البيت الذي أكلته العاصفة

رشاد شرف
ذات مساء خريفي، كانت الرياح غاضبة والسماء ترسل زخات من المطر فتقذفها في كل الاتجاهات وتزداد هيجاناً.
طُرِق بابُنا الخشبي بقوة، أمرني والدي أن أفتحه! 
فتحت الباب بحرص شديد فإذا بجارنا العجوز وزوجته أمام الباب، طلبت منهما الدخول.. فقال العجوز: (داخلين عليكم) قبل أن يدخل!!
نط والدي من خلف المدفأة، وأمسك بكلتا يدي العجوز وقال: تفضلوا يا أخي.. ماذا تقول! البيت بيتكم.
جلس العجوز مبتل اللحية وزوجته خلفه، الحيرة والخجل تسبقان كلماته المبتورة.. قال: يا جار، طُرِدْنا من بيتنا.. ابننا الوحيد طردنا.. زوجته لا تريدنا في البيت.
تفرّسني والدي بنظرة، نكست رأسي كأني أنا المذنب، ولم أفق من الصدمة، قال له والدي: إن أردت.. نبلغ عنه الشرطة، يضعونه في السجن، تعود وزوجتك إلى البيت. نظر إلى زوجته المصدومة وقال: لا..لا نريده أن يسجن لأنه ابننا.
قال والدي: نبلغ أهل القرية، يطردونه من البيت، وتعودان إلى منزلكم. نظر إلى زوجته وقال: لا، لا نريد ذلك، أطفاله صغار.
عطف والدي بالكلام: غداً نشكّل لجنة وجاهة من أهل القرية ونرجوه بأن يعيدكم إلى المنزل.. فقاطعه العجوز: لا نريد ذلك، ربما يحرج أمام زوجته، وهي لا تريد رؤيتنا.
العاصفة كانت تشتد، وبابنا الخشبي يزداد صريراً وأنيناً، ونباح الكلاب تعلو في ليل القرية..
في الصباح هدأت العاصفة، والغيوم الداكنة مازالت تصارع ألم المخاض غير آبهة باللوحة السفلية. فُجِعَ الأبوان ببيتهم المهدوم الذي لم ينج منه أحد.
13.4.20

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

فراس حج محمد| فلسطين

في النص الأخير قلت شيئاً شبيهاً برثاء النفس، وأنا أرثي أصدقائي الشعراء:

كلّما ماتَ شاعرٌ تذكّرتُ أنّني ما زلتُ حيّاً

وأنّ دوري قريبٌ قريبْ

ربّما لم يُتَحْ للأصدقاءِ قراءةُ قصائدهم في رثائي المفاجئ

وها هو الشاعر والناقد محمد دلة يغادر أصدقاء على حين فجأة، ليترك خلفه “فارسه الغريب” ونقده المتوسع في قصائد أصدقائه ونصوصه. محمد دلة…

أحمد جويل – ديرك

 

لقد أدمِنتُ على تذوّق القرنفل كلَّ يوم،

ولم يكن باستطاعتي التخلّص من هذا الإدمان…

وذات يوم، وكعادتي الصباحيّة، دفعتني روحي إلى غيرِ بُستان،

علّني أكتشف نكهةً أُخرى،

لعلّها تُداوي روحي التي تئنّ من عطره…

 

بحثتُ في ثنايا المكان…

وإذا بحوريّةٍ سمراء،

سمراء كعودِ الخيزران،

تتزنّرُ بشقائقَ النّعمان…

عذرًا، سأكمل الخاطرة لاحقًا.

 

شقائق النعمان كانت تخضّب وجنتيها برائحةِ زهرة البيلسان.

أمسكتْ بيدي، وجعلنا نتجوّلُ…

سيماف خالد جميل محمد

 

هناك حيث تنبعث الحياة، حيث كانت روحي تتنفس لأول مرة، هناك أيضاً أعلنتْ روحي مغادرتها، لم يكن من الممكن أن أتخيل ولو للحظة أن تغادرني أمي، هي التي كانت ولا تزال الصوت الوحيد الذي أبحث عنه في الزحام، واليد التي تربت على قلبي في الأوقات الصعبة، كيف يمكن لخبر كهذا أن يتسلل…

بدعوة من جمعية صحفيون بلا حدود الدولية، أقيمت اليوم، السبت ٦ نيسان ٢٠٢٥، أمسية شعرية متميزة في مدينة إيسن الألمانية، شارك فيها نخبة من الشعراء والكتّاب اعضاء الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الكرد.

وشهدت الأمسية حضورًا لافتًا وتفاعلاً كبيرًا من الحضور، حيث تناوب على منصة الشعر كل من:

صالح جانكو

علوان شفان

يسرى زبير

بالإضافة إلى الصديق الشاعر منير خلف، الذي…