الوجع

بدرية دورسن – السويد *
الى أخي بهزاد دورسن المختطف قسرا منذ ٨ سنوات ..
كنقطة معلقة في آخر كلمة في القصيدة
القصيدة التي لم تكتب بعد
هكذا تبنتنا الحياة 
وبالأحرى  تبنتني الحياة
تبنتني بروح عارية 
وكأن كل الثياب التي استغرقت الملائكة 
شهورا… سنينا لحياكتها لم تناسبني
لم تناسبني 
بعد ان لفظني رحم امي قبيل مغادرتها
وبعد ان نسيت ان تأخذ الخيط الرفيع المتبقي من الحبل السري 
الملتف على اصابعي
تبنتني الحياة بروح عارية 
حيث رائحة الاوجاع تكسو الطرقات 
تلتهم القلوب الصغيرة
والاوراق المتساقطة من  الخريف 
تطفو على سطح الكون 
تبنتني  الحياة 
في ليلة حزينة 
كان وجه القمر متهدلا 
وجبين الماء قد امتلأ بالتجاعيد
يا إلهي 
كم من الفراشات لاقت حتفها قبل ان تنبت براعم الورد على اجسادهن
كم من الاسماك تختبئ في مناقير البجعات خوفا من الاشلاء التي تعلو مع الامواج 
كم من الفتيات تيتمن مثلي باكرا 
بعد ان ودعن الوطن 
ياإلهي 
وشجرة التين تلك…
 التي كنا نحكي لها عن اسرارنا…
نلهو معها نمشط شعرها  …
 نعطرها بالأغاني….. 
الآن هي حزينة 
تشعر بالوحدة ….
الوحدة التي لطالما كنا نخشاها
عندما كنا نرش الارض بالضحكات 
وكانت الملائكة تلتقطها وتلون بها السماء 
كل الظلال غابت في وحشة هذا الظلام 
 و شوارع المدينة تحولت لمقابر 
اختنقنا تحت الانقاض
 اختنقنا في السجون 
اختنقنا
بالنيران
من الدمار 
على الحدود
في دروب الغربة 
في البحار 
في افواه الاسماك 
بارتفاع الاسعار 
والآن نختنق عطشا 
كل الويلات شاهدناها لمسناه عشناه 
فماذا بعد
على مدرجات المنفى 
بعيدا عن كل شيء
قريبا من كل شيء
كل الليالي مرعبة
الآيام متعبة 
حتى الساعات تبدو مكتئبة 
اكوام من الرماد تحت  الطاولة
لا سجائر …..
لا حرائق ……
فقط
دخان يصعد من القلوب
خمول الكون كله يسطو على العيون 
كل شيء بات سرابا
ضبابا على هيئة بشر
…. 
* كاتبة كردية من سوريا مقيمة في السويد

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

دريس سالم

 

«إلى تلك المرأة،

التي تُلقّبُني بربيع القلب..

إلى الذين رحلوا عني

كيف تمكّنْتُ أنا أيضاً على الهروب

لا أريدُ سوى أن أرحلَ من نفسي…».

يفتتح الشاعر الكوردي، ميران أحمد، كتابه «طابق عُلويّ»، بإهداء مليء بالحميمية، ملطّخ بالفَقد، يفتتحه من قلب الفَقد، لا من عتبة الحبّ، يخاطب فيه امرأة منحته الحبّ والحياة، لقّبته «ربيع القلب». لكن ما يُروى ليس نشوة…

علي شمدين

المقدمة:

لقد تعرفت على الكاتب حليم يوسف أول مرّة في أواخر التسعينات من القرن المنصرم، وذلك خلال مشاركته في الندوات الثقافية الشهرية التي كنا نقيمها في الإعلام المركزي للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، داخل قبو أرضي بحي الآشورية بمدينة القامشلي باسم ندوة (المثقف التقدمي)، والتي كانت تحضره نخبة من مثقفي الجزيرة وكتابها ومن مختلف…

تنكزار ماريني

 

فرانز كافكا، أحد أكثر الكتّاب تأثيرًا في القرن العشرين، وُلِد في 3 يوليو 1883 في براغ وتوفي في 3 يونيو 1924. يُعرف بقصصه السريالية وغالبًا ما تكون كئيبة، التي تسلط الضوء على موضوعات مركزية مثل الاغتراب والهوية وعبثية الوجود. ومن المميز في أعمال كافكا، النظرة المعقدة والمتعددة الأوجه للعلاقات بين الرجال والنساء.

ظروف كافكا الشخصية…

إبراهيم اليوسف

مجموعة “طائر في الجهة الأخرى” للشاعرة فاتن حمودي، الصادرة عن “رياض الريس للكتب والنشر، بيروت”، في طبعتها الأولى، أبريل 2025، في 150 صفحة، ليست مجرّد نصوص شعرية، بل خريطة اضطراب لغويّ تُشكّل الذات من شظايا الغياب. التجربة لدى الشاعرة لا تُقدَّم ضمن صور متماسكة، بل تُقطّع في بنية كولاجية، يُعاد ترتيبها عبر مجازٍ يشبه…