بمناسبة فطس محمد مصطفى ميرو

خالد ابراهيم
هذه الخاطرة كُتبت بعد إحدى مقابلاتي لدى محمد مصطفى ميرو لأسباب صحية عندما طرقت بابه لمساعدتي كي أستطيع الحصول على الدواء لأجل والدي المريض آنذاك 
……….
/ لستُ من القرن /
قبل قدوم اللعنة الكبرى
سأحاول أن انزل عن كاهلي …
هذه السلال المزدحمة
بأسراب العصافير
الخائفة …
آه :
أيها الشرقي الأخير ..
لو تعلم بقضيتي المذبوحة
بين السطور
والكلمات
وعلى عناوين قصائد الملاعين
وبين  السطور المتخمة بالدماء
وزعماء الخيانة
وسلاطين الابتسامة الزائفة
واللامبالاة القاتلة
سيدي الشرقي …
يا آخر الأضواء
ها أنا أضع أمري بين يديكَ
جرحاً وطأته حوافر فرسان الطين
قضيتي المحروقة
من يوم المهد إلى عصركَ هذا
المنقوشة
بدماء الأبرياء
ودموع الأمهات
لا تبتسم
فلا وقت للابتسامة
سيدي الشرقي
من بين جيوش من رجال الوطن
وقفتُ ببابكَ
وأنزلتُ حقائبي الحزينة
ومددتُ يدي الباردة كالثلج
كونكَ سيد آخر مسرح
وقبطان السفينة الأخيرة
عذراً سيدي لا تصفق
أوقف تيار زمانكَ برهة
والتفت إليَّ …
هناك في الشمال
أسكن بلا روح
بلا مشاعر
وبإنسانية مسلوخة
وضعوني في القن
ثم أدخلوني عنق الزجاجة
ثم .. ثم .. ثم ..
اتهموني بفساد العقول
وفي خاتمة المطاف
سلبوا أشيائي الثمينة
شطبوا ميلادي
وأحرقوا دفاتر عمري
وأورثوني الذل والهوان
عذراً سيدي كفى صفيراً
وأنسَ روتينكَ هذا
وعاداتنا المصبوغة بالفشل
دعني أحكي لكَ
عن ميزان العقول والمال
وعن عودة أسواق النخاسة
في بلادنا العجيبة
وعن تجارة القلوب
وتجارة النساء وتجارة الأجساد
نعم سيدي
وجيوش الأرض تطاردني حتى الآن
يريدون تمزيق أطلالي الباقية
ومحو الحبر عن أوراقي
وتقليم لساني
وحرق أصابعي
آه .. وألف آه
أعترف لكَ
وبعد التحريات والبحث
في أوراق الخليقة
وسلوكية آدمكم
وحياتنا الجارية كمجموعة من التماسيح
والتنين الداخل في النفوس
ولدغات الأفاعي المنتشرة في
بساتيننا الخضراء
فقلبي ميت ..
عذراً سيدي الزعيم ..
أسحب بلاغي هذا
وأسكت اتهاماتي في قلبي الميت
أغلقُ ملفَ قضيتي المتعبة
وأحزاني العتيقة
فقد أخطأت العنوان
وملاذي الوحيد
سيدٌ شرقي يوقف عجلات الشر
ويمزق السرطان داخل أحشاء الوطن
لا عن سيد كالدمية
سيد يعيش مع الفخار وتماثيل الطين
أسفي كبير يا سيد الطين
فأنا راحل ..
سأعيد سلال العصافير إلى كاهلي
راحل للبحث عن أرواحكم المنفية من الف عام
عن قاموسنا المسروق
فأنتَ …
لن تفهمني آلاف السنين
حتى لو قطعت المحيطات
ولامست أطراف المجرات
    دمشق .. حوار بيني وبين محمد مصطفى ميرو 2002

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عصمت شاهين الدوسكي

 

ربما هناك ما یرھب الشاعر عندما یكون شعره تحت مجھر الناقد وھذا لیس بالأمر الحقیقي ، فالشاعر یكتب القصیدة وينتهي منھا لیتحول إلى تجربة جدیدة ،حتى لو تصدى لھ ناقد وبرز لھ الایجابیات وأشار إلى السلبیات إن وجدت ، فلیس هناك غرابة ، فالتحلیل والتأویل یصب في أساس الواقع الشعري ،وكلما كتب الشاعر…

فيان دلي

 

أرحْتُ رأسي عندَ عُنقِ السماءْ،

أصغيْتُ لأنفاسِ المساءْ،

بحثْتُ فيها عن عُودٍ ثقاب،

عن فتيلٍ يُشعلُ جمرةَ فؤادي،

ناري الحبيسةَ خلفَ جدرانِ الجليد.

 

* * *

 

فوجدْتُه،

وجدْتُه يوقظُ ركودَ النظرةِ،

ويفكّكُ حيرةَ الفكرةِ.

وجدْتُه في سحابةٍ ملتهبةٍ،

متوهّجةٍ بغضبٍ قديم،

أحيَتْ غمامةَ فكري،

تلك التي أثقلَتْ كاهلَ الباطنِ،

وأغرقَتْ سماءَ مسائي

بعبءِ المعنى.

 

* * *

 

مساءٌ وسماء:

شراعٌ يترنّحُ،

بينَ ميمٍ وسين.

ميمُ المرسى، عشبٌ للتأمّلِ وبابٌ للخيال

سينُ السموّ، بذرةٌ للوحي…

ربحـان رمضان

بسعادة لاتوصف استلمت هدية رائعة أرسلها إلي الكاتب سمكو عمر العلي من كردستان العراق مع صديقي الدكتور صبري آميدي أسماه ” حلم الأمل ” .

قراته فتداخلت في نفسي ذكريات الاعتقال في غياهب معتقلات النظام البائد الذي كان يحكمه المقبور حافظ أسد .. نظام القمع والارهاب والعنصرية البغيضة حيث أنه كتب عن مجريات اعتقاله في…

ادريس سالم

 

«إلى تلك المرأة،

التي تُلقّبُني بربيع القلب..

إلى الذين رحلوا عني

كيف تمكّنْتُ أنا أيضاً على الهروب

لا أريدُ سوى أن أرحلَ من نفسي…».

يفتتح الشاعر الكوردي، ميران أحمد، كتابه «طابق عُلويّ»، بإهداء مليء بالحميمية، ملطّخ بالفَقد، يفتتحه من قلب الفَقد، لا من عتبة الحبّ، يخاطب فيه امرأة منحته الحبّ والحياة، لقّبته «ربيع القلب». لكن ما يُروى ليس نشوة…