حوار مع الشاعر زارا ابراهيم

أجرى الحوار: نصر محمد 
تأخذنا خطواتنا نحو ابتسامة حرفه المعلق في خلجات قلمه. ماعدنا نذكر خلجات المكان. فقط نرافق الصمت مع كل صرخات الورق. نرنو نحو اللامسافة. نحاول قطف المعاني من شجرة ذاته المتكئة على راحة الانعتاق. نحو عباراته الموغلة في حدائق الروح. فتطوقنا استفهامات بطعم الإحساس. وشوشة قصيدته تبسط كفها لتغرف النشيد النابض في اعماقنا. فنتشارك أنفاس أبجدية مرقمه. ونتأبط السفر نحو عاطفته بين مسرة والم. بين واقع وحلم .. انه الشاعر زارا ابراهيم ضيفنا وضيفكم في هذا العدد 
–  استاذي الكريم كيف بدأت اكتشاف موهبة الكتابة .. وكيف قمت بصقل هذه الموهبة
* اذكر انني اكتشفت ميولي للكتابة في عمر صغير نسبيا و يرجع الفضل الاساسي لشيخ الكتاب في عامودا حيث كنت طفلا مثابرا في الدوام على التجويد و هذا ما كان عامل قوة لي للوصول الى لغة عربية سليمة الى جانب لغتي الام
–  ماهو دور زارا ابراهيم ك شاعر وانسان في مايجري حوله في الحياة
*  دوري  في المقام الاول  يكمن في التاقلم و التعايش مع مستجدات ما يجري و غالبا اعالج ما يمكن علاجه بطريقة قريبة من العلم اقرب بكثير من العلاج على الطريقة الشعرية التي لا تؤتي بثمارها باغلب الاحيان
–  ماهو رأيك في الحركة الثقافية  في لبنان بشكل خاص والوطن العربي بشكل عام
* بعيدا عن الاجوبة الدبلوماسية فيما يتصل بشغف هذا السؤال لست اجد ان الحراك الشعبي و ثورات و نعرات الربيع العربي قد تركت مكانا للحراك الثقافي و لو قيد أنملة…. الحراك الشعبوي سرق من الجماهير الق القراءة الحقيقية و حاسة السمع للحن حقيقي حتى باتت النخب الثقافية اقلية قد تكون مضطهدة و منبوذة ان صح التعبير
–  استاذ زارا ابراهيم هل لك كتابات باللغة الكوردية ووما هو تقييمك للإبداع الكردي في سورية على مستوى الشعر
*  لحسن الحظ انني ولجت الى بيت الشعر الكردي من الباب الواسع لكن المافيا الادبية الكردية الكلاسيكية و المتربصة على الشبابيك قذفوني بالحجارة و منعو دخولي مهددين اهل البيت بالاضراب عن الشعر بحال دخولي… و منذ ذلك التاريخ اقرض الشعر بلغتي الام بعيدا عن الاضواء التي قد تقض مضجع خفافيش الظلام و تحرمهم من هناء النوم المريح
–  النشر الالكتروني قد برز على الساحة الادبية بشكل استقطب كثيرا من الادباء والكتاب .. هل يعتبر الأن منافسا قويا للنشر الورقي
* للنشر الالكتروني ميزات قليلة و عيوب كثيرة و هي لا ترقى بافضل احوالها للنشر الورقي الذي هو بمثابة التوثيق الاصيل لكل نشر حتى لو كان محبوه في تراجع مضطرد
– هل تعتبر الشعر موهبة متأصلة فيك أم هي مجرد هواية تحب ممارستها.
* الشعر بالنسبة لي هي علاقة فيها مساحة شاسعة من الحميمية بين ورقة وو قلم و بين معاناة و بوح و لولا تلك الهبة الالهية يخيل لي انني كنت سامارس الموهبة الشعرية بصنعة اخرى او حرفة ما في مكان ما
–  هل تخشى على الحركة الادبية من الاوضاع السياسية الحالية وتوجهاتها المحافظة على حرية الأبداع
*  العلاقة بين السياسي و الشاعر يشبه العلاقة بين اي نقيضين يتعايشان لكسب لقمة العيش…. السياسي لمنع حزبه من التضور جمهورا و الشاعر لمنع كلماته من التضور عزلة.
– ما هو الشيء الذي يخيفك ..في الحياة و ما هي توقعاتك للغد…
* لم اتهرب من شيئ في حياتي خوفا و هلعا سوى ركوب البلم… و الغد ييكون اجمل بالتاكيد بدون بلم
– من هو الشخص الذي تتلعثم أمامه حروفك وتعجز عن التعبير كما تريد
