المثقف الكوردي يعيش العزلة

زيد محمود علي* 
ما طرحه علي حرب بمقولته الشهيرة ان (( المثقف بات اعجز من أن يقوم بتنوير الناس ، إذ هو الذي اصبح يحتاج إلى التنوير )) .. انا اتفق مع حرب في نقطة جدية هي ان المثقف او النخبوية آلت الى العزلة الهامشية ، كما نرى ان اكثر الفئة المثقفة حينما تمتلك شيء من المعرفة تجعله بالابتعاد عن الناس والعزلة اصبحت العملة النادرة للنخبة ، وهي الحالة التي يرتاح لها المثقف باعتبار العزلة شيء ملازم لجميع المثقفين باعتبارهم اصحاب عقل وفكر والآخرين جهلاء … وانطلاقا من ذلك فأن اي فرد في المجتمع او من الجمهور حتى وان كان لا يعمل في الحقل الفكري ويكون من اصحاب العمل اليدوي ، فأن (( لا انسان بلا ثقافة )) فالثقافة ليست محتكرة لنخبة معينة ، ولكن المثقف صاحب المعرفة والفكر إذ يؤكد على هامشيته ويمارس عزلته وتوحده إنما يتخلى عن مهمته الرسولية كمدافع عن الحرية والقضايا العامة ، لكي يغدو مجرد كاتب يعبر عن تجاربه ومعايشاته .
 وتلك هي المفارقة ، والمثقف يفقد أهميته وتقل فاعليته . رغم ان سلطة المثقف ليست سلطة مادية أو اقتصادية ، بل هي سلطة رمزية أي سلطة الكلام والكتابة ، مقابل سلطة السيف والمال ، ولكن الاولى سلطة مهمة جدا” لأنها تمارس سلطتها على على العقول والافكار والمعارف ، وعلى مر الدهور كان لسلطة المثقف هو الصراع مع السلطة على طول الخط … منذ الصراع التاريخي بين الكاهن والحاكم أو بين الفقية والسلطان واليوم بين المثقف والسياسي ، من خلال تنوير الناس وتحريرهم ، ولكن اليوم في المرحلة الحاضرة  لدي سؤال هل ان المثقف الكوردي  له تأثير على النظم السياسية في المجتمع لنأخذ نموذج مجتمعنا ، فلا اعتقد فماهي الاسباب .. فالعزلة في مقدمة ذلك ، اي عزلته عن الناس ويقع اسير أفكاره ، فيقول : علي حرب فليتواضع أهل الثقافة والفكر . انهم ليسوا نخبة المجتمع أو صفوة الأمة إنما هم اصحاب مهنة كسائر الناس . ولا أفضلية لهم على سواهم من العاملين والمنتجين في سائر مجالات العمل وقطاعات الإنتاج ، وإذا كان البعض يعطي امتيازا” لأهل الفكر على سواهم ، باعتبار أن الإنسان هو كائن ميزته أنه يفكر فإن عمل الفكر سيف ذو حدين : قد يكون أداة كشف وتنوير ، وقد يكون أداة حجب وتضليل ، ولا عجب فالمرء بقدر ما يوغل في التجريد أو يغرق في التفكير ، ينسلخ عن الواقع المراد تغييره أو يتناسى الموجود في مورد العلم به . ولهذا فإن صاحب الفكر الحيوي المتجدد ، يبقى على قلقه ويقيم في توتره المستمر بين الفكرة والحدث ، او بين النظرية والممارسة . إنه من يحسن صوغ المشكلات ، لأن مشكلته هي دوما” مع افكاره ، ولاحظت مثقفين كورد عايشتهم سنوات طوال ، فهم انواع من هم انعزلوا نهائيا وعاشوا حياتهم وهنالك ندوات أسبوعية لربما يشارك فيها كما تقام في اتحاد الكتاب الكرد ويشارك في بعض مداخلات أو نقاشات وهذا غير كافي ، وهنالك البعض من المثقفين الكورد من الانتهازيين اتخذوا الأحزاب وسيلة للوصول إلى مناصب في الحكومة  ووظفوا عقولهم وثقافتهم في الوصول ، واذن لا دور للمثقف في هذه المرحلة ، إنما المثقف لذاته ، بينما في الزمن الماضي أراد ماوسي تونغ أن يقوم بثورة ثقافية ، طالب المثقفين بالانتفاض وإقامة الثورة الثقافية التي جرت في الصين وكانت على كاهل المثقف  فمثقفنا اليوم اين موقعه من الاعراب
* كاتب وصحفي من اربيل  
zaidmahmud12@yahoo.com

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

حاورها: إدريس سالم

ماذا يعني أن نكتب؟ ما هي الكتابة الصادقة في زمن الحرب؟ ومتى تشعر بأن الكاتب يكذب ويسرق الإنسان والوطن؟ وهل كلّنا نمتلك الجرأة والشجاعة لأن نكتب عن الحرب، ونغوص في أعماقها وسوداويتها وكافكاويتها، أن نكتب عن الألم ونواجه الرصاص، أن نكتب عن الاستبداد والقمع ومَن يقتل الأبرياء العُزّل، ويؤلّف سيناريوهات لم تكن موجودة…

إبراهيم أمين مؤمن

قصدتُ الأطلال

بثورة من كبريائي وتذللي

***

من شفير الأطلال وأعماقها

وقيعان بحارها وفوق سمائها

وجنتها ونارها

وخيرها وشرها

أتجرع كؤوس الماضي

في نسيج من خيال مستحضر

أسكر بصراخ ودموع

أهو شراب

من حميم جهنم

أم

من أنهار الجنة

***

في سكرات الأطلال

أحيا في هالة ثورية

أجسدها

أصورها

أحادثها

بين أحضاني

أمزجها في كياني

ثم أذوب في كيانها

يشعّ قلبي

كثقب أسود

التهم كل الذكريات

فإذا حان الرحيل

ينتبه

من سكرات الوهم

ف

يحرر كل الذكريات

عندها

أرحل

منفجرا

مندثرا

ف

ألملم أشلائي

لألج الأطلال بالثورة

وألج الأطلال للثورة

***

عجبا لعشقي

أفراشة

يشم…

قررت مبادرة كاتاك الشعرية في بنغلادش هذه السنة منح جائزة كاتاك الأدبية العالمية للشاعر الكردستاني حسين حبش وشعراء آخرين، وذلك “لمساهمته البارزة في الأدب العالمي إلى جانب عدد قليل من الشعراء المهمين للغاية في العالم”، كما ورد في حيثيات منحه الجائزة. وتم منح الشاعر هذه الجائزة في ملتقى المفكرين والكتاب العالميين من أجل السلام ٢٠٢٤…

ابراهيم البليهي

لأهمية الحس الفكاهي فإنه لم يكن غريبا أن يشترك ثلاثة من أشهر العقول في أمريكا في دراسته. أما الثلاثة فهم الفيلسوف الشهير دانيال دينيت وماثيو هيرلي ورينالد آدمز وقد صدر العمل في كتاب يحمل عنوان (في جوف النكتة) وبعنوان فرعي يقول(الفكاهة تعكس هندسة العقل) وقد صدر الكتاب عن أشهر مؤسسة علمية في أمريكا والكتاب…