لوعة الحنين إلى أمل الراحلة بدون وداع

ليلى قمر – ديريك 
كان صباحا جميلا والعصافير في بلدتنا الوادعة تزقزق بألحانها الشجية يا أمل .. كان فعلا نهار وادع ياالأمل وقد خاب فينا الأمل وهيهات ان تبزغ فينا إشراقات شمس تكونين فيها الأمل .. عصافير تطايرن في الفضاء وصوتك يسبقك يااا .. هييييي اين انت يا أم مالك ؟ ربااه يا امل ؟ رائحة قهوتك تفوح بفضاءات الحي وانت تصرين علي ان اعوف مابين يدي ولازال صدى صوتك يطنطن في أذني ! هيا هيا خاتون ! سنشربها لقهوتي على عجالة ولن ارتوي سواها بنكهة دلتك الملأى ! حيالة انت ام مالك ؟ تتقصدين ألا اعرفها طريقتك في غليانها للدلة ؟ نعم أمل .. أتعلمين معنى أن تكوني أمل ؟ وانت كنت الأمل .. وكم من أمل أودعتيه املا وتلك البسمات زرعتيها ياالأمل على وجوه تلامذتك كنت غصنا طرحت شتلات ورود وأمل لمستقبل ربما كنت في اعماقك ياالأمل تأملينها  .. أمل : تلك الروح الهائمة في فضاءات ديريك كنت والبسمة ديدنك ربااه أمل ؟! ياالجسد وقد نال منه جهد النهار فيهرع لغفوة مبكرة تستسلم لتراكمات احلام غزت مخيلتها ، ومن جديد كان مبكرا جدا ، نعم جدا ياالأمل وقد طوقتك الأوجاع وأضحيت بلا أمل ! هو الامل يوهم احيانا ياصديقتي أمل ومع اوهامها تتوارد الأحلام وتوهم ابدا بعبق جميل موشح بكل الوان البهجة الزائفة وهي تدفع بك .. بنا .. بهم ياالجميلة ألما عشت وتشبثت حتى آخر شهقة لك بأمل الحياة ! .. 
أمل : الصبية كنت والمعلمة كما العارفة بمحيطك ، نظراتك ياالجميلة كانت تشع لا لا تبث الأمل .. كنت تصرخين بصمت .. تعفين عن الكلام لساعات طوال .. صمتك بصخبك وضحكاتك ، بكاؤك لا لا والله وانت الصديقة أمل ! كنا ندرك تماما ومن خلال ضجيج حروف صمتك : حجم الوجع ومدى الإستهجان لظلم القدر و .. رباااه يا أمل ! لازلنا نلمح ..  لا لا ابدا .. عيوننا كانت كعدسات تتلقط نظرات التحدي وصرخاتك في وجه الموت ترعبينه وبانسيابية توائمين اوجاعك ياالجميلة وتخاطبيننا : لا ترتعبوا ، لا تخافوا منه ، والضجيج يعلو ويعلو وكنت تدركين ياتوأم روحي بأنها الروح تعصف بالجسد وكصنوج لا لا هي كتصارع السيوف ، لاااا أمل الحزينة قبرة كنت تنشدين تراتيل رحيلك وصدى آهات الاوجاع وهي تتلاطم نخرا في قامتك الهيفاء جميلة كنت أمل .. هي تمرد للروح كانت .. اجل أمل ! هو تمرد للروح كنت تدركين ومع ذلك أصررت الغوص عميقا .. نعم عميقا والآلام تعصف بجسدك ياالامل وفي صميمك أدركت منذ زمن طويل بأنك اللا أمل عزيزتي وهنا كان خيارك : الغوص في غياهب النسيان ، واخترت قرارك ؟ أجل هنا اتخذت القرار يا عروسة كنت قاب قوسين من نهار مشرق تأملناه جميعا ، وهو الوجع من جديد وضجيج الروح وتقهقر خلايا الجسد والالم يتمدد وينتشر إذن فلتكن ؟ نعم أمل ؟ إذن فلتكن هي الثورة الصامتة .. نعم ثورة غير معلنة وروحك ببهائه الندي وكأني به من صخب أنينك المقموع ينتج فقط صبره وينتظر ! لا لا ينظر بلا إبالية طعن القدر في جسد طفولي وليتحول الى وجع اخذ يتضخم ، حتى  ضاقت بها أزقة الحي واعتزلت الأطفال وهي تشاركهم صمتا لأن صخب الوجع كان دائما في ضجيجه أقوى ، أن تكوني فتاة بشجون مافارقتك  للحظة وأضحيت كالطيور المكسرة أجنحتها وتعشقين بالهوينى ركود اللحظات البليدة ، هكذا كنت وهكذا أصبحت أمل رغم أنك عشت حياتك كسراب وها أنت تفارقين الحياة وانت ازحتيها من مخيلتك وأضحت كسراب وهما عيناك يا أمل من وشيتا بك بشرودهما ، وتلك النظرات الغارقة في بعدها عميقا جدا ، وهاهو جسدك المسجى وقد توشح بياضا والإكليل يزين سطح قبرك .. أجل ياالعروسة أنت ! رحلت وها أنت تغوصين بعيدا ، عميقا ، أجل امل انت الهائمة كنت في غفوة خلتيها إلى أن انقشع في مخيلتك ذلك الشبح وينكشف فيك وعليك سراب الحياة ، والروح هامت فيك وتاهت في برزخ مجهول وها أنت في دار الحق ومن خلفك تحوطنا ذكريات تضج بأماكنها ولكن ! هي حسرتنا أمل وقد تاهت فيها حضورك .. أمل : هو بلسم الروح وهفيفه وسيأبى أن يتقبل الفراغ  ! وهاهما عيناك  الشاردتان بعيدا عزيزتي والأبيض كوشاح أزلي يغطي الجسد النض وذلك الإكليل الشفااااف أمل عروسة أنت ويحنا عزيزتي ياالفرس أين فارسك كان ؟ أخاطف الروح هو أضحى بدل ان يزيح الإكليل عن بهاء وجهك فيفرشها على قبرك فتاتي .. أختي أبكيك بكل جوارحي وأضوج في فضاءات امكنتنا .. امكنتك ، وانت العروس الراحلة فلترقد روحك في ثنايا المجهول نخاله الأجمل .. ولتفعم فينا روحك تعطر ذكرياتنا وتصارع فراغا أزليا خلفتيه .. هو الفراق ياعزيزتي إذن ؟ ترحال أزلي أيضا ولكن عمره الفراغ ما ولن يستطيع ازاحة صدى صوتك ، همساتك ، بسماتك واناملك التي زرعت الجمال في كل شيء ، نعم امل ! أتتذكرين كيف كنت بروعة روحك تجعلين الخريف ربيعا يزهر ؟ والاوراق الصفر تعاود القهقرى يانعة خضراء الى اغصانها ؟ أعلم حبيبتي ؟ أجل نعلم وأتذكر مثلك مدننا الجميلة وقد تحطمت فيها التماثيل وكجليد ذابت واختفت ، وها أنت ياالفاتنة وقد رحلت ! أجل هي رحلة عزيزة مؤلمة لنا وستتأزل .. هي رحلة أبدية عزيزتي والخوض في غمارها ليس عبثا عزيزتي .. سفر لانهائي وزمن غير مرئي وهي الصدمة عزيزتي صديقتي وانا أتأمل النعش وقد سجي عليها جسدك وآلام الفقد قد خيم على المكان .. هي مملكة الموتى بسكانها الطيبين من يستعدون لتلقف جسدك الطاهر بعد أن أسدلت ستائر صالة الأفراح وأغلقت ابوابها ! فعن أي منطق غبي سنتحدث من بعدك ؟ وعن القهوة والركوة وجدل فوح رائحتها وغليانها من وماذا سنقول ؟ وعن أية رحيل نثرثر نحن الباقين وهما ؟ فهاهو الحبق والياسمين وأريج روحك المنهكة كانت تثور ضاجة في المكان .. والحزن بات ديدنه كالسؤدد يتصدر سدرة المنتهى ويعانق متشبثا بأمل البقاء ! لكنها عزيزتي ! اجل عزيزتي : ما أروع الصفاء وهو يعتلي عرش الأمنيات .. والأمل يا أمل كم استدام في جوانبه خيلاء السراب .. 
أنت السابقة وهانحن ننتظر وندعو لروحك السلام 
 ….

