ليلى قمر / ديريك
كم من بيت ستخلينه ياالحزينة انت الى جديد تستقرينه ، وفي كل واحدة منها أثر وذكرى واحلام ستخلفين ، وكم من حي ومدينة ستترسخ في ذاكرتك الحبلى اصلا بكثير من جمائلها .. و .. هي ذكرياتها بأنينها تحفر عميقا في قاع وجدانك .. ومع هذا ؟! أدرك يا بلدتي أنت وبقيت بلدتي وكعش أصر طائره أن يبقى شامة في الأفق أو ؟ لا لا علامة لبقعة وربما إشارة لعابر سبيل كان ، نعم ، كم من منزل رتبت فيها حوائجك وكعين لاقطة حدقت في كل زواياها ورأسك مثقل بأشياءك فتقتطعين مساحة تلك البيوتات كانت وبمخيالك تحملين أشياءك تضعينها وتقدمينها او تؤخرينها تقيسين الشيء والبقعة وجمالية المنظر كما شبابيك بيتك وإطلالاتها وهن ذاتهن الورود والفسحة التي إعتدت إقتعادها – وهاجس مرئياتك بشمالها الابيض دائما بثلوجها وشرقها بوهج إشعاعات شمسها ياالحزينة أنا وتلكم الأسطح تفاوتت فيها طبقاتها كما قممك يا الجبل الأشم انت ..
أجل ياالحزينة أنا وهن جداتنا كن ترتلن فينا عشقكم ياالجبال وأمهاتنا تغنين لنا اهازيجا عن أطلال باتت فينا مروجا وتلالا ، وهي الينابيع كما السواقي وتلكم الشتلات لنعناع مائي يا اللله ؟! لازلت اتذكر ميلانهم مع دفق الماء وذلك السؤال العفوي – أماه هل هذه الشتلات ترقصن .. لا لا ياطفلتي انها تتمايل فحسب و .. عمرك لم تقوليها انت أمي ؟ بل فهمتها لوحدي ؟! أجل لوحدي فهمتها يا امي ! حينما دنوت من بضع شتلات منهن لاقطفهن ومعها تلك الوقعة وماء الساقية يجرفني .. نعم ياالحزينة أنا ! فهاهي تماما كما كان ومنذ سالف زمن طويل طويل جدا وإن ما تجاوز عشرة أعوام ! .. كنا وكانت ربوعك ياالشام دمشق أنت وفسحتك الملأى بأحواض ورود مختلفة تضفي عليها الزهور بأريجها والياسمين ! رباااه ياالياسمين عنوان دموع ازلية انت .. ألله يا ربي ! ما اجملكن وما اطيب فوحكن وهاهي ! اجل وهاهي تتدرج مع النسيم برائحتها فتمتزج كانت برائحتك ياالقهوة الصباحية فيبدو الافق ومعه قاسيون باكمله وكأننا جميعا كنا على موعد تألقنا فيه مع زقزقة تلك العصافير والقفص اللئيم يطوقهما وفي داخلك انت مقت كبير لذلك ! وهو المقت كان ابدا هاجسك وكرهك من احتجاز ذلك الجمال بثنائيته ، ورغم محاولاتك البائسة للإنسجام مع كآبة الثنائي ! لكن التآلف فرض ذاته وكنوع من المصارحة مع الذات ومعك ! هاهما وزقزقة التغاريد تلاطف بيئتك ونسمات بدت تنعكس على احواض ورودك وهن تتألقن وتينعن وعصافيرك تطير ، لا لا ؟ ترفرف بالهوينى وتنط فتستغل فسحة الحرية وبمنقاريهما يتنقطان الماء من ذات الصحن وانت تتقصدين دوما وضعها بين الشتلات .. كم هي روعة فسحة الحرية ياالعصافير رغم ضيقها و .. ما أنقاها من لوحة ذاهية ماعكر صفو تلاحمهما إلا لحظة بعادك بعد ان تركتيهما ! .. لا لا لقد اهملت وتركت كل شيء تلازم مع روحك في سنين طوال ! ربااه ؟ كم أنا مسكينة صدقوني ؟ .. فها انذا كما سالف تلك السنين ! مرغمة على ترك منزلي الجميل .. مملكتي وهاهما عيناي كما هيجان روحي تنزف ألما ياألله ؟! وهو البرد كما جليدك دمشق وقد زحف مع ثلجك المنتوف كان رخوا ولكن ؟ هو الأزيز يادمشق وهي لفحات هواؤك وقد عصف بالنتف فتصلبت كما صخورك جليدا قحطا والبرد هيمن على النفس والضجيج تحول الى قشعريرة وبات الجسد كماهي تلالك قاسيون مسلوبة الإرادة ، فقط هما العينان وقد اغرورقتا بالدموع ، واختلط النحيب يمتزج بسريالية مؤلمة ويصيغ السمع الى همسات القهر و .. ها انت تدندنين وتبكين وتنظرين فتتغنين بعش أنقتموها بدفء حنان وذكريات جذلى ! .. هي الجنة كانت وهاانتم تنزحون منها عنوة كما الريح العتية تقصف برؤوس الاعشاب وتتطاير بها ومن جديد : عنوة والى مجهول غامض .. هي الدروب وإن تفرعت ، لابل وحتى ان توحدت وصارت دروبك درب يتيم ؟ أفلا يجعلنك تائها ومخاض تلك الدروب ؟ .. اللعنة ياالدروب كم واحد أسقطتيه في منعرجاتك ؟ .. ويحي لكم ؟! نعم ويحي لكم وهاهو الألم المتراكم يادمشق وها انا وإن عدت اليك يا جذوري .. وها انذا ؟! وكمن استفاق من احلام تشابكت وتداخلت ! ولكنها استقرت – وكجلمود صخر – في الصميم من وعيي ! .. أجل ؟ ! ها أنذا من جديد ! وها أنت ثانية يا بلدتي .. هيا .. هيا ؟ ضميني كما امي وقد ضمتني قبل قليل ؟ اجل .. ضميني مثلها انت وهي امي التي ضمتني قبل قليل ؟ أتدركين ؟ وكمن فاقت من غيبوبة او حلم تداخلت فيها الكوابيس بأشكال وألوان .. ضبضت من هيئتها وجلستها ومن ثم كمن تخاطب نفسها خاصة عندما حامت بها عيونها وكبرجكتور تأملت الأغراض المتكدسة في الصالة وهي المرهقة حتى اعماق اعماقها وأفكارها التي شردت فيها من مكان الى بقعة فمكان ! فعلا هو الرحيل ومنه رحيل وإليه الرحيل الذي هو من يفرض أنين فراقه .. ما أشبه اليوم بأياماته وما أغرب الحلقات التي وان اختلفت في مفرداتها ولكنها مثل ذلك المثل الذي يقول – كل الدروب تؤدي الى الطاحونة – الفراق يبقى هو فراق والترحال ابدا سمته حنين يبقى وعشق للعودة الى المكان ! .. والرحيل مهما ثقلت اوجاعه قد يخفف المكان الجديد بعض من اوجاعه ولكن ؟ أجل ياطفلتي التي اجبرتها الأيام وبحكم الشرائع أن تكبر قبل النضوج ! يبقى مكانك الأول دائما هو القياس الذي ستقارنين بها ماهو آت .. عادت بذهنها الى أشيائها وأزاحت بعض من قطع الأثاث و .. ياااه !! كعدسة لاقطة كانت عيناها قد لمحت عصفورين يزقزقان طائرين وواحدة تتمايل في طيرانها والآخر يلاحقها وانعطافات الطيران وشت بأنها دلع عشق وغنج والزقزقات ليست سوى انعكاس لأنغام جاذبة ليرى العشق سبيله في بوح هائم.. اتجهت الى حيث أغراضها وأزاحت بعضا من قطع الأثاث الكبيرة والقابلة للكسر .. غزت وجهها ابتسامة خفيفة مالبثت ان تحولت الى ضحكة وسط استغراب الحاضرين وبين ضحكة وأخرى وان رافقتها مسحة حزينة قالت .. لا تندهشوا ! ولا تسخروا ؟ أجل ! فأنا بكل بساطة اطبق وبالحرف نظرية التباعد بين الأشياء لئلا تتحطم مثلنا ووباء كورونا لا أكثر … أزاحت القطع الكبيرة وبعض من الاواني الزجاجية و .. لمحت أباصيص ورودها .. وعلى الرغم من أن تعب الرحيل قد هد فيها كل طاقتها ! إلا أنها ! لا .. هو كما كل رحيل سيبقى ! أجل هو كما كل رحيل أيضا علي أن أبدأ وهي نقطة الإنطلاق التي لن تكون إلا في التمسك بثروتك الغنية ياالذاكرة الثقلى بكنوزك قصص وآهات ممزوجة بصور تتشابك وتتداخل وتنفصل لتروي كل واحدة منها لحظتها ..
