إبراهيم محمودللكبير والصغير
للرجل والمرأة، أو بالعكس
للمطلّق أو المطلَّقة،
المتزوج أو المتزوجة،
للحبيب الذي هو على موعد حار مع حبيبته
للكاتب الذي ينتظر ساعة إلقاء محاضرته
للشاعر المدرّب صوته ليلقي آخر قصيدة له في أمسية مرتقبة له
للسياسي الذي يفكّر في اجتماع عاجل مع رفاقه وخلافهم
لأصحاب المؤتمرات، الندوات، اللقاءات الجماهيرية
للخاطب الذي لا يصدّق متى يصبح عريساً
لـ…..لكل هؤلاء
أجّلوا كل شيء
لا أحد يفكّر في المجابهة مع أحد آخر
لا مجال لأي خصومة
لا مجال لأي حرب، إلا من به مس من الجنون الأرعن
لا مجال لمجلس أنس
لا مجال لزيارة عائلية
ثمة أكبر من كونه مفرّق الجماعات
الأهل، والأصحاب، والمعارف والأصدقاء
تباعدوا تسلَموا أكثر
زيدوا وعياً وحرصاً أنّى تحركتم
لمهووس القبلات، أجّل شغفك المميت هذا
للمأخوذة بموعد عاشقها، أجّلي متعتك المميتة هذه
لا تفكّروا فيما يجب عليكم طبخه
فيما يجب شرْبه
فيما يجب لبْسه
ركَّزوا تفكيركم بزاوية كاملة
على ما يتهددكم وأنتم لا تدرون
إياكم والمصافحة دون حذر
إياكم والنظر إلى أي كان
أي جهة، دون حذر
إياكم والتنفس بعمق دون احتراس
إياكم ولمس مقابض الأبواب والشبابيك
إياكم والصعود إلى أي سيارة غريبة
من دون قفازات
إياكم والضحك أو النظر إلى من يضحك
إياكم والدخول في ازدحام أو زحمة السوق دون يقظة كاملة
اكتفوا بالقليل القليل من الماء المغلي حتى يبرد
إياكم والوقوف أو الجلوس جوار أي كان دون احتراس
أجّلوا أحلامكم الكبرى والصغرى
أجّلوا مشاريعكم الكبرى والصغرى
اتركوا الشارع للهواء العابث والمشبوه
دعوا الأرصفة للصمت وما يحمله من مخاطر مميتة
خذوا أصغر مساحة لكم حباً بالسلامة
لا تفتحوا بابكم لأي كان دون تدقيق
لا تدعوا أحداً لزيارتكم
لا تفكّروا بأي عزيمة مهما كانت وجاهتها
اقتصدوا في كلامكم حرصاً على سلامة جهازكم التنفسي
اقتصدوا في طعامكم حرصاً على جهازكم الهضمي
اقتصدوا في أفكاركم، حرصاً على صحتكم المهددة
أجّلوا كل تفكير في لذة
أو مداعبة
أو معاشرة ما
أو استسلام لشرود أو استرخاء دون حذر
أبعدوا أي حيوان عنكم من قطط وكلاب
لا تسمحوا لأي منها بالاقتراب منكم
اخشوا الطيران المفاجىء لذبابة طائشة
أو دخول نملة إلى بيت أحكم وهي ” مكورنة “
احذروا من فتْح الشبابيك دون مراقبة الخارج
احذروا النظر إلى القمر
احذروا تأمل شجرة
احذروا النظر في يافطات المطاعم
احذروا النظر في مداخل المقاهي
فربما مفاجأة تصدمكم لا قيامة بعدها
دقّقوا في كل تغيير في ملامح بعضكم بعضاً
وأنتم آباء وأمهات
وأنتم أخوة وأخوات
ارفعوا من درجة اليقظة فوق كل اعتبار
لا تأخذكم عاطفة بأي كان كيلا ” تروحوا فيها “
ويل لعائلة إن أصيب أحد أفرادها
ويل لحارة إن أصيب أحد ساكنيها
ويل لمدينة إن تكورن أحد سكانها
التزام الداخل قدر استطاعتكم
أفضل طريقة للحد من انتشار هذا الوباء العولمي الرهيب
ليحمل كل منكم مرآة وهو ينظر إليها ما استطاع إلى ذلك سبيلاً ليطمئن إلى سلامته
ليراقب كل منكم أي حركة غير مألوفة، ليحافظ على سلامته أكثر
قلّلوا من مشاهداتكم التلفازية ومواقع التواصل الاجتماعي
فمن يعلم، ربما أسهمت في إيقاظ الكامن الخطير كورونياً داخلكم
فقط ركّزوا على الخبر الأخير لكورونا
ما إذا كان هناك من أوجد له دواء
دون ذلك لا تتعبوا أسماعكم، لتوفير طاقاتكم تحضراً لهذا الوباء المريع
لا يصرخ أحكم إن أعلِم بإصابته، لئلا يسرع في موت نفسه
وليودع أهله عن بعد
دون عناق
دون مصافحة
دون بكاء
ودون نظر طويل
ودون أي كلام ينقل عدواه إليهم
إنها لحظة الشدة والجَلد
لحظة الموت العالمي في وباء عالمي
بطقوس ابتدعها كورونا والكورونيون
إنها حسابات كورونا التي لا يعلَم من افتتحها وفي أي جهة
وبأي رمز
ليجد طريقه عبر الحدود
وإلى العالم قاطبة
وقد وحّد العالم
لا ليؤانس بعضه بعضاً
وإنما ليفتك في بعضه بعضاً
لا تتشنجوا لكل من يعاتب أياً منكم بالتقصير في الواجب الاجتماعي
لا تردوا على أي كلام يقلل من مقداركم في التواصل الاجتماعي
لا تقدّموا أي اعتذار أو تبرير لمن ينتقدكم على مخاوفكم هذه
فربما يكون هو نفسه حاضناً كورونياً أو يستخف بأمره
لا تفكّروا بموتاكم
لا تذرفوا دمعة على أي كان
فقد تكون تلك الدمعة الأخيرة لأي منكم
إنما بما تعيشونه وما يمكن أن يقع في أي لحظة
كل القيم على المحك في ظل هذا الوباء المعادي لكل حياة تعنيكم
وأنا منكم وإليكم طبعاً
فقط تسلحوا ببعض الأمل
بأن الرعب العالمي من هذا الوباء قد زال
لا تنسوا بعضكم، نعم
إنما تذكروا أنفسكم قبل أي كان
فربما تسلَمون أنتم ومن أنتم قريبون منهم
ولو في أقصى نقطة على الأرض
وحينها استرسلوا في الكلام
بمقدار المدة التي انقطعتم فيها عنه
وعسى أن تسلموا جميعاً من هذا المميت العالمي
