كتاب آخر ممتع للصديق الدكتور محمد زينو

جان كورد
وصلني البارحة هذا الكتاب الهام والممتع من الصديق محمد زينو الذي درس علم الاجتماع في الاتحاد السوفييتي واكتسب خبرةً واسعة في مجال اختصاصه عبر تنقلاته من مجتمعه الكوردي القروي في جبل الكورد (عفرين) والمدن السورية الكبيرة مثل حلب إلى مجتمعات العالم الاشتراكي والشعوب المتعددة في الأصول والأديان والعادات والتطور الاجتماعي، حيث عايش الطلاب الذين درس معهم من مختلف الملل والنحل إلى أوروبا الغربية حيث تكونت متحداتٌ اجتماعية عظيمة ذات تطوّر ثقافي واجتماعي فرضته الحياة الاقتصادية في ظل التقدّم التكنولوجي – العلمي والاندماج العظيم الذي يجري فيها بقوة منذ الحرب العالمية الثانية بشكل ملحوظ للغاية. 
هذا الكتاب من 164 صفحة من الحجم المتوسط، تم مراجعته وتدقيقه والتقديم له من قبل الأستاذ حيدر عمر الذي له مؤلفات نقدية ودراسات عديدة بالكوردية والعربية، وصمم الغلاف للكتاب وأخرجه: رضوان خليل، وقام دار خاني للأستاذ الكاتب علي جعفر بإخراجه الفني وتم طبعه لدى مطبعة (باسكي جيلد) في استانبول، وبرقم الإيداع: ISBN: 978-605-68428-4-9 يقول الأستاذ حيدر عمر في مقدمة الكتاب في (ص10): “إن شرح عملية الاندماج نظرياً لا يعني أنها سهلة التحقيق عملياً، بل ثمة مشكلات تعترض سبيلها، وتتحكّم في مسارها وسرعة أو بطء تحقيقها لا بد من التغلّب عليها…” وهذه المشكلات هي ما يسعى الدكتور محمد زينو إلى معالجتها من خلال النظر عن كثب إلى الواقع اليومي الذي يحياه كخبيرٍ اجتماعي بين المهاجرين والأوربيين على حدٍ سواء. ويقول الكاتب في مقدمته لكتابه هذا: “هذه الدراسة هي امتداد لسلسلةٍ من الابحاث الاجتماعية، التي أحاول من خلالها الغوص، ما أمكن بعمق، في حيثيات حياة الأسرة الكردية في بلاد المهجر، فهي إذاً امتدادٌ لأوّل بحثٍ اجتماعي كنت قد أنجزته وأصدرته قي عام (2009) تحت عنوان (العائلة الكردية في المهجر)، أعتقد أنه كانت الدراسة الأولى على صعيد الدراسات الاجتماعية حول أحوال الكرد في الشتات. 
يتطرّق الكاتب إلى مجال الدراسة ومنهجها، المشكلة الاجتماعية وطبيعة العلاقات الاجتماعية، الحرب السورية وأهوالها، الكرد في المهاجر وعاداتهم وتقاليدهم، أفراحهم وأتراحهم، الزواج والطلاق المتفشي بينهم، تربية الأطفال، مدى اهتمامهم بلغتهم الأم والتحديات التي يلقونها أو تعترضهم لاندماجٍ متينِ لا عودة بعده في المجتمعات الأوربية… إنه حقاً كتاب ممتع ليس فيه إغراقٌ في سرد المصطلحات العلمية وإنما توضيحٌ وتبسيط للقارىء العادي الذي يسعى لفهم مشاكل قومه في المهجر والصعوبات التي تحول دون اندماجه في المجتمعات الأوربية التي يعيش فيها الآن، ولربما سيبقى فيها دارساً أو عاملاً أو تاجراً مدى الحياة وسيعيش أولاده وأنجاله فيها من بعده، ورغم ذلك فإن خيطاً رفيعاً يظل غير منقطعٍ بينه وبين العالم الذي جاء منه طالباً اللجوء والأمن والاستقرار.
 لذا، لا يسعني إلاّ أن أشكر الصديق الدكتور محمد زينو وكل من ساعده على إنجاز هذا العمل الجميل، الذي أحاطت أقلامهم أو أناملهم بمضمونها من جهاتها المختلفة بصبرٍ وأناة، وهذه من صفات الباحث الجاد والعليم بمجتمعه… 
 02/02/2020

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

يسر موقع ولاتى مه أن يقدم إلى قرائه الأعزاء هذا العمل التوثيقي القيم بعنوان (رجال لم ينصفهم التاريخ)، الذي ساهم الكاتب : إسماعيل عمر لعلي (سمكو) وكتاب آخرين في تأليفه.
رفوف كتب
وسيقوم موقع ولاتى مه بالتنسيق مع الكاتب إسماعيل عمر لعلي (سمكو). بنشر الحلقات التي ساهم الكاتب (سمكو) بكتابتها من هذا العمل، تقديرا لجهوده في توثيق مسيرة مناضلين كورد أفذاذ لم ينالوا ما يستحقونه من إنصاف وتقدير في…

حاورها: إدريس سالم

 

في زمن الانهيارات الكبرى والتحولات الجذرية، لم يعد ممكناً التعامل مع القضايا المصيرية بمنطق الإنكار أو الاستخفاف؛ فالمشهد السياسي السوري، بكل تعقيداته وتناقضاته، بات يفرض على الفاعلين الكورد مسؤولية مضاعفة في إعادة تعريف أدوارهم، وترتيب أولوياتهم، وبناء مشروع وطني يتجاوز الاصطفافات الضيقة والانقسامات القاتلة، فالسكوت لم يعد ترفاً، ولا الشعارات تُقنع جمهوراً أنهكته…

فراس حج محمد| فلسطين

مقدمة:

أعددتُ هذه المادّة بتقنية الذكاء الاصطناعي (Gemini) ليعيد قراءة الكتاب، هذا الكتاب الشامل لكل النواحي اللغوية التي أفكّر فيها، ولأرى أفكار الكتاب كما تعبّر عنه الخوارزميات الحاسوبية، وكيف تقرأ تلك الأفكار بشكل مستقل، حيث لا عاطفة تربطها بالمؤلف ولا باللغة العربية، فهي أداة تحليل ونقد محايدة، وباردة نسبياً.

إن ما دفعني لهذه الخطوة…

غالب حداد

1. مقدمة: استكشاف “العالم الجميل الموجود”

تُقدّم مجموعة القاص والشاعر الكردي السوري عبد الرحمن عفيف، “جمال العالم الموجود”، نفسها كعمل أدبي ذي كثافة شعرية فريدة، يرسم ملامح مجتمع مهمش، ويحول تفاصيل حياته اليومية إلى مادة للتأمل الفني والوجودي. ويأتي تحليل هذه المجموعة، التي تمثل تطورا لافتا في مشروع عفيف الأدبي الذي تجلت ملامحه…