و احترام ملايين الكرد لأصدقائهم.
و اخترنا هذا الأسم للجائزة انطلاقاً من موروثنا الكردي المسالم، ففي الديانة الأيزيدية ما يقول بعض الأدعية ” اطلب الخير لنفسك ثم لنفسك”، و في الديانة الزرادشتية، في كتاب آفستا ما يقول “كن نبيلاً مع أعدائك”.
شكراً لإصغائكم.