كيف طاوعتُ النهار؟

فراس حج محمد/ فلسطين
في الأرضِ غربةٌ أخرى
ظلامٌ دامسٌ وجنوح شيءٍ غامضٍ
يُدعى الهوسْ
في الروح أيضاً غربتانِ واحدتانِ 
واغترابٌ جامعٌ نعْقَ الغرابْ
وأشلاءٌ من النجوى تنزُّ في خسرانها العاتي
وتستبقي العذابْ
أيّتها النفس الأليمةُ
فلتكفّي واكتفي
ما عدتُ أحملُ وقتَ موتي
فلتكفّي وانتهي
أنهي عذابَ الانتظارْ
ما زلتُ أحمل أنّتي في كلّ سطرٍ من غبارْ
متثاقلاً يأتي الصباحُ
ولا يأتي أحدْ
والشمسُ تحمل خطوها
يتمطّى في تثاؤبه الكسولِ يستلقي على الجدرانْ
وفراشي باردٌ مثل أحشائي وأنفاسي بطيئةْ
غائراتُ الحلم في الغربةْ
كنّا هناكَ
الليلُ أوسعُ من حنين زائلٍ
وكان الفجر تحت الأغشيةْ
يكمل طقسَه الضوئيَّ فينا
يا ليت أنّ الليل طال طويلاً واستطالْ
ولم نخرج إلى ذاك النهارْ
أبكيتُها وبكتْ على ذات السريرْ 
وأبكتني حرارتُها بدفءِ راحةِ كفّها
وبجسمها الممتدِّ حقلاً من جمانْ
ثمرٌ شتائيّ ووردٌ
زهرتانِ نضوجتان بجلنارْ
بقبلتها وشهوتها
ودار فينا الكأسُ شعشع في المدارْ
وقاومتُ انهزامي
وصرتُ أحمل دمعتين ثقيلتين
في كلّ أفق دونها وَهْمٌ ونارْ
كيف طاوعتُ النهارْ
وانغمستُ بحلكة الطرق الطويلةْ؟
يا ليتها أبقت ظلالي دون مدّْ
وظَلّ ظِلي ناعماً دون احتضارْ
يا ليتني ما متُّ في ذاك النهارْ
كانون الأول 2020

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

دريس سالم

 

«إلى تلك المرأة،

التي تُلقّبُني بربيع القلب..

إلى الذين رحلوا عني

كيف تمكّنْتُ أنا أيضاً على الهروب

لا أريدُ سوى أن أرحلَ من نفسي…».

يفتتح الشاعر الكوردي، ميران أحمد، كتابه «طابق عُلويّ»، بإهداء مليء بالحميمية، ملطّخ بالفَقد، يفتتحه من قلب الفَقد، لا من عتبة الحبّ، يخاطب فيه امرأة منحته الحبّ والحياة، لقّبته «ربيع القلب». لكن ما يُروى ليس نشوة…

علي شمدين

المقدمة:

لقد تعرفت على الكاتب حليم يوسف أول مرّة في أواخر التسعينات من القرن المنصرم، وذلك خلال مشاركته في الندوات الثقافية الشهرية التي كنا نقيمها في الإعلام المركزي للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، داخل قبو أرضي بحي الآشورية بمدينة القامشلي باسم ندوة (المثقف التقدمي)، والتي كانت تحضره نخبة من مثقفي الجزيرة وكتابها ومن مختلف…

تنكزار ماريني

 

فرانز كافكا، أحد أكثر الكتّاب تأثيرًا في القرن العشرين، وُلِد في 3 يوليو 1883 في براغ وتوفي في 3 يونيو 1924. يُعرف بقصصه السريالية وغالبًا ما تكون كئيبة، التي تسلط الضوء على موضوعات مركزية مثل الاغتراب والهوية وعبثية الوجود. ومن المميز في أعمال كافكا، النظرة المعقدة والمتعددة الأوجه للعلاقات بين الرجال والنساء.

ظروف كافكا الشخصية…

إبراهيم اليوسف

مجموعة “طائر في الجهة الأخرى” للشاعرة فاتن حمودي، الصادرة عن “رياض الريس للكتب والنشر، بيروت”، في طبعتها الأولى، أبريل 2025، في 150 صفحة، ليست مجرّد نصوص شعرية، بل خريطة اضطراب لغويّ تُشكّل الذات من شظايا الغياب. التجربة لدى الشاعرة لا تُقدَّم ضمن صور متماسكة، بل تُقطّع في بنية كولاجية، يُعاد ترتيبها عبر مجازٍ يشبه…