* اقرأها كعادتي لرفيقة دربي لكنني اخطئ  التوقيت فعادة ما تكون منهمكة في عمل ما و قراءتي تذهب ادراج الرياح 
– لمن تقرأ حروفك قبل نشرها
* هو الشاعر او الشاعرة التي فقد عينا او يدا او ساقا في ساحات القتال….. احس بقزميتي امامه حين كان يقاتل بالنيابة عني بينما كنت وقتها اهنأ بحب العائلة 
– ماهي ابرز المشاكل التي تعتقد انها تواجه الشعراء والكتاب هذه الايام وانت خاصة
*  الشاعر ليس كائن مستثنى من حالة الفوضى اليومية… فوضى اللهاث نحو الخبز اليومي للاسرة و الشاعر الحقيقي هو الذي يرى في الشعر اولوياته الاخيرة عندما يجوع الاولاد و يكون البيت بحاجة الى قطعة زاد في بيت تفور منه عبق القصائد
–  هناك مصطلح يقول .. ان الادب هو الكلام الجيد الذي يحدث في نفس القارئ لذة فنية سواء كان هذا الكلام شعرا او نثرا مارأيك بهذا الكلام
*  الكتابة الابداعية التي تعجز على إشعار القارئ المتذوق على انه يسكن حفل العاب  نارية و مفرقعات هي كتابة فاترة لا تستحق عناء التمعن و هدر الوقت
– أعرف ان علاقاتك الاجتماعية محدودة ..  هل هذا بسبب طبع خاص بك ام بسبب حدث أثر سلبا على قناعتك .. و ما رأيك بالصداقة
*  انا لست انطوائيا و منفتح و متفائل لكن حظوظي سيئة في انتقاء اصدقاء لهم ديمومة طويلة و الصداقة كلمة لها قدسيتها و هي لا تقل اهمية عن الابوة و الاخوة  لكن….
–  هل الحديث في السياسة يقلل من رصيد الكاتب والشاعر لدى محبيه ومعجبيه
* ليس على الشاعر الخروج من النص و بالتاكيد سوف يعلن افلاسه لدى محبيه قبل خصومه اذا تدخل بالسياسة بشكل سيئ و خاطى
–  من هم الشعراء والادباء والنقاد المفضلون لديك والذين تأثرت بكتاباتهم محليا وعربيا وعالميا
*   انا مزاجي جدا في انتقاء شخصية ادبية مرموقة و قد يكون لحدث ما او موقف منه سببا وجيها اتخذه لاخراجه من ذائقتي احببت و ما زلت بيكاس و بيشيو الكرديان و سيفاك و اسحاقيان الارمنيان و ما زلت شغوفا ب انسي الحاج و ممدوح عدوان و كثر لا اجد وقتا لحصرهم في هذه الزاوية الضيقة
–  هل لك محاولات اخرى غير الشعر ك القصة او الرواية او النقد
*  لم احاول في الحقيقة و اكتفيت بواحة صغيرة من الشعر
–  يقال ان الابداع وليد المعاناة والالم ولا يوجد شاعر واديب او فنان مبدع إلا ومر في تجارب كثيرة وذاق االمعاناة والالم هذا مما صقل موهبته وفجر عنده طاقات الابداع .. هل هذا صحيح .. مارأيك
*  المعاناة هي الماسة الزرقاء التي تجعل العتمة مشعة في جوف الشاعر….. و معاناتي كانت و لا تزل على ذات اللحن الرخيم، و ذات مفتاح الصول فما زلت متنقلا و ما ان استقر لبعض الوقت حتى اعاني التهجير مجددا لسبب او لآخر… لكن معاناتي الكبرى توجتها احتراق والدي في حادثة حريق السينما المشؤومة في عامودا التي اورثني ابي منها الحزن و العزلة و معاناة الخوف من الفقدان في كل أوان.
– بأي لغة تجد نفسك استاذ زارا، ,أنت تجيد العربية، الأرمنية والكردية، وأي منها تستوعبك وتعبر أفضل عما في داخلك ؟
* بالكردية بالتاكيد كونها كانت المفتاح للولوج الى ثقافتين جميلتين…. حتى عندما اكتب بالعربية يكون تفكيري بلغتي الأم
– هل يعتمد الشاعر زارا   في كتابة القصيدة الكوردية على العروضية ام الكلاسيكية ؟
*  لم اكتب يوما شعرا مقفى انما استفدت كثيرا في قراءات شعراء كثر كتبو على القافية في زمن القافية 
–  كيف نفرق بين ماهو ابداعي وما هو ادعائي بأسم الادب  المكتوب سواء كان شعرا أو رواية أو قصة
* الناقد الحقيقي و المغربل الاصح لاي عمل هو القارى…. و القارئ بفطرته و فطنته كائن ذكي و حاذق و يستطيع التفريق جيدا ما بين الادعائي و الابداعي بكل سهولة.
