إبراهيم اليوسف
“ماالذي أحزنك هكذا ياروكا؟
انظر، ياللهول، إنهم يجعلوننا أهزوءة!”
د. عامرالأخضر
صحيح، أنه ومن باب – المجاكرة- فحسب، تتوزع، يومياً، ومنذ حضور الواتس في حياتنا الافتراضية بقوة، على نحو خاص، وهكذا بالنسبة إلى وسائل التواصل الاجتماعي، بعامة، فيديوهات يكون في أحد طرفيها الرجل في موقع المعتدى عليه، وفي الآخر- أي في المقابل- تكون المرأة هي المعتدية، أو العكس، عبر دكتاتورية أحدهما، وخضوع أحدهما للآخر، وغير ذلك مما تتفتق عنه مخيلات “بعضهم” من أبناء المجتمعات الكونية، لأننا نجد مثل هذه الفيديوهات بلغات عديدة: الإنكليزية- الألمانية- الفرنسية- الصينية- العربية- الكردية- إلخ، مما وقع بين يدي،
إلا إن وتيرة مثل هذه الفيديوهات ارتفعت منذ بدايات انتشار فيروس كوفيد19، على نحو يكاد يكون استباقياً، لاسيما في ما يتعلق بالحجر الصحي، إذ ارتأى بعض مصدري هذه الفيديوهات أن خلافات كثيرة ستظهر في البيت الكوني، بين الرجال والنساء، وإن الرجال لم يكونوا ليطيقون منازلهم، بينما كانت النساء أسيرات البيت – وكلا الافتراضين نسبيان- إذ لم تعد المرأة أسيرة البيت، ولم يعد الرجل غريب الدار، بل ثمة بيوت جد كثيرة: الرجل والمرأة فيها يعملان، بسوية واحدة، خارج البيت، بينما الأبناء والبنات يواصلون دراساتهم، أو أعمالهم.
وإذا كانت هذه الفيديوهات يتم قبولها، على نطاق واسع من قبل – العوام- نساء، ورجالاً، في آن واحد، وإن كان هو أو هي المعنيين – كجنس- إلا أن هنالك أصواتاً أنثوية تذمرت في أحيان كثيرة من الحيف الذي وقع ويقع على كاهل المرأة، وإن كانت هذه الأصوات تنظر إلى المسألة من جانب واحد، بل وإن كان الأمر أشبه بضرب فني، إلا هاتيك الفيديوهات التي تمعن في الإساءة إلى المرأة، لاسيما تلك التي تتسوق من خلال تعكزها على مفاتنها، أو سوى ذلك.
وهنا، أتذكر، أن أكثر هذه الفيديوهات، إن لم أقل كلها، ماعدا حالات طفيفة- وأعني ما وقع منها بين يدي- تشارك المرأة نفسها، أو تؤدي هي نفسها دورها خلالها على نحو ساخر، تهكمي، في مواجهة الرجل، أو حتى تنقده، إذ لا نكهة، ولا مصداقية، ولا معنى لتلك الفيديوهات التي يؤدي فيها الرجل دور الناقد للمرأة ضمن البيت، أو سوى ذلك، خارج روح السخرية المنصفة والهادفة والمدروسة.
ولرب امرأة تقول: ثمة تجن يتم بحق صورة المرأة، في مثل هذه الفيديوات لاسيما تلك التي تتناولها في ظل انتشار الوباء الكوفيدي، لأن ما يتم الإشارة إليه هو مبالغ فيه، وغير واقعي، وهذا صحيح، كما إنه لرب رجل يجيب هنا: إننا نسخر من أنفسنا. نسخر من جميعنا، وروح الدعابة لهي مطلوبة منا، وإن سخرياتنا هذه – إن كانت ضمن حدودها الطبييعية- فإنها جد مقبولة، وهي تروح عن الناس، وهم في حالات الحجر الصحي الكوني، بل قد تلفت الانتباه – في بعضها- إلى ظواهر ما بغرض تجاوزها، وأيا كان رأي الطرفين، فإن السخرية يجب أن تقدم على نحو مسؤول، وليس لأجل نشر ثقافة تشويه صورة طرف لدى المجتمع: الأبناء والبنات والرجال والنساء أنفسهن، بل أن تتناول بوعي عميق، وألا تكون شعبوية، اعتباطية!
الحديث في هذا الشأن لابد وأنه يتطلب دراسات مطولة، من قبل المختصين، لاسيما بعد انتشار ظاهرة هذه الفيديوات التي توزع عبر أنحاء العالم، بالمليارات يومياً، بالرغم من أن الشركة الراعية لواتس آب- وهي نفسها الراعية للفيس بوك- قد قلصت عدد الرسائل الممكن إرسالها، دفعة واحدة، من أكثر من مئتي وستين رسالة إلى خمس رسائل فقط، وفي هذا ما يدل على معرفة أولاء بمدى تأثير رسائل الواتس – بأكثر من غيرها- ولئلا يتم استخدامها تجارياً، ولأغراض غير مناسبة، وغير مدروسة!؟