و .. هاهي كأية عاصفة قد تهدأ حينا أو تثور أحيانا ، وانت ياالطفلة ما كنت قد ولدت بعد ؟ ولكنها ! نعم ! هي تشبه ذات القصة بأدق تفاصيلها ؟ .. نعم ابي وانت امي وذلك البيك آب الابيض سيارة واحدة كانت في القرية حملتكما ابي وامي ونوزت وآزاد اخوايا ، ولكنها ثقلت بهموم وعذابات سنين وسنين وعيونكما تروي بصمت قصص وحكايا عمرها ما انتهت نطقا بل ؟ هي آلامكما تصلنا كانت من نبرات صوتكما ومسحة الحزن على وجوهكما .. هي هذه البلدة وها أنذا ازحف اليها إستقرارا وكلي عشق لكل شيء فيها فهي مسقط رأسي ومراتع طفولتي وهاهي لم تزل بازقتها ونهرها وشجرها ببساتينها تتناغم كلحن ازلي فتتلقطها الحروف في اسطري وتتراقص انفاسي بها مع نجواي وكأني بها ! اجل ؟ كاني بها هي ذاتها تلك اللحظات من ذات ليلة قمرية كانت ، وكخيال ظلين منعكسين ، وهي تلك القبلة وقد امتزجت بعفوية مع بعضها وانتجت ظلها المنعكس ككتلة واحدة وقد توحدت في هيكل مجسم اندمجت في عناق عميق وصاخب ، وتاهت الأشياء في انغام عشق وقد بدأت مفرداتها تتشابك مع بعضها وتختلط وكأني بها قد ملت فوضى الرحيل المتتالي وآثرت ! لابل اتخذت منحى الاستسلام وارتضت ان تصبح أداة جديدة لمكان جديد وها انت وقد تململت فيك اللحظة .. و.. هو الشرود من جديد وكديدن أصرأن يحوطها من كل صوب ، وهي سريالية الرحيل وان تعددت فيها الجهات إلا انها تصر ان تبوح بمشتركاتها.. و .. هيا هيا .. تقدمت صوب أغراضها وبكل طاقتها ركزت على نقطة عدتها مفصلية لتكون فيصلا بين انطواء لماض بما فيه من حميمة ، أو وكإشراقة كل شمس جديد ديدنه مستقبل مشرق آت .. ولكنه سيدتي ! اجل سيدتي ؟ .. نعم نعم ؟ لا تخف ؟ فأنا أدرك بأن خيمة الماضي هي التي تظلل الطريق من وهج لربما يطيح بما أستقر في قاعك ياالذاكرة السحيقة إن ما استسلمت بكل إرادتك لتدفق الأمل المستقبلي الآتي وفي قاع الروح صراع أشبه ما برحم عقيم فلا الماضي يتجرأ ليمتضي حاضره صهوة الحصان ولا الحاضر يقتنع بجدوى ذلك دون ذكرياته الحاضرة ، ولتتجلى الروح في أوج تألقها فتعتلي سدرة الحياة وحينها .. أجل وحينها ستغدو الروح ذاتها منصة ستشهد معركتها الفيصل مابين الروح وقد أغرقتها أشجان عشق وغدت لحظاتها عنف هلوسات مجنونة تأبى طمس هيام تضج في كيانها كما صخب وهدير ماءك ياالفيض في ربيع يفور فيه أريج زهورك ، هو العشق يا فتاتي انت وها انذا وكذاتها تلك اللحظة وأنا أشارك الفراشات فأرقص وانحني و .. مصممة كما حبك وبكل كياني اسعى لأحوطها .. .. اجل ! ياالذاكرة الثقلى وانت تستحضرينها ليتدفق .. هو العشق وان كان ديدنه الصمت ولكنه الهيام وبعد ان تحول فأضحى الصخب كما صوت الرعود تنتج بريقها ان في تلاحم او صدام لغيومها ! .. وهو الربيع بمزناته يفيض كما العشق وبأمواجه الهادرة يفرز وجده .. ايتها العاشقة إن لمكان وهاقد تجدد فيه ماضيه ، ام لعشق فقد عززت فيه غرزه لأمل يتجدد فيه ربيعه ابدا وهي كما شتلات ورودك لا لا هو عشق بغرام يأبى ألا يلاحظ هيام العصفورين فتطير بكما الآمال بأجنحة تصر لابل وتصمم الا تنكسر .. ما أجمل الحب حينما يصطبغ بجينة عشق تحمر لها الشفاه نضة فتتشارك كما العصفورين في لثغ شهد وان كانت حبة القمح هي مشتركا .
يا لصمتك جسدي .. وانت يا عشقي ما ابهاك .. هي تلكم اللحظات التي تشعر بها ! نعم وكجنون وقد هيمن على المكان فتبدأ وتروي في سرديتك لا تكل ابدا .. و تروي ما تصحر فيك ! .. يا ألله .. ياالله ؟ .. ما أتعس هذا الإنسياب الهائل وهو يوحي .. أجل وهو يوحي بأن القادم لابد آت وهو ربيع متاكدة انا بأنه مكان لربيعه الذي سيعانق وبجدارة كل تراتيب روحي وستختزل الماضي كفحوى لأمد .. اجل لأمد قادم وهو ابدا سيتسامى كما بعض ممن خلد في الاعالي واناشيده تصدح فيها الحناجر تراتيل تتقاذف صداها الآفاق ..
هي اللحظات ياحياة انت تبدين متعبة كثيرا ! ومع ذلك فها أنت وبهمة تنشدين ايضا من خلال لحظاتك اماني .. اماني ارتكزت على ماض وهي تناجي .. اجل ؟ .. اجل تناجي في حضرتك وانت الحاضر ها انت تسطر وبكل جرأتك واقعا يستحيل ان يخفي مافيه ، وكاي سرد ستبدأينها وتفرشين ما يسر روحك وبكل الق وعنفوان تخففين من سطوة الرهبة وتفشين وبكل شفافية عن ما كان فيه ذلك الماضي الجميل ، وسيط كنت ايها الماضي بلحظاتك تحوم وتلف وتدور في خوالجنا وتسعى بكل همتك على تهدئة لا ابدا .. بل لتقوض هيجان طاغ وتفسح في انحاء المكان الجديد نبض يستجد .. نعم نبض يستجد وما كان ليعلق على قلب القادم وبكل حنينيته لولا انها الحيطان والابواب وحتى أغطية الدار تتناغم .. نعم وتفترش القا لتسطع من تلك الجنة .. اجل تلك الجنة كانت وستبقى كربيع …. كربيع ياأيتها المعذبة انت وروحك دائما تتلاطم في امواج صناعة صورتها .. كم هي روحه في توق الى راحة اجل ؟ .. وهي تلك الراحة التي تسرد فيها وتفترش الكيان والمكان وتترنح اجل انت كما هي العاشقة الجذلى وأسطورة عشق كانت خيوطها عميقة في الذات واستدامت وككرة تلك العجوزة فلك ابت ان ترخي الليل بها او النهار …