–  ماهي القضايا الثقافية العربية التي تستحق منا الوقوف عندها بعد مرور عقد على الالفية الثالثة
* الثقافة قد تتوقف عن كينونتها كثقافة ان لم تتماشى مع المحيط الجغرافي و قد يكون المشهد الثقافي العربي هو في المصاف الاخير مقارنة مع جوارها و السبب هو غياب آليات التحفيز و اجبار اصحاب المكتبات الثقافية الى تحويل متاجرهم الى مطعم او محل بوتيك هذا عدا عن تخلف الركب العربي الرسمي في تحفيز الاموال الكافية للبحث العلمي سواء في الادب او الزراعة او العلوم المختلفة
– النقد يهدف لإضاءة العمل الابداعي .. كيف تنظر للعلاقة القائمةبين القصيدة والنقد في مشهدنا الشعري الراهن
* للاسف الشديد و كتجربتي المتواضعة في الشعر استطيع القول ان اقلام النقاد لا تحبذ سوى الاضاءة على التجارب النسوية و منعا للتهكم لي تجربة مريرة فحينما كنت انشر في زمن ما في الدوريات لم اكن وقتها انشر صورة بروفايلي و كان هنالك سباق محموم لاصحاب دور النشر و بعض النقاد للاشادة بكتاباتي و ترجمتها الى عدة لغات و عندما حان الوقت لاكشف عن شخصية الشاعر و ليس الشاعرة كما كانو يتمنون ذهبو هم و بقيت ذات قصائدي بلا سفراء ينقلونها من ضفة الى ضفة بخفي حنين
– لكل شخص امال وطموحات.. ماهي امال وطموحات الشاعر زارا ابراهيم
* طموحي ان تتم ازالة الحدود المصطنعة بين سكان المعمورة و يتحابو فيما بينهم بعيدا عن فارق الديانات و العرق
وفي نهاية حوارنا  أتقدم بجزيل الشكر إلى شاعرنا الأنيق زارا ابراهيم  لقد كنت صديقنا الأقرب. عرفنا اكثر واحببناك اكثر شكرا لروعتك ولمجهودك ولاتساع صدرك
زارا ابراهيم
– من مواليد بيروت 1971
– درس الصفوف الابتدائية الاولى في عامودا بعد نزوح والديه جراء الحرب الاهلية اللبنانية في العام 1975
– عاش حياته متنقلا منذ اوائل الثمانينات بين حلب و بيروت
– تعلم الكردية و الارمنية بالتزامن و بمجهود شخصي و ادبهما المكتوب في عمر صغير
– له ديوان شعر باللغة الكردية قابع في الحجر المطبعي حتى اليوم
– يعيش حاليا في لبنان و يعمل  كمتطوع في منظمات شريكة مع مفوضية الامم المتحدة قسم التعليم لاطفال اللاجئين
– متزوج و لديه اربعة اطفال .
Lotkėn xemgīran .
Carna ….
Ez jī wek we
Divėm ku lotka bidim 
Lė ??
Ne tenė bi du lingan 
Bi lėvėn xwe ..
Ū .. vė tergizeya bi şewat 
Bi çavė xwe ..
Ū .. vė hindefa kūr 
Bi lepėn xwe ..
Ū .. vė leylana līrandī
Bi porė xwe ū vė berfa mişext
Bi bextė xwe ū vė teniya sipī
Bi dengė xwe ū vė hawara kedī
Bi giriftariya xwe …
Ū .. vė azadiya ku hīn ū hīn …rizgar nebūye 
Ū dawiya dawī 
Bi ling ū gopalėn xwe 
Ū vė zemina razayī 
Li ser 
Hemū endamė min ėn şiyar 
Dė īcar rûnên 
Rûnên û fersendê bidin 
Ku ez lotka bidim .
هلهلات الحزانى .
احيانا 
تعتريني الرغبة مثلكم بالتراقص 
لكن ليس فقط بواسطة القدمين 
بل
بشفتاي و هذا الخطر المحترق 
بعيناي هاتين … و هذه الهاوية السحيقة 
بكفا يداي …
و هذا السراب المزغرد 
بالشعر الذي يكسو رأسي …
و هذا الثلج النازح 
بنجم طالعي …
و هذا الهباب الابيض 
بصوت حنجرتي ..
و هذه الصرخة المدجنة 
بحالة الأسر التي اعيشها  …
و هذه الحرية التي لم تتحرر بعد 
و في النهاية 
اتوق للقفز بقدماي و عكازاي 
و هذه الكرة الارضية 
التي تسترسل للنوم فوق كل بقعة يقظة من جسدي …
أفلا هدأتم 
و جلستم قليلا 
فقط ليتسنى لي ان امارس بعض الرقص

