إذا ما ذهبنا إلى النهر ثانيةً!

ريوان ميراني
منذ آخر لقاء بيننا
ما عدتُ أتذكر النُّور
لم تلتفتي لتقولي وداعاً
ولم تُلوحي ولو بكلمة
لذا حفرتُ قبري في قلبي
ومشيتُ بعصا الأمل
بألف ألف حُفرةٍ للغياب
كل اللواتي عرفتهن
لم ينسوني إياكِ
أعترف.. 
صنعتُ الحب مكابرةً 
مع كل أُنثى
كنت أنتقم من طيفكِ.. 
ظننتُ أن قلبي سيصيرُ حديداً مع الزمن
ولكن أكلهُ صدئ الرحيل!
كل شيءٍ بات رمادياً..
جف النهر..
والأشجار نثرت أوراقها بخجل..
الأعشاشُ هربت مع الريح
والعصافير توقفت عن إنشادها، وهاجرت بعيداً
أوتارُ الوجود إنقطعت
الليل أهدر نجومه كلها
والسماءُ غادرها الشمس
وأنا.. 
وأنا..  فقدتكِ للأبد
هل تتذكرين.. 
ذلك الجدول وخريره،
العشب النديّ وهو يُداعب أقدامنا العارية
يديَّ وخصركِ..
والهواء الذي شاركنا في اِغتيالهِ ذات ليلةٍ
على هامش قريتنا النائمة
ليتني أطعتكِ
وتركتُ الوعل يرعى 
في المراعي العذارى كما أشتهيتِ
أتذكر حينها بأنني أحجمت من أجل رصاصتين
كان ذلك أكبر شيء ندمت عليهِ في حياتي
لذا في كل ليلةٍ قبل أن أنام
أقضم أصابع الندم
وأردد بدمعتين للشجن
تعويذتي السحرية:
“أعدكِ،
هذهِ المرة إذا ما ذهبنا إلى النهر
أن نعود ثلاثةً”

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

أصدرت منشورات رامينا في لندن كتاب “كنتُ صغيرة… عندما كبرت” للكاتبة السورية الأوكرانية كاترين يحيى، وهو عمل سيريّ يتجاوز حدود الاعتراف الشخصي ليغدو شهادة إنسانية على تقاطعات الطفولة والمنفى والهوية والحروب.

تكتب المؤلفة بصدقٍ شفيف عن حياتها وهي تتنقّل بين سوريا وأوكرانيا ومصر والإمارات، مستحضرةً محطات وتجارب شكلت ملامحها النفسية والوجودية، وموثقةً لرحلة جيل عاش القلق…

غريب ملا زلال

رسم ستار علي ( 1957_2023 ) لوحة كوباني في ديار بكر /آمد عام 2015 ضمن مهرجان فني تشكيلي كردي كبير شارك فيه أكثر من مائتين فنانة و فنان ، و كان ستار علي من بينهم ، و كتبت هذه المادة حينها ، أنشرها الآن و نحن ندخل الذكرى الثانية على رحيله .

أهي حماسة…

عِصْمَتْ شَاهِينَ الدُّوسَكِي

أعْتَذِرُ

لِمَنْ وَضَعَ الطَّعَامَ أَمَامَ أَبِي

أَكَلَ وَابْتَسَمَ وَشَكَرَ رَبِّي

أَعْتَذِرُ

لِمَنْ قَدَّمَ الْخُبْزَ

لِأُمِّي وَطَرَقَ بَابِي

لِمَنْ سَأَلَ عَنِّي

كَيْفَ كَانَ يَوْمِي وَمَا…

ماهين شيخاني

هناك لحظات في حياة الإنسان يشعر فيها وكأنّه يسير على خيط رفيع مشدود بين الحياة واللاجدوى. في مثل هذه اللحظات، لا نبحث عن إجابات نهائية بقدر ما نبحث عن انعكاس صادق يعيد إلينا شيئاً من ملامحنا الداخلية. بالنسبة لي، وجدتُ ذلك الانعكاس في كتابات الفيلسوف والكاتب الفرنسي ألبير كامو (1913-1960).

ليس كامو مجرد فيلسوف عبثي…