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم أمين مؤمن

قصدتُ الأطلال

بثورة من كبريائي وتذللي

***

من شفير الأطلال وأعماقها

وقيعان بحارها وفوق سمائها

وجنتها ونارها

وخيرها وشرها

أتجرع كؤوس الماضي

في نسيج من خيال مستحضر

أسكر بصراخ ودموع

أهو شراب

من حميم جهنم

أم

من أنهار الجنة

***

في سكرات الأطلال

أحيا في هالة ثورية

أجسدها

أصورها

أحادثها

بين أحضاني

أمزجها في كياني

ثم أذوب في كيانها

يشعّ قلبي

كثقب أسود

التهم كل الذكريات

فإذا حان الرحيل

ينتبه

من سكرات الوهم

ف

يحرر كل الذكريات

عندها

أرحل

منفجرا

مندثرا

ف

ألملم أشلائي

لألج الأطلال بالثورة

وألج الأطلال للثورة

***

عجبا لعشقي

أفراشة

يشم…

قررت مبادرة كاتاك الشعرية في بنغلادش هذه السنة منح جائزة كاتاك الأدبية العالمية للشاعر الكردستاني حسين حبش وشعراء آخرين، وذلك “لمساهمته البارزة في الأدب العالمي إلى جانب عدد قليل من الشعراء المهمين للغاية في العالم”، كما ورد في حيثيات منحه الجائزة. وتم منح الشاعر هذه الجائزة في ملتقى المفكرين والكتاب العالميين من أجل السلام ٢٠٢٤…

ابراهيم البليهي

لأهمية الحس الفكاهي فإنه لم يكن غريبا أن يشترك ثلاثة من أشهر العقول في أمريكا في دراسته. أما الثلاثة فهم الفيلسوف الشهير دانيال دينيت وماثيو هيرلي ورينالد آدمز وقد صدر العمل في كتاب يحمل عنوان (في جوف النكتة) وبعنوان فرعي يقول(الفكاهة تعكس هندسة العقل) وقد صدر الكتاب عن أشهر مؤسسة علمية في أمريكا والكتاب…

عبدالرزاق عبدالرحمن

مسنة نال منها الكبر…مسكينة علمتها الزمان العبر..

بشوق وألم حملت سماعة الهاتف ترد:بني أأنت بخير؟ فداك روحي ياعمري

-أمي …اشتقت إليك…اشتقت لبيتنا وبلدي …لخبز التنور والزيتون…

ألو أمي …أمي …

لم تستطع الرد….أحست بحرارة في عينيها…رفعت رأسها حتى لا ينزل دمعها،فقد وعدت ابنها في عيد ميلاده الأخير أن لا تبكي ،وتراءى أمام عينيها سحابة بيضاء أعادتها ست سنوات…