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

حاورها: إدريس سالم

ماذا يعني أن نكتب؟ ما هي الكتابة الصادقة في زمن الحرب؟ ومتى تشعر بأن الكاتب يكذب ويسرق الإنسان والوطن؟ وهل كلّنا نمتلك الجرأة والشجاعة لأن نكتب عن الحرب، ونغوص في أعماقها وسوداويتها وكافكاويتها، أن نكتب عن الألم ونواجه الرصاص، أن نكتب عن الاستبداد والقمع ومَن يقتل الأبرياء العُزّل، ويؤلّف سيناريوهات لم تكن موجودة…

إبراهيم أمين مؤمن

قصدتُ الأطلال

بثورة من كبريائي وتذللي

***

من شفير الأطلال وأعماقها

وقيعان بحارها وفوق سمائها

وجنتها ونارها

وخيرها وشرها

أتجرع كؤوس الماضي

في نسيج من خيال مستحضر

أسكر بصراخ ودموع

أهو شراب

من حميم جهنم

أم

من أنهار الجنة

***

في سكرات الأطلال

أحيا في هالة ثورية

أجسدها

أصورها

أحادثها

بين أحضاني

أمزجها في كياني

ثم أذوب في كيانها

يشعّ قلبي

كثقب أسود

التهم كل الذكريات

فإذا حان الرحيل

ينتبه

من سكرات الوهم

ف

يحرر كل الذكريات

عندها

أرحل

منفجرا

مندثرا

ف

ألملم أشلائي

لألج الأطلال بالثورة

وألج الأطلال للثورة

***

عجبا لعشقي

أفراشة

يشم…

قررت مبادرة كاتاك الشعرية في بنغلادش هذه السنة منح جائزة كاتاك الأدبية العالمية للشاعر الكردستاني حسين حبش وشعراء آخرين، وذلك “لمساهمته البارزة في الأدب العالمي إلى جانب عدد قليل من الشعراء المهمين للغاية في العالم”، كما ورد في حيثيات منحه الجائزة. وتم منح الشاعر هذه الجائزة في ملتقى المفكرين والكتاب العالميين من أجل السلام ٢٠٢٤…

ابراهيم البليهي

لأهمية الحس الفكاهي فإنه لم يكن غريبا أن يشترك ثلاثة من أشهر العقول في أمريكا في دراسته. أما الثلاثة فهم الفيلسوف الشهير دانيال دينيت وماثيو هيرلي ورينالد آدمز وقد صدر العمل في كتاب يحمل عنوان (في جوف النكتة) وبعنوان فرعي يقول(الفكاهة تعكس هندسة العقل) وقد صدر الكتاب عن أشهر مؤسسة علمية في أمريكا والكتاب…