هوشنك بروكا قاهر السرطان و..صديقه

إبراهيم سمو

   هوشنك  بروكا الباحث والاديب، باللغتين العربية والكردية ،ودارس شفرات استراتيجية ،كل من نيتشه وشوبنهاور،وهيغل وكانت وروزا لوكسمبورغ ،وغوته الفكرية والروحية والانسانية ،بفهم ودلالات لسان اصحابها ،يصوت اليوم بملء حنجرته ،من داخل حلبة القراع بتفوقه المبهر ،على السرطان الرجيم. هوشنك المفكر ينهض على انقاض” الورم الاخطبوطي”،مثل طائر فينيق ،بغنوصية “ابن عربي”، ويتلو فرمان فوزه كصاحب نهج ،عبر فضاء افتراضي على الجمهور المفتوح، بروحانية رتيبة ،خاصة لا تليق سوى بمنتصر مثله .  هوشنك الذي توارى لأكثر من سنتين عن سوحه ،يشغل تارة غريمه الخؤون في مفاوضات كوالسية ،ويقلّب أخرى سعيا وراء تسويات انتصار ،في دفاتر آفته السافلة غير المهادنة ،من باب “اعرف عدوك “. راح يقلب الصفحات و..
يقلب، بحثا عن ثغرة او نقطة ضعف، قد تعزز من مركزه كخصم ،حتى اهتدى الى ان يتحرر من وصايا شوبنهاور ونزعاته التطيرية، واعتمرت روحه البهية بالثقة والمجابهة والتفاؤل ،فتمكن بمهارة مروضي الافاعي ،ان يعقد صفقة صداقة مع داء السرطان ،الذي لا يكون في العادة الا غليظا ماحقا في تجبره ،وتمكن من ثم ان يبدل صفة سقمه المتعجرف ،من “رجيم” الى “رحيم”. وبينما الرجل يعارك،يقاوم، يهادن المرض المستعصي ؛بمعنى يخاتل فيفاوض ،وتلبق كعادتها مهجته حتى مع خصومها ،ممهدة  للدخول في حوار منتج وشفيف بل و.. بينما هو يُستهدِف في بقائه ،ويُشغَل بمعاونة طاقم طبي بكفاح واستمالة “انشطار خليوي”معربد أُطلق وعرا ،كتنين ملتهب عليه ،دار في خلد “متشائل “مثلي تساؤلات عن انكماش مباغت ،لقامة كبيرة فاعلة ومؤثرة من وزنه ،عن ميادين كثيرة باتت تستوحشه. و لَمْ أسأل..؟. ـ كان ينبغي ان اسأل إذن !  لكن انطوائيتي أقول الصدق ،وكذلك مزاجية باهتة ،فضلا عن مشاغل حياتية حجبتني ؛تغلبت فرادى ومجتمعات عليّ ،فلم ابادر الى السؤال عن صديق معرفي كنز ،وشخصي ليس بمستجد بل معتق. أعرف ما هكذا تكون الصداقة ،ورغم ذلك تسلمتني التقديرات فخمنت ،وقست ،واستدللت على احداث ووقائع ،ثبت لي الآن فساد صحتها كلها.  سألت ذات مرة صديق مشترك قال: تحول الرجل الى تاجر. ـ تاجر ..!..هوشنك تاجر !. صديقنا قال جملته ومضى ،الفكرة بكل صراحة لم ترق لي بيد اني ورغم عدم استساغتي  بررت : لعل الرجل مل الروتين وأحب ان يغير او لعل بعضا من المجريات لم تعجبه فاعتزل، وخلقتُ مبررات لا تحصى … بررت ولم ارتح وراح ذهني يضرب الاسداس بالاخماس .  مؤخرا ،حاولت ان اتحايل على صديق آخر : هوشنك اختفى كليا. فاجابني : مايزال يكتب لكن بعيدا عن الضوضاء . كنت ما ان سنحت الفرصة اسأل، لكني لم اتصل ،لم أطمأن . ما هكذا تكون الصداقة أعرف.. أعرف !. غير ان الولادة الجديدة اسعدتني ..اسعدني وهوشنك المثمر يكسب الجولة الأخيرة ،من وقيعة كانت اقلها غير متكافئة ولا عادلة ،دارت تشتعل بلا هوادة على حياة عزيزنا وصحته ،بمقذوفات وحمم وشظايا ونيران ،لا يرفع في العادة مبتلاها ،الا راية يأس وانكسار . اسعدني انتصار هوشنك الأمل . مبارك إذن لصديقي ولادته الجديدة المبشرة ولادة انفلقت الى ما قبل السرطان وما بعد السرطان . كل مخاض وهوشنك سعيد ؛يتألق: يولَد من جديد ويثمر

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عبد الستار نورعلي

أصدر الأديب والباحث د. مؤيد عبد الستار المقيم في السويد قصة (تسفير) تحت مسمى ((قصة))، وقد نشرت أول مرة ضمن مجموعة قصصية تحمل هذا العنوان عن دار فيشون ميديا/السويد/ضمن منشورات المركز الثقافي العراقي في السويد التابع لوزارة الثقافة العراقية عام 2014 بـحوالي 50 صفحة، وأعاد طبعها منفردة في كتاب خاص من منشورات دار…

فدوى كيلاني

ليس صحيحًا أن مدينتنا هي الأجمل على وجه الأرض، ولا أن شوارعها هي الأوسع وأهلها هم الألطف والأنبل. الحقيقة أن كل منا يشعر بوطنه وكأنه الأعظم والأجمل لأنه يحمل بداخله ذكريات لا يمكن محوها. كل واحد منا يرى وطنه من خلال عدسة مشاعره، كما يرى ابن السهول الخضراء قريته كأنها قطعة من الجنة، وكما…

إبراهيم سمو

فتحت عيوني على وجه شفوق، على عواطف دافئة مدرارة، ومدارك مستوعبة رحيبة مدارية.

كل شيء في هذي ال “جميلة”؛ طيبةُ قلبها، بهاء حديثها، حبها لمن حولها، ترفعها عن الدخول في مهاترات باهتة، وسائر قيامها وقعودها في العمل والقول والسلوك، كان جميلا لا يقود سوى الى مآثر إنسانية حميدة.

جميلتنا جميلة؛ اعني جموكي، غابت قبيل أسابيع بهدوء،…

عن دار النخبة العربية للطباعة والتوزيع والنشر في القاهرة بمصر صدرت حديثا “وردة لخصلة الحُب” المجموعة الشعرية الحادية عشرة للشاعر السوري كمال جمال بك، متوجة بلوحة غلاف من الفنان خليل عبد القادر المقيم في ألمانيا.

وعلى 111 توزعت 46 قصيدة متنوعة التشكيلات الفنية والجمالية، ومتعددة المعاني والدلالات، بخيط الحب الذي انسحب من عنوان المجموعة مرورا بعتبة…