طحن الأمنيات

خالد إبراهيم 
 
غدا سيختفي هذا الكابوس ( كورونا ) ، و يجب علينا بناء التماثيل للأطباء و الكوادر الطبية عموماً 
غدا ستفتحُ المدارس و سيذهب الأطفال إلى مدارسهم و حدائقهم و سيلعبون بحرية و دون خوف أو ملل .
غدا يطحن المّارة بعضهم البعض ليس بالإيماءات فقط ، و إنما الجميع سيحتضن الجميع و في صدورهم براكينَ السلام 
غدا سيزول الخوف لا محالة 
غدا ميلادٌ جديد بعد أن تعلمنا ما هو الخشوع و كيف تدوم النعم ، و بعد كل ليلٌ هناكَ نهارٌ باذخٌ بالتحدي و الأمل 
غدا عالمٌ خال من النميمة و الحقد و الدجل ، تكثر في الشوارع الاحتفالات ، و يبدأ الفنانون بالغناء ، و السياسيون سيبدؤون الغزل على وتدالجياع و الضحايا 
غدا أجمل 
ستعجُ الشوارع مجددًا بصخب الحياة ، و ستعلم الغزالة أن جُرح الصياد يؤلم ، و أن الأشجار هي الملاذ الآمن للعصافير و أحزان العشاق ومجرمي الحروب الطاحنة ، نعم سيكون هناك عالمٌ جديد ، و قوانينٌ جديدة ، سيكون كل شيء جديد .
غدا ستعلم الأفعى أن لا مكانٌ لها سوى ثقبٌ في التراب ، و ستزحف الزواحف على أعمدة المشانق ، و سيحل الطاعون في جحور الرؤساء والملوك و الأمراء الطاغون و الماضون في ظلم الشعوب ، و ستختفي البنادق ، و تعم الأماكن روائح الزهور ، خلفا عن البارود الفاسد 
غدا ستبني العصافير أعشاشها في فوهات المدافع ، و سنبني الجسور  على أعمدة مغروزة بجذور مُشبعة بالدماء و طحين العِظام و المقابرالجماعية .
غدا سنحيا بعد قتل المشعوذين و السحرة ، و نغني بصمتٍ ما قاله القرآن منذ بدء الخليقة ، و سندور في الهواء الطلق مِثل طيور الحبارى !!
غدا سنعلم أننا نملكُ أرواحا لا بد أن تعيش ، سنعلم بعد هذا الكم من الوباء الطافح على البشرية ، و سنصرخ ،ونصمت ، و نضحك ، و نئنُ، و سنكتب ما مرَّ به هذا العالم و كأنه عينٌ مفقوءة ، في المسالخ 
غدا ، لا بد أن لا يكون هناك و هنا مكانٌ للحزن و القلق 
هنا على هذه الأرض ما يستحق الحياة 
قُل للشمس ما لم يقوله الليل ، تعرى مِثل هذا الفضاء ، و كُن مِثل الغيمات الزرقاء ، كُن كعين القطا ، كعين النسر ، كعين المسيح على هذاالعالم 
قُل يا بن أدم : 
ماذا تحت هذا العشب ؟
قُل
أين يختبئون الأنبياء ؟ 
هل ترى حصاد الأرواح العابرة ؟ 
هل تسمع أنين العصافير  ؟
يا الله 
فوق رؤوسنا  غيمة سوداء ، ارسلها ، ودعها تضغط كُل هذا الألم 
في صدورنا فوهة بركان ، و سواتر ترابية 
وفي الأعين  مساميرٌ ، تطعنُ عين الشمس  
يا الله 
لملم كُل السَحرة و الدجالين و المشعوذين 
نُريد أن نحيا المجزرة 
نُريد أن نعيش 
نُريد أن نُسابقَ أنفسنا نحو أنفسنا 
تعال أيها العال 
كم تبلغ المسافة بيننا ، وكم شاهد زور سيشهد 
أنتَ في سفينة تغازل الهواء 
و نحن نُطحن في بركان الأمنيات 
نتحدى  عُتمة الليالي 
نبلعُ برد هذا القحط في دمائنا
نَسقط ثم نَسقط مُهشمي العظام 
تعال حين ينام الناس 
تعال في عتمة اليقين المُندثر في قناطر العدم 
هناكَ 
لنكن و حيدين .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

جان بابير

 

الفنان جانيار، هو موسيقي ومغني كُردي، جمع بين موهبتين إبداعيتين منذ طفولته، حيث كان شغفه بالموسيقى يتعايش مع حبّه للفن التشكيلي. بدأ حياته الفنية في مجال الرسم والنحت، حيث تخرج من قسم الرسم والنحت، إلا أن جذوره الموسيقية بقيت حاضرة بقوة في وجدانه. هذا الانجذاب نحو الموسيقا قاده في النهاية إلى طريق مختلف، إذ…

عصمت شاهين الدوسكي

 

أنا أحبك

اعترف .. أنا احبك

أحب شعرك المسدل على كتفيك

أحب حمرة خديك وخجلك

وإيحاءك ونظرتك ورقة شفتيك

أحب فساتينك ألوانك

دلعك ابتسامتك ونظرة عينيك

أحب أن المس يديك

انحني حبا واقبل راحتيك

___________

أنا احبك

أحب هضابك مساحات الوغى فيك

أحب رموزك لفتاتك مساماتك

أحب عطرك عرقك أنفاسك

دعيني أراكي كما أنت ..

——————–

قلبي بالشوق يحترق

روحي بالنوى ارق

طيفي بك يصدق

يا سيدتي كل التفاصيل أنت ..

——————–

أحب شفتاك…

لوركا بيراني

في الساحة الثقافية الأوروبية اليوم، نلمح زخماً متزايداً من التحركات الأدبية والثقافية الكوردية من فعاليات فكرية ومهرجانات وحفلات توقيع لإصدارات أدبية تعكس رغبة المثقف الكوردي في تأكيد حضوره والمساهمة في الحوار الثقافي العالمي.

إلا أن هذا الحراك على غناه يثير تساؤلات جوهرية حول مدى فاعليته في حماية الثقافة الكوردية من التلاشي في خضم عصر…

محمد شيخو

يلعب الفن دوراً بارزاً في حياة الأمم، وهو ليس وسيلة للترفيه والمتعة فحسب، ولكنه أداة مهمة لتنمية الفكر وتغذية الروح وتهذيب الأخلاق، وهو سلاح عظيم تمتشقه الأمم الراقية في صراعاتها الحضارية مع غيرها. ومن هنا يحتلّ عظماء الفنانين مكاناً بارزاً في ذاكرة الشعوب الذواقة للفن أكثر من الملوك والقادة والأحزاب السياسية مثلاً، وفي استجواب…