الحدباء

عصمت شاهين دوسكي
تجلى الظلام والقمر محاق … وفي النفوس خوف وشقاق
سبق الأسى جهل القادمين … فمات أحمد وآزاد وإسحاق
أي جوى بين الضلوع إن بكت … الثكلى بصمت دمعها احتراق
من الحزن البكاء فوق البكاء … يبكي كل من جزعه الفراق
أجساد في حديقة البيت مدفونة… لا الشمس تؤنسها ولا ظل عناق
كلما مرت العيون عليها حائرة … زاد البعد والوحشة والخناق
************  
مالي أرى الناس مشردين  … لا دفء لا زاد لا ماء رقراق ؟
أبكي إن سمعت أناتهم … رنة أناتهم شدو واختناق
ليل الشتاء برد جوع انتظار … والأمل من ظلمة الليل ضاق
لا ترم الخبز والماء بين الأقدام … يسأل الله راعي الإملاق
ارحم المسكين والفقير والسائل …فالرحمة بالإنسان عهد ووفاق
لا تفرق بين الورى ضمنا وجهارا… فيهم عزيز وكريم ومشتاق
الفرقة خراب ورماد ودمار … والحرب تشريد وتهجير وقلة إشفاق
لا تصرف الأشياء كما تريد … لستَ رب حاكم أو وكيل أرزاق
************ 
آه حدباء كم صبرك راق … حتى غروبك إبداع خلًاق
امنحي نوارس جسر العتيق أملا … حلي العقد فينا عشق وعشاق
أين حضارتي كرامتي عزتي … لا أسمح اليوم تعليل ونفاق ؟
أين مقامي جمالي ربيعي … إن النبض مع الدمع خفاق
أين المودة والرحمة والإنسانية …الردى يجول يزهق الأعماق
ما أفقر الإنسان يحسب بالقتل …خالدا ،ذات يوم تسقط الأوراق
أنا الحدباء العذراء الزهراء … جمالي إيحاء إلهام وإشراق
وجهي لا يلويه الثرى والنوى … ونجم الدجى يهل بلا ميثاق
ستلتقي القلوب مشرقة بعد القيود… بالأحضان والقبل والعناق
سيحمل الغد أزهارا وأنوارا… ويكون العراق أجمل عراق
************ 
الحدباء : من أسماء مدينة الموصل وتسمى كذلك نينوى وأم الربيعين .. مرت عليها سنوات عجاف وإرهاب داعش ومن ضمن الصور والأحداث التي رأيتها كان الأبرياء يدفنون موتاهم في حديقة البيت خوفا منهم .. فجادت قريحتي بهذه الصور الشعرية الواقعية . 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

نجاح هيفو

تاريخ المرأة الكوردية زاخر بالمآثر والمواقف المشرفة. فمنذ القدم، لم تكن المرأة الكوردية مجرّد تابع، بل كانت شريكة في بناء المجتمع، وحارسة للقيم، ومضرب مثل في الشجاعة والكرم. عُرفت بقدرتها على استقبال الضيوف بوجه مبتسم ويد كريمة، وبحضورها الفعّال في الحياة الاجتماعية والسياسية والثقافية. لقد جسّدت المرأة الكوردية معنى الحرية، فلم تتوانَ يومًا عن…

زوزان ويسو بوزان
1
كوباني على الحدودِ تصرخ..
تودِّع أبناءها واحدًا.. واحدا
وترحلُ في الليلِ مثقلةً بالوجيعةْ
تحملُ أحلامَها فوقَ أكتافها المتعبةْ
منهم من خرجْ.. حافيَ الروحِ والقدمينْ
ومنهم من تركْ غنائمَ العمرٍ الطويلْ
وسافرَ وحدَه مع ذاكرتهْ

فماذا جنتْ الشيخةٌ في الخريفْ
بأيِّ ذنبٍ تُشرَّدُ الطفولة
كأنَّ البلادَ نسيتْ أنَّهم من رَحِمِ الأرضِ
وُلدوا ها هنا
2
أيُّ دينٍ يبيحُ ذبحَ العجائزْ
أيُّ دستورٍ يشرعُ قتلَ الأباريح
أيُّ بلاد…

رضوان شيخو

بطبعة أنيقة وحلة قشيبة، وبمبادرة كريمة وعناية كبيرة من الأستاذ رفيق صالح، مدير مركز زين للتوثيق الدراسات في السليمانية، صدر حديثا كتاب “علم التاريخ في أوروبا وفلسفته وأساليبه وتطوره”، للدكتور عصمت شريف وانلي، رحمه الله. والكتاب يعتبر عملا فريدا من نوعه، فهو يتناول علم التاريخ وفلسفته من خلال منهج علمي دقيق لتطور الشعوب والأمم…

خلات عمر

في قريتنا الصغيرة، حيث الطرقات تعانقها الخضرة، كانت سعادتنا تزهر كل صباح جديد. كنا ننتظر وقت اجتماعنا المنتظر بلهفة الأطفال، نتهيأ وكأننا على موعد مع فرح لا ينتهي. وعندما نلتقي، تنطلق أقدامنا على دروب القرية، نضحك ونمزح، كأن الأرض تبتسم معنا.

كانت الساعات تمر كالحلم، نمشي طويلًا بين الحقول فلا نشعر بالوقت، حتى يعلن الغروب…